القاهرة | سريعاً، وقبل أن تكمل الحكومة المصرية الجديدة شهرها الأول بعد حلفانها اليمين صباح التاسع عشر من الشهر الجاري، بدا للمتابعين أن الرئاسة فقدت الأمل في الحكومة، أو ربما أنه تم الإتيان بالمهندس شريف إسماعيل رئيساً لها لكونه شخصاً لا يتكلم كثيراً، ولا يتحرك حتى في جولات ميدانية عادية كتلك التي كانت ينتهجها سلفه إبراهيم محلب، الذي عين مساعداً للرئيس لشؤون المشروعات القومية.
التصرفات الأخيرة للرئاسة تنبئ بعصر تتحكم فيه بكل شيء. ففي الوقت الذي تقبل فيه مصر على برلمان يشارك رئيسها الحكم في أمور كثيرة كما ينص الدستور، رغم تجاوز أمور كثيرة فيه، فإن مؤسسة الرئاسة تغرد وحيدة. وقد دشّنت أخيراً مشروعاً جديداً يخصّ المعلمين تقوده هي، لا وزارة التعليم، وهو تدريب 10 آلاف معلم على أساليب التدريس الحديثة.
سيبدأ التدريب بـ25 معلماً «اختارتهم الرئاسة بدقة شديدة خلال الأيام الماضية، ولم يتم اختيارهم عن طريق مسابقة بل بناءً على التفوق والتميز»، هذه تصريحات الدكتور طارق شوقي، وهو الأمين العام للمجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية. ومن غير المعروف سبب تدريب هؤلاء إذا كانوا متميزين ومتفوقين أصلاً، وأي متفوّق لا يعرف ما هي أساليب التدريب الحديثة. لكن شوقي قال إن هؤلاء المعلمين سيتلقون تدريبات مكثفة جداً لمدة شهر، ثم «سيعلن الرئيس في مؤتمر صحافي ضخم انطلاق البرنامج بالكامل في الأسبوع الثالث من شهر تشرين الأول».
ما يتضح من ذلك أن الرئاسة لا تحتاج إلى «التعليم» الذي عيّنت له في الحكومة الجديدة رجلاً يخطئ في كتابة أحرف اللغة العربية، ودشّنت المشروع وحدها بعيداً عن الوزارة المسؤولة في الأساس عن المعلمين.
أتى ذلك بعد نحو أسبوع على إعلان الرئاسة مشروعاً لتأهيل الشباب للقيادة، ودعت الشباب إلى التسجيل فيه على موقع خاص، وهو برنامج أطلقه عبد الفتاح السيسي، ويجري بعيداً عن وزارة الشباب التي تبيّن أنه لا علاقة لها به، رغم الرضا الرئاسي الكبير الذي يحظى به وزيرها، خالد عبد العزيز، وهو الذي رشحه كثيرون لرئاسة الحكومة سابقاً.
كذلك تبين أن التقديم والتسجيل في البرنامج والتدريب، كلها أمور ستقوم بها الرئاسة والمجالس التخصصية التابعة لها، وفيها «تمت الاستعانة في التخطيط للبرنامج بكلية الإدارة في فرنسا، وتم الاطلاع على الدراسات الجاهزة في مركزي التخطيط القومي وإعداد القادة المصريين».
ما فعلته الرئاسة في المشروعين السابق ذكرهما، يتّسق مع توجه السيسي في العمل، فهو إما دائماً يعتمد على رجال القوات المسلحة كما حدث في مشروعات قناة السويس (تمت عمليات حفرها بإشراف «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة»)، والمشروع القومي للطرق، وكذلك من يعملون بالقرب منه أمثال اللواء عباس كامل (مدير مكتبه الحالي ومنذ أيام وزارة الدفاع)، والعقيد أحمد علي، وإما يقوم هو نفسه بالتخطيط وإعطاء الأوامر بالتنفيذ لمن يعملون معه.
في أكثر من أمر، بدأ السيسي العمل فيه بنفسه وتابعه، وهو ما يدل على أن ثقته بالحكومة انتهت منذ زمن ولا يتعدى وجودها العمل الروتيني. ومن أمثلة ما تابعه الرئيس بذاته: عمليات إعادة ترميم معهد القلب القومي (تقوم به القوات المسلحة)، وإزالة القمامة من مطار القاهرة أخيراً، والاهتمام بإجراءات ردع المتحرشين.