التصديق على بناء 492 وحدة سكنيّة... وفتوى للعمل يوم السبتعلي حيدر
كرّس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتياهو جُلّ جدول أعماله يوم أمس لمحاولة احتواء معارضة زعماء المستوطنين، وامتصاص غضبهم والتخفيف من حدّة معارضتهم لقرار المجلس الوزراي المصغّر بشأن التجميد المؤقت والجزئي للبناء في مستوطنات الضفة الغربية لمدة عشرة أشهر.
ولهذه الغاية، عقد نتنياهو لقاءً طويلاً مع زعماء المستوطنين، دام نحو ثلاث ساعات، على الرغم من أن وقته الأصلي كان محدداً بساعة واحدة. وحاول خلال هذا اللقاء طمأنتهم من خلال شرح دوافع قرار التجميد واعتباراته، والتأكيد أن مفعوله ينتهي بعد عشرة أشهر، وأنْ لا نية لديه لتمديده على الإطلاق، إلى جانب طرحه رزمة تقديمات وتسهيلات إضافية إلى المستوطنين تُفضي عملياً إلى إفراغ قرار التجميد من كثير من مضمونه. إلّا أن المفارقة كانت في رفض المستوطنين كل جهود نتنياهو، وإعلانهم صراحةً تمسّكهم بمحاربة قرار الحكومة تجميد البناء في المستوطنات بشتّى السبل، الأمر الذي يُنذر بمواجهات عنيفة بين المستوطنين ومراقبي الإدارة المدنية، التي ظهرت بوادرها منذ الآن.
سمح بترميم شقق وإغلاق شرفات وتوسيع شقة قائمة ووعد بتسهيلات مالية وزيادة ميزانيات التعليم
وكان اللقاء الذي عُقد بين نتنياهو وقادة المستوطنين، وحضره 22 رئيساً لمجالس مستوطنات الضفة الغربية، إضافةً إلى رئيس مجلس المستوطنات داني دايان، قد جرى في أجواء مشحونة ومتوتّرة، وانتهى من دون نتائج، بحسب قول المدير العام لمجلس المستوطنات بنحاس فلرشتاين. وهو ما يتناقض مع ما أعلنه مكتب نتنياهو عن اللقاء، إذ وصفه بأنه جرى في أجواء محترمة وموضوعية.
وقال نتنياهو، في ختام اللقاء، إنه سجل 30 اعتراضاً على تنفيذ أمر التجميد، وإنه سيطرحها مع وزير الدفاع إيهود باراك. وطلب نتنياهو من رؤساء مجالس المستوطنات الجلوس أيضاً مع باراك، ووعد بتقديم إجابات خلال أيام. وقال نتنياهو «ثمة شيء واحد غير مطروح على بساط البحث، مسموح لكم بالتظاهر، لكن لا يُعقل ألّا تحترموا القرار الذي اتُّخذ وفق القانون».
وبحسب صحيفة «هآرتس»، دعا نتنياهو قادة المستوطنين إلى مواصلة الحوار معه لحلّ المشاكل، وكرّر أمامهم أن قرار التجميد لم يكن سهلاً عليه، وأنه اتُّخذ في ضوء التحديات المختلفة المطروحة أمام إسرائيل، وضماناً لمصلحتها، ومن أجل التوضيح للعالم أنها جادّة في نيّاتها لتحقيق السلام.
ونقلت «هآرتس» عن مكتب نتنياهو قوله إن قادة المستوطنين أثاروا بعض الادعاءات إزاء طريقة تنفيذ أمر التجميد، وانتقدوا قرار المجلس الوزاري المصغر. وبحسب بيان مكتب نتنياهو، فقد اعترف المستوطنون بقبول القرار لكنهم اشتكوا من التنفيذ.
لكن في المقابل، يبدو أن محاولة نتنياهو مصالحة قادة المستوطنين لم تنجح، وجعلتهم يشعرون بخيبة الأمل، بحسب تعبير «يديعوت أحرونوت». وهذا ما تؤكّده تصريحات قادة المستوطنين بعد اللقاء، الذي وصفوه بأنه كان صعباً، وأوضحوا أنهم سيواصلون «نضالهم ضده». وقال داني دايان، في نهاية اللقاء، «لم نحصل على شيء من رئيس الحكومة، فهو أصرّ على موقفه».
انضم أعضاء اللجنة الفرعية لشؤون الضفة الغربية إلى الدعوة لـ «تجميد أمر التجميد»
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية قد استبقت لقاء نتنياهو مع قادة المستوطنين، بالحديث عن نيته تقديم رزمة تسهيلات إلى المستوطنين، تتضمن بحسب «معاريف»، تحديداً أكثر وضوحاً لما هو مسموح به وما هو ممنوع على المراقبين عمله، كالسماح بترميم شقق وإغلاق شرفات وتوسيع شقة قائمة تلقت إذن المجلس. إضافة إلى ذلك، فإن قادة المستوطنين كُفلاء بأن يتلقّوا أيضاً تسهيلات مالية في الضرائب، وزيادة الميزانيات للتعليم والبنى التحتية. ونقلت «معاريف» عن وزير مقرّب من نتنياهو قوله إن «الحكومة ستصدّق على كل ما هو مسموح به في إطار الأوامر بل ستزيد الميزانيات».
وكان نتنياهو قد أدخل أول من أمس، استجابةً لطلب من نائبه بوغي يعلون، تخفيفات على قرار الحكومة، ووافق على منح صلاحيات لرؤساء مجالس المستوطنات للتصديق على أعمال ترميم، وبناء مخازن. وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن منسق الإدارة المدنية للاحتلال، إيتان دانغوت، صدّق أول من أمس على بناء 84 مبنى في المستوطنات، تشمل 492 وحدة سكنية. وهذه المباني حصلت على تصديق الحكومة في وقت سابق، ولم تبدأ أعمال البناء فيها.
وفي السياق، انضم أعضاء اللجنة الفرعية لشؤون الضفة الغربية في الكنيست للدعوة إلى «تجميد أمر التجميد». ونقلت «معاريف» عن محافل في الكنيست قولها إن قرار اللجنة ينطلق من ظهور مشاكل قانونية في شكل نشر الأمر.
في هذه الأثناء، واصل المستوطنون ابتداع طرق جديدة للالتفاف على قرار التجميد. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حاخام مستوطنة «كريات أرباع»، دوف ليئور، يعتزم إصدار فتوى تسمح بالبناء في المستوطنات يوم السبت، وبذلك يبتدع ليئور طريقة جديدة للتحايل على قرار التجميد، حيث إن مراقبي البناء لا يعملون يوم السبت.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن ليئور قوله «إن إعمار أرض إسرائيل واجب توراتي. وإذا كان ثمة مخاطر من أن تسلم أرض إسرائيل في المستقبل بسبب وقف البناء، فإنّه يُسمح لمتعهد من الأغيار بالعمل في السبت». وستنشر فتوى ليئور نهاية الأسبوع في كنس المستوطنات.