صنعاء | كشف العدوان السعودي الأميركي وتحالفه المشؤوم على اليمن، منذ قرابة سبعة أشهر، عن أصالة الشعب اليمني العظيم الذي يستلهم صموده الأسطوري من تاريخ عريق وحضارة ضاربة في جذور التاريخ، يقابلها تحالف عدواني مركب لقوى الاستكبار والتسلط والاستبداد تقوده الإمبريالية العالمية عبر أدواتها في المنطقة، ممثلة بالكيان السعودي ودويلات البترودولار ويباركها الكيان الصهيوني، والتي تسعى إلى فرض سياسة الهيمنة واستعباد الشعوب الأخرى، غير مدركة عراقة وتراث وأخلاق شعب اليمن الذي اكتسبها منذ آلاف السنين وعززها الإسلام بشهاداته عن أهل اليمن وعن الأنصار والبأس اليماني الذي يبرز عند المحن والشدائد. وإذا كان اليمن مقبرة الغزاة عبر الأجيال، فإنه يؤكد هذه المقولة في الحاضر ويؤسّس لها مستقبلاً.
لقد عايشنا العدوان منذ بدايته في 26 آذار الماضي حتى اللحظة، وترسخت لدى الشعب اليمني العظيم جملة حقائق تتلخص بدروس تاريخية لصمود هذا الشعب أهمها:
1- تجلت من خلال هذا العدوان أصالة هذا الشعب وصموده الأسطوري وبسالته في المواجهة، على الرغم من اختلال موازين القوى لديه مقارنة بما يمتلكه العدو من إمكانيات مالية وعسكرية وإعلامية، ودعم لوجستي مباشر من الشيطان الأكبر والكيان الصهيوني بصورة علنية.
2- ظهر إلى العلن تحالف ثلاثي الشر الأميركي الصهيوني الخليجي، بل تجلت حقيقة التنسيق المكشوف بين الكيانين السعودي والصهيوني قبل أيام من معركة باب المندب التي جاءت نتيجة لطلب الكيان الصهيوني من تحالف العدوان السيطرة على هذا المضيق الاستراتيجي، فما كان من قوى العدوان إلا تلبية الطلب، ولكنه حتى اللحظة عاجز عن تحقيق أي تقدم على الرغم من التهويل والصراخ الإعلامي الكبير.
3- كشف العدوان عن الحقد التاريخي لدويلات النفط الخليجية والكيان السعودي على اليمن وتاريخه وتراثه وبنيته التحتية وثورته المباركة التي ترفع شعار الاستقلال وتحرير قرارها السياسي والخروج على بيت الطاعة السعودي، وهذا الحقد تجلى في حجم القوة النارية والأسلحة المحرمة دولياً والاستهداف الممنهج لليمن أرضاً وإنساناً.
4- العدوان على اليمن وضّح طبيعة التحالف العضوي بين ثلاثي الشر والتنظيمات الإرهابية التكفيرية، فقد كان اليمن الساحة التي توحدت فيها جرائم التحالف والكيانات الإرهابية، وخير دليل على ذلك، عدم توجيه تحالف العدوان أي هجمات جوية على محافظة حضرموت التي يسيطر عليها «داعش» ويتمركز في القصر الجمهوري في المكلا منذ أشهر، بل تمت السيطرة على محافظة عدن بغطاء جوي لقوى العدوان لمساعدة الجماعات المسلحة التي تسيطر على أغلب محافظات الجنوب!

سينتج من العدوان على اليمن تغييرات جديدة ستنعكس على كل المنطقة العربية من دون أدنى شك

5- كذلك برزت أثناء العدوان على اليمن مدرسة عسكرية قتالية مقاومة جديدة في المنطقة تضاهي مدرسة المقاومة الإسلامية في لبنان أثناء عدوان تموز صيف 2006 التي حطمت أسطورة دبابة «الميركافا» وحققت النصر الاستراتيجي على الكيان الصهيوني، تقابلها المدرسة العسكرية اليمنية متمثله في الجيش المسنود باللجان الشعبية الثورية ورجال القبائل الشرفاء، هذه المدرسة العسكرية القتالية الجديدة التي حطمت أسطورة جيوش التحالف الشيطاني وكسرت هيبة جيش الكيان السعودي وسيطرت على مواقعه ومعسكراته، بل حطمت أسطورة السلاح الأميركي من دبابات «الأبرامز» وعربات «البرادلي» مفخرة الصناعات الأميركية، في الأراضي اليمنية وفي عمق كيان العدو السعودي. وقدم المقاتل اليمني بعتاده المتواضع وعقيدته القتالية الجهادية أروع صور الصمود والتحدي وكسروا هيبة الجيش السعودي وحلفائه على كل الجبهات.
6- سينتج من العدوان على اليمن تغييرات جديدة ستنعكس على كل المنطقة العربية من دون أدنى شك، يرسمها الشعب اليمني في صموده ومواجهته للعدوان وأدواته في الداخل وتعزيز جبهته الداخلية ليتمكن من تحقيق أهداف ثورة «21 سبتمبر» المباركة التي غيّرت تاريخ اليمن المعاصر وفرضت متغيرات على المنطقة بدأت ترسم ملامحها بالتطورات المتسارعة في المنطقة العربية والصراع الاقليمي والدولي في الوقت الراهن. وقد كان لصمود سوريا وجيشها ومساندة المقاومة الإسلامية في لبنان لسوريا الحافز الكبير لليمن في مواجهته للعدوان، والسبب في ظهور التوازن الدولي والمحور الروسي من خلال دخول سلاح الجو الروسي على خط مواجهة الإرهاب والجماعات التكفيرية.
7- تجاهل قوى العدوان من دويلات الخليج وبعض العرب للقضية الفلسطينية التي استبدلوها بإحياء وإثارة مشكلات مذهبية ودينية وطائفية وعرقية وغيرها لتدمير المنطقة وإعادة رسم حدودها لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد المزعوم. كانت ثورة «21 سبتمبر» 2014 والشعب اليمني يرفعون شعار مركزية القضية الفلسطينية، ما أثار محور الشر على اليمن ومستقبله وقراره السياسي.
كل ما سبق طرحه يمثل نماذج من صمود الشعب اليمني الأسطوري في ظل العدوان، تؤكد كلها أن الشعب اليمني في طريقه نحو التحرر والانعتاق من قوى العمالة والارتهان في الداخل، ودول العدوان والاستكبار العالمي، مهما كلفه ذلك من ثمن.
وشعب يمتلك ذلك الحجم من الصلابة والتحدي قادر على صنع التحولات وتحقيق النصر.