روبيني: التوقّعات ببلوغ الأونصة ألفي دولار «محض تفاهات»


حسن شقراني
رغم الصّخب الكبير الذي يثار في الأسواق حول تجاوز سعر أونصة الذهب (28.3 غراماً) مستوى 1097 دولاراً، وهو مستوى قياسي، لا يزال المعدن الثمين مقوّماً دون المستوى القياسي التاريخي الذي بلغه قبل ثلاثين عاماً، عندما وصل السعر إلى 2300 دولار إذا تمّ احتساب معدّل التضخّم.
ولذا يرى محلّلون عديدون أنّ موجة الارتفاع المسجّلة منذ بداية العام الجاري (ارتفاع بنسبة 24%) هي عمليّة «التحاق السعر بسكّة الارتفاع على المدى الطويل». أي أنّ الأمر منطقيّ والمستويات المسجّلة ليست مرحليّة، بل تعكس نمطاً يُرصد في مرحلة طويلة.
سؤال أساسي يُطرح في هذا الإطار: ما هي نسبة النموّ المتوقّعة في الأسعار؟ وهل آليّات الارتفاع سترفع السعر مجدّداً إلى الحدود الخياليّة وكسر الحواجز النفسيّة القائمة؟ هناك طروحات مختلفة في هذا الإطار.
بداية، تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع سعر الذهب، في جلسة أوّل من أمس، تمّ غداة إعلان المصرف المركزي الهندي شراءه 200 طنّ من المعدن الأصفر من صندوق النقد الدولي على أساس سعر 1045 دولاراً للأونصة. الصفقة أطلقت في الأسواق موجة توقّعات بأنّ الأسواق المركزيّة الأخرى في آسيا قد تلجأ إلى الإجراء نفسه. السبب: التحوّط مرحلياً ربّما ضدّ الدولار الأميركي.
وقد ثبتت صحّة هذا الافتراض نسبياً وخصوصاً أنّ انتعاش العملة الخضراء أدّى إلى تراجع الأسعار إلى حدود 1090 دولاراً، وهو المستوى المسجّل في منتصف جلسة التداول أمس.
وإضافة إلى شهيّة المصارف المركزيّة على شراء الذهب، هناك طلب قويّ نسبياً يظهر من جانب الصناديق الاستثماريّة في السوق مثل صناديق التحوّط وصناديق التقاعد.
أحد التوقّعات في شأن النمط المرتقب للأسعار أطلقه الاقتصادي الأميركي نورييل روبيني، الذي كان أوّل من حذّر من الأزمة الماليّة العالميّة.
فالأستاذ في جامعة نيويورك يرى أنّ التوقّعات التي أطلقها البعض بأنّ سعر أونصة الذهب قد يصل إلى ألفي دولار هي «محض تفاهات». ويقول وفقاً لما نقلته عنه وكالة «Bloomberg» خلال مؤتمر عن أسعار المواد الأوّليّة في نيويورك، إنّ المرحلة الحاليّة لا تعكس ضغوطاً تضخّميّة أو «اقتراب كساد» لكي ترتفع الأسعار بهذا الشكل. ويوضح أنّه لو كان الواقع معاكساً، لكنّا شهدنا ارتفاعاً في السعر.
ويشير روبيني إلى أنّ «من المحتمل أن يصل السعر إلى مستوى 1100 دولار أو أكثر من ذلك بقليل، ولكن الحديث عن 1500 دولار وألفي دولار هو فارغ».
تصريحات الاقتصادي الأميركي الفذّ كانت سبقتها توقّعات أطلقها المستثمر الشهير، الاقتصادي جيم روجرز، في مقابلة على تلفزوين الوكالة المذكور. الأخير قال إنّ سعر الذهب سيتضاعف خلال العقد المقبل، أي أنّه سيرتفع إلى أكثر من ألفي دولار بحلول عام 2020 بالحدّ الأقصى.
فهل لا بدّ لأيّ عاشق للذهب، مستهلكاً كان أو مستثمراً، أن يبدأ بالتفكير بسعر 70 دولاراً للغرام الواحد؟
بحسب روبيني، يعدّ ارتفاع الأسعار حالياً جزءاً من حالة عامّة لارتفاع الأسعار هي في الواقع «فقاعة». ومن «الصعب جداً تفسير نموّ سعر برميل النفط الخام مثلاً من 30 دولاراً في بداية العام الجاري إلى 80 دولاراً بالاعتماد فقط على أسس العرض والطلب».
وبالفعل، فإنّ مؤشّر المواد الأوّليّة الذي يصدر عن مصرفي «Standard & Poor’s» و«Goldman Sachs»، ارتفع بنسبة 47% منذ بداية العام الجاري، حين أوصلت أسواق المال الاقتصاد العالمي إلى أسوأ مراحله منذ الحرب العالميّة الثانية.