خاص بالموقعاتهم رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أمس، سوريا بأنها وراء كل ما يحصل ضد العراق منذ الاجتياح الأميركي في عام 2003، مشيراً إلى أنه إذا استمرّ التوتر بين بغداد ودمشق فلن تبقى هناك علاقات دبلوماسية ولا تعاون اقتصادي.

وقال المالكي، في حديث مع قناة «الحرة» الأميركية، المموّلة من الكونغرس الأميركي، إن «كل ما يحصل ضدّ العراق منذ 2003 ينطلق من سوريا»، محذراً من وصول العراقيين «إلى مرحلة اليأس وفقدان الأمل من إيجاد حل» مع دمشق.

ورداً على سؤال إن كان يرى أن سوريا منخرطة في مشروع «إسقاط العملية السياسية» في العراق، قال المالكي «نحن لم نتّهم، بل قدّمنا بموجب أدلّة وإثباتات واعترافات أن الذين قاموا بالعملية لهم امتداد داخل الأراضي السورية». وأضاف «نحن لم نقل إن الأجهزة الأمنية السورية هي التي دخلت وفجّرت، لكن الذين قاموا بالعملية يتخذون من الأراضي السورية منطلقاً ومراكز تدريب وتأهيل ويتحركون علانية».

ورداً على وصف الرئيس السوري بشار الأسد الاتهامات العراقية بأنها «غير أخلاقية»، قال المالكي «لا أريد أن أعلّق على أنها أخلاقية أو غير أخلاقية، لكنّ سكوتنا عن دماء الشعب العراقي يُعتبر عملاً غير أخلاقي، وسكوتنا عن محاولات إسقاط العملية السياسية بالنسبة إلينا هو عمل غير أخلاقي».

وعن توقيت طلب محكمة دولية ثانية لسوريا على غرار المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال رئيس الوزراء العراقي إن «المسألة لم يكن مخططاً لها أن يكون الهدف منها الإضرار بسوريا ومحكمة ثانية بعد محكمة الحريري». وأضاف «ليس لمصلحة سوريا أن تحتضن قتلة ومطلوبين للعدالة والأنتربول الدولي، وهذه سابقة غير طيبة أن تحتضن دولة جارة صديقة شقيقة معارضين لدولة أخرى جريحة تريد أن تنهض».

وحاول المالكي التمييز بين المطلوبين العراقيين المقيمين في سوريا وبين المعارضة التي كانت مقيمة في هذا البلد في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والتي كان هو جزءاً منها، قائلاً «لم تكن معارضة تستخدم التفجيرات، بل كانت منضبطة. وحين اقتربت سوريا حينذاك من العراق طلبت منّا وقف طبع الصحف في دمشق فالتزمنا».

وعن الاحتمالات المطروحة في حال استمرار التوتر مع سوريا، أوضح المالكي أن «العلاقات بين البلدين ستصل إلى طريق مغلق إذا وصلنا إلى مرحلة اليأس. وإذا فقدنا الأمل فلن تبقى هناك علاقات دبلوماسية ولا تعاون اقتصادي ولا استثماري ولا تكاملي ولا امتداد ولا عمق ولا جغرافيا».

لكنه استدرك قائلاً «بالمراجعة يمكن أن تبقى هذه العلاقات وهذا الامتداد، وأنا أؤكد أن العراق بكل فئاته يريد علاقات طيبة مع سوريا ودول الجوار، لأن العراق بسبب المغامرات السابقة مع دول الجوار فقد كل شيء وأصبح بلداً منبوذاً بسبب هذه السياسات».

وعن نتائج الوساطتين، التركية وجامعة الدول العربية، أشار المالكي إلى أنها «لم تصل إلى نتيجة لأنها اصطدمت بقناعتين: قناعتنا المطلقة بصحة أدلّتنا، والردّ السوري المطلق بنفي أي شيء قدّمناه»، مضيفاً أن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو قال له عن الأدلة التي قدموها له «هذه أدلة قوية»، وأن «الموقف التركي اصطدم بالرفض السوري».

وعن احتمال العودة إلى التفاوض مع سوريا، قال المالكي «لا بد من خطوة سورية، ومن دون اعتراف بأن المتّهمين الموجودين على الأرض السورية قد ارتكبوا مثل هذه الجرائم، ستكون أي وساطة بلا قيمة».

وعمّا إذا كانت هناك مخاوف عراقية من أن يكون العراق ورقة تفاوض بين الولايات المتحدة وسوريا، قال «أبلغنا الجميع أننا نرحّب بأن تكون هناك علاقة طيبة بين أميركا وسوريا وأن تتجه نحو إيجاد حال من التهدئة للتشنّجات والتوترات الموجودة في المنطقة، ولكن أي اتفاق يحصل بين أميركا أو سوريا مع أي طرف لا يمكن أن يكون على حساب القضية العراقية»، نافياً أي دور إيراني في الأزمة بين العراق وسوريا.

وعن اتهامه بتجاهل التدخل الإيراني، قال المالكي «أنا لا أسكت عن أي تدخّل من أي دولة.. وليس عندي من المعلومات أن ثمة من يتحرّك في إيران لإسقاط العملية السياسية ولإسقاط الديموقراطية». وتابع «الدليل على ذلك أن إيران تعاملت مع المستجد العراقي منذ البداية ففتحت سفارتها واعترفت بمجلس الحكم.. نعم ثمة من ينطلقون من الأراضي الإيرانية للقيام بعمليات في العراق».

وبشأن الضغوط الإيرانية لدفعه إلى دخول الائتلاف العراقي الموحّد، قال «لا أعتقد أن إيران تتعامل بمنطق كهذا ولا نحن أيضاً نقبل أن تكون هناك ضغوط، وفي الحقيقة لم يكن هناك مثل هذه الضغوط».

ونفى المالكي أي مسعى لديه «لإقامة دولة شيعية على حساب السنّة» في العراق، لكنه رأى أن «هناك إرادة سياسية موجودة عند بعض الدول تريد أن تشير سلباً إلى الوضع القائم لوجود شيعة في مواقع متقدمة في المسؤولية في الدولة».

(يو بي آي)