سلسلة هجمات منسّقة ومتلاحقة هي الأكثر دمويّةً منذ 18 شهراًلم يمر على العراق والعراقيين منذ 18 شهراً يوم دامٍ كالذي شهدوه أمس. فقد قُتل أكثر من 95 مواطناً عراقيّاً في غضون دقائق قليلة، كانت كافية لوقوع 6 انفجارات من العيار الثقيل جداً، وهو ما لم يجد حكّام بغداد لمواجهته إلا تحميل «المحور البعثي ـــــ التكفيري» مسؤوليته
تتكرّر المصطلحات المستخدمة في وصف المجازر العراقية. وغالباً ما يكون الفارق الوحيد هو عدد الضحايا؛ عشرات القتلى والجرحى حيناً، والمئات أحياناً أخرى. أما الإدانات الجاهزة للمحور «البعثي ـــــ التكفيري»، فباتت بدورها الخبز اليومي لحكّام بغداد، الذين يأخذون وقتاً مستقطعاً عن عزف أناشيدهم التي تمتدح باستمرار، التحسن الأمني و«العراق الجديد» ومرحلة «ما بعد الانتهاء من الاقتتال الطائفي». ثمّ لا ينتظر هؤلاء الحكام مرور مهلة دفن الضحايا حتى يعودوا للتغني بـ«الحقبة الجديدة» وبمتانة القوات الأمنية واستعدادها لتولّي زمام الأمور، حتى إنهم أحياناً يحثّون السياح على زيارة العراق، ولو كان بلداً من دون كهرباء.
وقد شهد يوم أمس مجازر نقّالة لم تتخطَّ حدود العاصمة بغداد، التي تعرضت لستة تفجيرات فصلت ما بينها دقائق، وأودت بحياة 95 شخصاً على الأقل، وأدّت إلى إصابة نحو 563 آخرين بجروح، في سلسلة هجمات، استهدف اثنان منها وزارتي الخارجية والمال، واتهمت السلطات العراقية تحالف «القاعدة» والبعثيين بالوقوف وراءها. أما رئيس الحكومة نوري المالكي، فما كان منه إلا توجيه أمر لإعادة النظر بالإجراءات الأمنية المطبَّقة، التي لم تمنع من دخول المتفجرات إلى المنطقة الخضراء، في خطوة تطرح عدداً من الأسئلة عن الجهة المسؤولة.
وانفجرت السيارة الأولى عند الساعة 10.45 من قبل ظهر أمس قرب وزارة المال وسط العاصمة، ما أدّى إلى انهيار حوالى مئة متر من جسر محمد القاسم السريع المحاذي للوزارة، وأضرار مادية جسيمة في مبنى الوزارة. وأكد مصدر أمني مسؤول أن «عدداً من السيارات سقطت من الجسر ولا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض».
وأشار بيان لوزارة المال إلى أنّ الانفجار وقع جرّاء «هجوم انتحاري بشاحنة برّاد مفخّخة من طراز مرسيدس تحمل متفجّرات زنتها طن ونصف طن، إضافةً إلى كرات حديدية لإحداث أكبر إصابات ممكنة بالمواطنين الأبرياء». كما سبّب التفجير سقوط مقطع طوله نحو 40 متراً من الطريق، وحدوث أضرار مادية بالغة في واجهة البناء الحكومي، إضافةً إلى إلحاق أضرار بـ44 سيارة في مرأب الوزارة.
وأعقب هذه الانفجار بفارق دقائق، تفجير هائل آخر قرب مبنى وزارة الخارجية في محيط المنطقة الخضراء. وأفاد مراسل وكالة «فرانس برس» أن «الانفجار أحدث حفرة قطرها عشرة أمتار وعمقها ثلاثة أمتار»، لافتاً إلى أن واجهة وزارة الخارجية انهارت بالكامل ولحقت أضرار كبيرة بمجمع الصالحية السكني المقابل لها.
ثمّ ما لبثت أن انفجرت سيارة مفخّخة ثالثة في منطقة البياع، كما سقطت ثلاث قذائف هاون على وزارة الدفاع ومركز للشرطة، وأخرى داخل المنطقة الخضراء المحصّنة. وبُعيد الانفجارت، خلت الشوارع من المارّة، والتزم معظم السكان منازلهم، فيما طوّقت قوات الأمن مواقع الانفجارات.
وبدا أن تفجيرات يوم أمس كانت تندرج ضمن حملة منسَّقة تهدف إلى تحويل بغداد بأكملها إلى كرة نار. فبعدما حمّل المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد، اللواء قاسم عطا، «التحالف البعثي ــ التكفيري» مسؤولية تنفيذ «العمليات الإرهابية التي تهدف إلى التأثير في الوضعين السياسي والأمني والنجاحات التي حقّقتها الأجهزة الأمنية»، كشف أنّ فرقه «ألقت القبض على اثنين من أمراء التنظيم الإرهابي كانا يستقلان عجلة مفخّخة يرومان تفجيرها في منطقة المنصور (غرب بغداد)». كما أعلن مدير مكافحة المتفجرات اللواء جهاد الجابري العثور على شاحنة مفخّخة أخرى معدّة للتفجير قرب مستشفى ابن البيطار في الصالحية كذلك.
(الأخبار، أ ف ب)

(أ ف ب، رويترز)