ساغي: عدم التوصّل إلى اتفاق مع دمشق فشل استراتيجيعلي حيدر
رغم أن المناورة التي يجريها الجيشان السوري والتركي تهدف إلى المحافظة على حدود البلدين، وتنظيم عملية التواصل بينهما، وتنسيق النشاطات في حال حصول عمليات تسلل، فإنّ إسرائيل تتابعها «بقلق» لما تنطوي عليه من دلالات تشير إلى مزيد من التعاون العسكري الفعلي، وقد تؤدي في مرحلة لاحقة، بحسب المخاوف الإسرائيلية، إلى نقل تكنولوجيا وخبرات إلى سوريا حصلت عليها تركيا من إسرائيل.
مع ذلك، ذكرت «يديعوت أحرونوت» أنه لا توجد أيّة إشارات تدل على تسريب تكنولوجيا إسرائيلية من تركيا إلى سوريا، وأنه لن تشارك في المناورة وسائل جوية ولا طائرات استطلاع من دون طيار، من الصناعة الإسرائيلية. لكنها أضافت إن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، الموجود حالياً في واشنطن، ينوي طرح هذه القضية أمام الأميركيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن «المناورة التركية السورية تعكس استمرار تعزيز العلاقات بين البلدين، التي أصبحت أفضل مما كانت عليه خلال العشرين عاماً الأخيرة»، وخصوصاً أنها تأتي بعد ستة أشهر من إلغاء تأشيرات المرور لعبور الحدود بين الدولتين. لكنها عادت وأوضحت أن «لتركيا مصلحة في تعزيز التعاون مع الجيش السوري، تتمثل بمنع حصول عمليات تسلل على طول الحدود السورية ـــــ التركية، لكون حزب العمال الكردستاني (PKK) لا ينشط عبر الحدود العراقية فقط، بل عبر الحدود السورية أيضاً».
من جهة أخرى، وصف رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، عضو الوفد المفاوض مع سوريا، اللواء احتياط أوري ساغي، عدم التوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا، بأنه «فشل سياسي استراتيجي من الدرجة الأولى، كان بالإمكان من خلاله تفادي كل حروب العقد الأخير، وتغيير وضع إسرائيل في المنطقة جذريّاً».
ورفض ساغي، ضمنياً، تحميل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مسؤولية فشل تلك المفاوضات. وأوضح أنّ ما حال دون التوصل إلى تسوية ليس إصرار السوريين «على إنزال أقدامهم في مياه بحيرة طبريا»، بل يعود ذلك إلى «ضعف القيادة الإسرائيلية» التي كانت تتمثّل آنذاك برئيس الوزراء ايهود باراك.
خمسة رؤساء سابقين للوزراء، بمن فيهم نتنياهو، وافقوا على الانسحاب من الجولان
وعن القضايا التي كانت محور المباحثات بين سوريا وإسرائيل، رأى ساغي أنّ الرئيس السوري بشار الأسد، محقّ في قوله إنّ 80 في المئة من المشاكل القائمة بين سوريا وإسرائيل قد حُلّت. وكشف أيضاً عن حقيقة أنّ خمسة رؤساء للوزراء سابقين، من إسحق رابين حتى إيهود أولمرت، بمن فيهم بنيامين نتنياهو، وافقوا على مبدأ أن يتضمّن الاتفاق مع سوريا انسحاباً كاملاً من الجولان إلى حدود الرابع من حزيران. وأضافت «معاريف»، نقلاً عن مصادر مقرّبة من الاتصالات، تأكيدها لما قاله ساغي، مشيرةً إلى أنه جرى الاتفاق على سبل جَسر الخلاف بشأن النقاط التي يمر فيها خط حدود الرابع من حزيران، الذي كان قد أشير إليه في حينه بـ41 حجراً حدودياً.
وفيما شدد ساغي على أنه حُلّت معظم المسائل في قضايا الحدود، والأمن ومياه طبريا، التي تراجعت في السنوات الأخيرة، ما أوجد واقعاً مغايراً لما كان عليه قبل عقد من الزمن، انتقد إسرائيل التي «تجلد نفسها بعد إخفاقها في الحروب، لكنها لا تفحص نفسها بعد إخفاقاتها السياسية الاستراتيجية»، مشيراً إلى وجود حال من عدم الاكتراث الإعلامي والجماهيري تجاه الإخفاقات السياسية. ولفت إلى أنه لو حصلت عملية «صراخ بعد تفويت التسوية مع سوريا في حينه، لكان رئيس الوزراء ايهود أولمرت، الذي أجرى مفاوضات غير مباشرة مع سوريا، قد تصرف تصرّفاً مغايراً، وربما لم يكن ليسارع إلى قطع المفاوضات المتبلورة مع الرئيس الأسد والبدء بحملة عسكرية في قطاع غزة، وما كنا قد شُغلنا مرة أخرى بتحقيقات عديمة الفائدة عن حملات عسكرية لم تؤدّ إلى الحسم».
وتعقيباً على كلام رئيس الاستخبارات العسكرية، رأت «معاريف» أن الحرب تقرر مصير الشخصيات العامة، إلا أنّه لا أحد يبكي على تسوية سياسية جرى تفويتها. وكمثال على ذلك، أشارت الصحيفة إلى «حرب لبنان الثانية» التي قضت على الشرعية القيادية لأولمرت قبل وقت بعيد من فضائحه المالية، مضيفةً «إننا نتعاطى مع الحرب بجدية، ولكن الحروب التي لم تمنع لا نتعاطى معها على الإطلاق»، رغم أنها تكلف إسرائيل أكثر بكثير من الحروب الفاشلة. ولفتت الصحيفة إلى أنّ «ضباط الجيش الكبار يحذرون، منذ عقد، من أنه إذا اندلعت مواجهة مع سوريا فإنها ستكلّف حياة الكثيرين، وسنعود بعد انتهائها إلى النقطة نفسها التي يكشف ساغي النقاب رسمياً عنها الآن».
واتهمت معاريف باراك «الذي ارتعدت فرائصه في لحظة الحقيقة»، بأنه «يكرّر الشعار نفسه ولكنه لا يفعل شيئاً لتحقيقه». وحذّرت من «الحرب المقبلة مع سوريا، التي بالإمكان منعها، وسبق أن لاحت أكثر من مرة خلال العقد الأخير».