تلزيم أعمال التنظيف لشركة خاصّة يكلّف خزينة البلدية مليارات الليرات


طرابلس ـــ عبد الكافي الصمد
«في الستينيات كان عدد عمال بلدية طرابلس يبلغ 600 عامل، والمفارقة أنه بعد أكثر من 40 عاماً، وعلى الرغم من اتّساع رقعة المدينة العمرانية، وازدياد عدد سكانها، فقد تراجع عدد العمال إلى 340 عاملاً فقط!». بهذه العبارة يختصر رئيس نقابة عمال بلدية طرابلس شعبان خضور جانباً من المشكلة الرئيسية التي «لا تجعل ثاني أكبر بلدية في لبنان، وبلدية عاصمة الشمال، تقوم بواجباتها كما يجب».
لتجاوز هذا العائق وسد النقص، أقدمت البلدية «على الاستعانة بعمال مياومين» بحسب ما يوضح خضور، مشيراً إلى أن البلدية قادرة على استيعاب ما لا يقل عن ألف عامل، ولو كانت طرابلس مدينة أوروبية، مثلاً، لبلغ عدد عمالها أكثر من 4 آلاف، ليس فقط لأنها عاصمة البلاد الثانية، بل لأن من الضروري إيلاء اهتمام أكبر بسياسات تأمين فرص العمل، بدلاً من السعي المستمر نحو خصخصة القطاعات العامة، وتلزيم الأشغال والمشاريع لشركات تستخدم اليد العاملة الأجنبية».
ويعود خضّور بالذاكرة، ليشير إلى النقص في وظائف البلدية، إذ كانت تضم قبل الحرب «عمالاً وموظفين إداريين وعناصر الشرطة، فضلاً عن حراس ليليين يعملون في الأحياء والحارات، وهؤلاء لم يعد لهم وجود اليوم». فالشواغر تنسحب على كل أقسام البلدية، وبالتالي «باتت تحتاج إلى ضخّ دم جديد وشاب فيها لرفع مستوى خدماتها من جهة، وللتوفير على خزينة البلدية من جهة ثانية».
ويكشف خضور عن أن «تلزيم أعمال التنظيف لشركة خاصّة يكلف خزينة البلدية مليارات الليرات سنوياً، وهو مبلغ كان يمكن توفير قسم كبير منه لو تم توظيف عمال جدد للمهمة نفسها، كما كان سيسهم في تأمين فرص العمل ومعالجة مشكلة اجتماعية خطيرة تكبر كل عام، وخصوصاً أن الشركات الخاصة تستعين غالباً بيد عاملة أجنبية ذات أجور زهيدة، من أجل تحقيق المزيد من الأرباح».
بعض المطالب تحقق على مراحل تدريجية كما يوضح خضور، إلا أن الأمر تطلب تنفيذ تحركات واعتصامات. فبتنا نقبض رواتبنا بانتظام مطلع كل شهر، وكذلك بدل النقل، وحصلنا على المتأخرات التي كانت لنا بذمة البلدية والبالغة 5 مليارات ليرة، لكنه يشير إلى أن أبرز وأهم المطالب غير المحققة هي: «احتساب زيادة غلاء المعيشة ضمن أساس الراتب، وزيادة تعويضات نهاية الخدمة للعمال لتصل إلى 70 مليون ليرة كحد أدنى، بعدما كانت 20 مليوناً حداً أقصى».
ولا تزال هناك مطالب أخرى «نعوّل عليها إذا تحققت، وهي تعود بالنفع على العمال لناحية استقرارهم الاجتماعي والمعيشي وديمومة عملهم، وتتلخص بالموافقة على مشروع يُخيّر العامل في البلدية بعد إحالته على التقاعد، بين أحد خيارين: قبض كامل تعويضه، أو بقائه يقبض راتباً شهرياً بعد تقاعده، علماً بأن عمال بلدية بيروت مثلاً يستفيدون من تقديمات اجتماعية بعد تقاعدهم».
أما في مجال الطبابة والاستشفاء فعمال البلدية يعانون من عدم الاستقرار الاجتماعي والصحي، إذ إن البلدية متعاقدة مع 5 مستشفيات (الإسلامي، الحنان، دار الشفاء، الرهبان ودار الزهراء)، إلا أنها تستخفّ بالتعامل مع عمال البلدية، وترفض غالباً إدخالهم للمعالجة، بهدف توجيه ضغط العمال على البلدية وإخضاعها لشروط المستشفيات، إذ تسعى هذه الأخيرة إلى فرض «تسعيرة معينة على المرضى، أعلى من تسعيرة الضمان وتعاونية موظفي الدولة.