سعت السلطات المصرية والسودانية امس الى احتواء أزمة سياسية نشبت على خلفية ضم مثلث حلايب المتنازع عليه منذ عقود بين البلدين إلى الدوائر الانتخابية السودانية
القاهرة ـ الأخبار
فيما بدا أنه اتجاه مصري للتهدئة مع السودان، نفى السفير المصري لدى الخرطوم، عفيفي عبد الوهاب، تأثر العلاقات المصرية السودانية بالقرار الصادر عن مفوضية الانتخابات السودانية بجعل مثلث حلايب دائرة انتخابية سودانية.
وقال عبد الوهاب إنه لا جديد في موضوع مثلث حلايب، مؤكداً أنه «بالنسبة إلى مصر فلا مشاكل ولا أزمة، وخصوصاً أن البلدين متمسكان بجعل المثلث منطقة تكامل».
بدوره، نفى السفير السوداني لدى القاهرة عبد الرحمن سر الختم، عقب لقائه مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، أن يكون بحث مع الوزير المصري موضوع حلايب. إلا أن من المنتظر أن يجتمع الرئيس المصري حسني مبارك مع نائب الرئيس السوداني، رئيس حكومة جنوب السودان، سيلفا كير ميارديت، خلال زيارته لمصر المقررة الأحد المقبل والتي تستمر ثلاثة أيام. وكان برلمانيون مصريون قد استفسروا من حكومتهم عما يحدث في مثلث حلايب وشلاتين والمنطقة الحدودية مع السودان، وطالبوها بأن تنتبه إلى ما «يجري من مؤامرات على الحدود، وأن تتعامل مع الأمر بحكمة وعقل».
وأوضح مسؤول في وزارة الخارجية أن القاهرة تلقت باستغراب تصريحات رئيس لجنة الدوائر الجغرافية في مفوضية الانتخابات السودانية، مختار الأصم، الذي أعلن أن طلب إدراج مثلث حلايب ضمن الدوائر الانتخابية يأتي استجابة لاعتراضات تقدمت بها جبهة الشرق السودانية. وأشار المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن بلاده طلبت عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة تفسيراً رسمياً لها. وأضاف «بالنسبة إلينا لا تغيير في مواقفنا الرسمية المعلنة التي تؤكد أن حلايب جزء لا يتجزأ من التراب الوطني المصري ولا تفريط بها».
وقطع المسؤول المحلي في الحزب الوطني الحاكم في مصر، صلاح كرار، الطريق على أي شكوك سودانية في الهوية المصرية لمواطني حلايب، وقال إن «هذه القضية قد حُسمت»، موضحاً أن من بين أهالي الشلاتين أعضاءً في المجالس المحلية بالمدينة ومحافظة البحر الأحمر. يشار إلى أن الرئيس السوداني عمر حسن البشير كان قد أعلن عام 2002، قبل تحسن علاقاته مع مصر، أن حلايب سودانية وأن بلاده لم تتخلّ عن المطالبة بها وإنما وافقت على بحثها في إطار التكامل بين البلدين.
وتعود خلافات الطرفين على هذه المنطقة إلى بدايات القرن الماضي. وقد أدّت محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في شهر حزيران 1995، إلى تجدّد التوتر الحدودي بين مصر والسودان على هذا المثلث الواقع على البحر الأحمر، والذي مثل نقطة التقاء طبيعية للحدود الجغرافية الفاصلة بين الطرفين. وفي عام 2000 سحب السودان بسحب من حلايب وفرضت القوات المصرية سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين. لكن الحكومة السودانية عادت في عام 2004 لتعلن رسمياً أنها لم تتخل عن إدارة المنطقة المتنازع عليها ولم تهجرها أو تسلمها للمصريين، وأكدت تقديم مذكرة بسحب القوات المصرية إلى سكرتير الأمم المتحدة.
ويقول المراقبون إن الاكتشافات النفطية في المنطقة أدّت إلى ظهور النزاع مرة أخرى، علماً بأن مؤتمر البجا في ولاية البحر الأحمر في السودان وقع أخيراً مذكرة تطلب باسترجاع إدارة المنطقة للسودان، معتبراً أن غالبية سكانها سودانيون.