خاص بالموقعمثلما غادر الدبلوماسي الأميركي جورج ميتشل المنطقة قبل فترة، من دون تحقيق نتائج تُذكَر على صعيد احتمال استئناف المفاوضات الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية، عاد الرجل إلى بلاده أمس، خائباً من جديد، وهو ما دفعه إلى طلب النجدة من مصر

علي حيدر
لم ينجح المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، بمهمته الأخيرة التي كان يجب أن تنتهي بتهيئة الأرضية لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية، الأمر الذي دفعه إلى التأكيد على استمرار تمسّك إدارته بهذا الهدف رغم «الصعوبات الجمّة والعقبات الكثيرة». وعقد ميتشل، في إطار جولته المكّوكية في المنطقة، اجتماعاً ثانياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمشاركة وزير الدفاع إيهود باراك. لقاء تلى زيارته إلى القاهرة، حيث اجتمع مع المدير العام للاستخبارات اللواء عمر سليمان ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط، ودعا بعده المسؤول الأميركي إلى تحمّل المسؤولية والقيام بـ«تحركات» لاستئناف عملية السلام في المنطقة.
وقال ميتشل في القاهرة، قبل أن يعود إلى القدس المحتلة، إن «تحقيق السلام الشامل كان ولا يزال هدفاً مهماً للسياسة الأميركية وللرئيس باراك أوباما ولوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون شخصياً». ثم أقرّ بوجود «صعوبات جمّة وعقبات كثيرة».
وأشار ميتشل، في حديث لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى أنه «من الواضح أن واشنطن قرّرت القيام بكل شيء تقريباً من أجل الدفع باتجاه استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ولهذه الغاية قرّرت تجنيد مصر».
بدوره، لفت أبو الغيط، في مؤتمر صحافي مشترك مع ميتشل، إلى أن الأخير لا يزال يسعى إلى إعداد المسرح لتحقيق انطلاقة نحو بدء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، «ولكنه لم يصل بعد إلى النقطة التي يمكن القول فيها إنه قد وصل إلى تحقيق ذلك». ونصح أبو الغيط، ردّاً على سؤال عن إمكان استئناف المفاوضات، بعدم «ترقّب أي شيء» بما أنه «لا ضمان بعد لانطلاق المفاوضات»، مشكّكاً بقوة في ما تردّد عن استئناف التفاوض خلال الأسبوعين المقبلين.
وكان نتنياهو قد استبق لقاء ميتشل بعقد مشاورات تمهيدية صباحية مع الوزراء الستة في حكومته المصغَّرة. وكشفت صحيفة «هآرتس» أن باراك ووزير شؤون الاستخبارات دان مريدور حثّا نتنياهو على السعي إلى التوصّل إلى تفاهمات «تتيح استئناف المفاوضات»، لكنهما رأيا أنّ «المشكلة الأساسية تكمن عند الفلسطينيّين».
وتخلّلت جولة ميتشل في الأراضي المحتلة، اجتماعات عقدها مع مستشار نتنياهو المحامي إسحق مولكو ورئيس هيئة وزير الدفاع العميد إسحق هيرتسوغ، على أن يلتقي طواقم المفاوضات الإسرائيلية والفلسطينية خلال الأسبوع الجاري في واشنطن لإجراء محادثات إضافية.
ورغم الأجواء التشاؤمية السائدة في الدولة العبرية عن عدم نجاح ميتشل في تهيئة الأرضيّة لاستئناف المفاوضات، نقلت الإذاعة العبرية عن مسؤول رفيع المستوى قوله إنّ تل أبيب «قد توافق على الشروع في مفاوضات عن قضايا الحل الدائم مع الفلسطينيّين لا عن تسوية مؤقتة». ولفت المسؤول نفسه إلى أن دولة الاحتلال تدرس إجراءات لتعزيز مكانة الرئيس محمود عباس «بينها إزالة حواجز في الضفة الغربية وتأمين تسهيلات تنقّل، وإعطاء تصاريح بناء في رام الله». في المقابل، جزم مسؤولون إسرائيليون وصفتهم «هآرتس» بأنهم «مطّلعون على تفاصيل محادثات ميتشل»، بأنّ «المشكلة الأكبر هي تشدّد الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بمواقفهما». كما نقلت «هآرتس» عن مقرّبين من الرئيس محمود عباس قوله للمبعوث الأميركي إنه «لن يكون هناك استئناف للمفاوضات من دون تجميد مطلق للبناء في المستوطنات، ولا سيما في القدس». وأوضحت الصحيفة أن جزءاً من التصلّب لدى الطرفين يعود إلى «سخافات»، مثل إصرار الفلسطينيّين على أن يكون هدف المفاوضات «الانسحاب إلى حدود حزيران عام 1967، رغم أنهم يعلمون جيداً بأن نتنياهو لن يوافق على ذلك أبداً»، يضاف إليه تمسُّك حكام تل أبيب بأن يكون التجميد المؤقت للبناء في المستوطنات «لمدة ثمانية أشهر لا تسعة». وفي السياق، برّرت «هآرتس» كثافة المحادثات التي يجريها ميتشل بعامل الاقتراب من الموعد النهائي الذي طرحه أوباما الذي «يفقد الصبر»، وفق ما يؤكده مستشاروه. وبحسب هذه المصادر، فإنّ «قلة الصبر» هذه دفعت بالرئيس الأميركي إلى الطلب من كلينتون وميتشل تزويده بتقرير عن وضع استئناف المفاوضات في موعد أقصاه منتصف الشهر الجاري.