لا تقدّم في ملفات المعتقلين والأجهزة الأمنية والانتخابات ولا عودة إلى «الثـنائيّة»حسام كنفاني
لم يكن إعلان القاهرة، أمس، تأجيل الجولة الأخيرة للحوار الفلسطيني من 25 آب إلى ما بعد عيد الفطر (أي بعد أكثر من شهر)، مفاجئاً. فالأجواء الفاصلة بين الجولة السابقة في تموز الماضي واليوم كانت حافلة بالتوترات بين حركتي «فتح» و«حماس». توترات إذا ما أضيفت إلى التعنّت في المواقف وبقاء الخلافات على حالها، تجعل التأجيل مفهوماً.
فالوفد الأمني المصري، برئاسة مساعد مدير الاستخبارات اللواء محمد إبراهيم، عاد إلى القاهرة خالي الوفاض. ولم يستطع الحصول على أي موافقة، لا من «فتح» ولا «حماس»، على الملفات العالقة للتمكّن من توقيع اتفاقيّة إنهاء الانقسام.
وتؤكّد مصادر مطّلعة على جولة الوفد المصري لـ«الأخبار» أن اللواء محمد إبراهيم، الذي سيكرّر جولاته في المستقبل، اصطدم بعقدة المعتقلين، التي ترفعها الحركتان ذريعة لعرقلة الحوار، ولا سيّما مع إصرار كل منهما على رفض وجود «معتقلين سياسيين» في سجون الضفة الغربية وقطاع غزّة، والتمسّك بأن الموجودين هم «معتقلون أمنيّون».
وتشير المصادر إلى أن الأمور حالياً معلّقة إلى حين الانتهاء من قضيّة المعتقلين، ما يعني أن أي جولة مقبلة لن تكون في القريب العاجل. وهذا ما يوحيه إعلان التأجيل المصري، الذي تجنّب هذه المرة، على خلاف المرّات السابقة، إعلان موعد محدّد لاستئناف الحوار، في إشارة إلى أن مشاورات تذليل الخلاف قد تمتد إلى ما بعد عيد الفطر بكثير.
وتؤكّد المصادر أنه إضافةً إلى موضوع المعتقلين، فإن عقبة جديدة ظهرت على مسرح إنهاء الانقسام، تتعلّق بملف الأجهزة الأمنية. فبعدما كان الحديث عن معسكر تدريبي في غزة يضم عناصر من «فتح» و«حماس» وباقي الفصائل تحت إشراف عربي، ليمثّل نموذجاً لإصلاح الأجهزة الأمنية، فإن «حماس» طرحت شرط إنشاء معسكر موازٍ في الضفة الغربية كي لا تكون إعادة تأهيل الشرطة حكراً على قطاع غزّة، وهو ما يصطدم بتفاهمات السلطة الأمنية مع الجنرال الأميركي كينيث دايتون.
وفيما حُسم الاتفاق على لجنة التنسيق بين حكومتي الضفة وقطاع غزة، فإن الخلاف على قانون الانتخابات لم ينتهِ بعد؛ فالطرح التوفيقي المصري بالنسبة إلى النسبية والداوئر (75 في المئة نسبي، 25 في المئة دوائر) لم يُتّفق عليه بعد. كذلك فإن نسبة الحسم لا تزال محل خلاف، فبين 1.5 في المئة التي تريدها «فتح» والـ4 في المئة (على الأقل) التي تطالب بها «حماس»، لا يزال الطرح المصري الـ2.5 في المئة محل خلاف.
وتشير المصادر إلى أنه في «حال اعتماد النظام المختلط (75 في المئة نسبي، و25 في المئة دوائر بنسبة حسم 2.5) فقط فإنّ أربعة فصائل مرشحة للوصول إلى التشريعي، هي فتح وحماس والديموقراطية والشعبية». وتضيف إن هناك زعماء في «فتح» «لا يريدون التمثيل النسبي الكامل، مثل أحمد قريع وصائب عريقات وعزام الأحمد، لحسابات شخصية ومصالح فئوية». وتوضح أنه «في النظام المختلط ستكون فتح هي الخاسر الأكبر، لأن الصراع سيدور بين أبناء فتح في الدوائر، وهذا سيكون لمصلحة حماس».
وتشير المصادر إلى مفارقة أن «حماس» «تريد التمثيل النسبي الشامل في انتخابات المجلس الوطني، لأنها تدرك جيداً أن موازين القوى (بين الداخل والخارج) ليست لمصلحتها، لكنها تصر على النظام المشترك في انتخابات التشريعي لأن ميزان القوى في الداخل يميل لمصلحتها». ورغم فشل جولة الوفد المصري، فإنها أفرزت جديداً، بحسب المصادر، وهو عدم العودة إلى «الثنائية» في الحوار الفلسطيني. وتنقل المصادر عن اللواء إبراهيم قوله «الثنائية تعود بنا إلى الوراء».

في هذا الوقت، أعلن مسؤول فلسطيني أن السلطة الفلسطينية تنوي الإفراج عن 200 من معتقلي «حماس» كبادرة مصالحة لمناسبة شهر رمضان، مشيراً إلى أنه أُفرج حتى الآن عن تسعين منهم، وخلال اليومين المقبلين سيُفرج عن الباقين.
غير أن المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، رأى أنّ من المبكر الحكم على قرار السلطة. وقال «ما يهمّنا هو تنفيذ هذا القرار»، مشيراً إلى أنه «أُعلن في مرات سابقة الإفراج عن معتقلين ولم ينفّذ».
(يو بي آي، أ ف ب)