h1>السنيورة عطّلها بالجملة ومجلس الإعمار ينفّذها بالمفرّقفي الجلسة الأخيرة للحكومة قبل تحوّلها إلى تصريف الأعمال، فجّر الرئيس فؤاد السنيورة نزاعاً جديداً مع وزير الطاقة والمياه ألان طابوريان، فعطّل، مرّة أخرى، مناقشة خطّته الكهربائية بعد أن أدرجها رئيس الجمهورية بنداً من خارج جدول الأعمال... المفاجأة التي ظهرت بعد ذلك، أن مجلس الإنماء والإعمار التابع لرئاسة مجلس الوزراء باشر تنفيذ أجزاء من هذه الخطّة من وراء ظهر صاحبها
نجح الرئيس فؤاد السنيورة في تعطيل أي نقاش داخل مجلس الوزراء يستهدف معالجة أوضاع الكهرباء المنهارة كلياً، بل بقي، حتى الرمق الأخير من عمر حكومته الثانية، يرفض طرح الخطّة التي أعدّها وزير الطاقة والمياه ألان طابوريان، بذريعة أنها «لا تتضمن أي أفكار جديرة بالنقاش»... فاحتفظ بهذه الخطّة أسيرة أدراج مكتبه في السرايا الحكومية منذ كانون الثاني الماضي، ولم تنفع كل المحاولات التي قام بها الوزير المعني للإفراج عنها، حتى بعدما أقنع رئيس الجمهورية بتبنّي طرحها، ولو شفهياً، من خارج جدول أعمال الجلسة الأخيرة للحكومة، التي انعقدت في 18 حزيران الماضي بعد الانتخابات النيابية، إذ بات معلوماً كيف افتعل السنيورة «المشكل» مع طابوريان ليبرّر طلبه سحب هذا الملف من التداول في الجلسة المذكورة، مستعيناً بصمت معظم الوزراء من القوى السياسية المختلفة، بما فيها تلك القوى التي تستغل سخط جمهورها على التقنين الكهربائي القاسي لقطع الطرقات وإشعال الإطارات المطاطية من عكار إلى الضاحية الجنوبية!
كان هدف السنيورة واضحاً منذ البداية. فهو لم يترك مناسبة إلا كرر فيها أن «حلّ» مشكلة الكهرباء «العويصة» غير ممكن إلا عن طريق الخصخصة وإشراك القطاع الخاص في إنتاج الطاقة وتوزيعها، ولذلك بذل كل الجهود اللازمة من أجل إبعاد طابوريان، لمجرد أنه بدا غير مقتنع بصوابية السير على هذا الطريق، وسعى، في المقابل، إلى إبقاء هذا الملف الحيوي في عهدة المجلس الأعلى للخصخصة الذي يتبع له مباشرة في رئاسة مجلس الوزراء... إلا أن السنيورة واجه عقبة كبيرة تعترض تحقيق هذا الهدف في المرحلة الراهنة، ولا سيما في ظل غياب التوافق السياسي الداخلي والأزمة التي تعصف بالأسواق العالمية، فاضطر أخيراً، تحت ضغط من النائب سعد الحريري بعد تكليفه تأليف الحكومة العتيدة، إلى القبول بتنفيذ بعض الإجراءات التي قد تسهم في تخفيف وطأة الأزمة الكهربائية على المدى القصير وتعطي الرئيس المكلّف حظاً أكبر في تحقيق إنجاز ما يعيد البريق الإعلامي إلى «الحريرية»، بعد تعرّضها للتهشيم منذ انهيار سلطة الوصاية.
مجلس الإعمار طلب من الصندوق العربي تحويل أحد قروضه لتمويل شراء المولّدات
لقد أعاد السنيورة قراءة خطّة طابوريان على مضض، واختار منها ما يوفّر المطلوب منه في الوقت الضائع، فكلّف مجلس الإنماء والإعمار بالإعداد لإجراء مناقصة من أجل شراء مولدات كهربائية وتركيبها، بطاقة إجمالية تصل إلى 300 ميغاواط... وجاء تكليف المجلس بهذه المهمّة ليكرّس دوره مؤسسة مستقلّة عن الدولة. فهذه المهمّة لم يجزها مجلس الوزراء الذي بات في مرحلة تصريف الأعمال، وجرت بمعزل عن الوزير المعني وبعيداً عن خطّته واستهدافاتها، ولم تُشرك مؤسسة كهرباء لبنان فيها... إلا أن هذا التكليف جاء، في المقابل، ليؤكّد السلوك «التعطيلي» الذي مارسه السنيورة طيلة الوقت، إذ كيف يمكنه أن يفسّر قبوله شراء المولّدات، وهو كان قد أدار حملة مركّزة على طابوريان بحجّة أنه يقترح مثل هذا الخيار «المضرّ بالبيئة والمكلف مالياً وغير المناسب لظروف لبنان وأزمته الكهربائية»؟
ويبدو أن مجلس الإنماء والإعمار تحرّك بسرعة، إذ حصلت «الأخبار» على نص كتاب يحمل الرقم 4522/1، وجّهه رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر بتاريخ 7/7/2009 إلى رئيس مجلس الإدارة ـــــ المدير العام للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (مقرّه الكويت) عبد اللطيف الحمد، يطلب فيه مساهمة الصندوق في تمويل شراء المولّدات، وجاء في هذا الكتاب:
«إن وضع الكهرباء في لبنان دخل مرحلة حرجة من ناحية عجز الإنتاج، وقد بدأت بوادر هذا الازدياد في العجز تظهر بوضوح مع بداية فصل الصيف الحالي، ما حتّم علينا إعادة صياغة أولويات المشاريع في هذا القطاع بما يسمح بتلافي المزيد من التدهور في مرحلة أولى، وصولاً إلى مرحلة استقرار وسدّ العجز في مرحلة ثانية... ووفق تصوّرنا لناحية إمكان التنفيذ في مدى منظور وعاجل، فإن استجرار الطاقة من جمهورية مصر العربية بقدرة 150 ميغاواط، يضاف إليها شراء مولدات كهربائية وتركيبها بطاقة إجمالية تصل إلى 300 ميغاواط، مع إطلاق عملية تأهيل معمل الإنتاج في الزوق بما يسمح بضخ 150 ميغاواط إضافية، تمثّل لدينا مرحلة أولى لا غنى عنها ولا بديل في الوقت الراهن، وهي تمثل الطريقة الفضلى لإمداد لبنان بالطاقة الكهربائية في المدى القصير... أما على المدى المتوسط، فيحتاج لبنان إلى إطلاق مشاريع إنتاج جديدة، بالتزامن مع إطلاق المرحلة الأولى بقدرة إنتاج تصل إلى حدود 900 ميغاواط عبر إنشاء وحدتين لإنتاج الطاقة الكهربائية (قدرة كل وحدة 450 ميغاواط) بطريقة الدارة المركّبة وتعملان على الفيول الثقيل و/أو الغاز الطبيعي».
ويضيف الكتاب «لقد قام الصندوق مشكوراً بطرح مشروع تمويل معمل لإنتاج الطاقة الكهربائية على مجموعة التنسيق بين الصناديق العربية والإسلامية لتوفير تمويل لهذا المشروع، وقد لاقى هذا الطرح تجاوباً أوّلياً من قبل المجموعة بتمويل يصل إلى حدود 500 مليون دولار أميركي. غير أن لبنان يرغب في أن تأخذ مجموعة التنسيق بالاعتبار عدم قدرتنا على الانتظار 5 سنوات لإنشاء مثل هذه المعامل. وبالتالي، فإننا نأمل من الصندوق العربي أن يعمل بالتشاور مع مجموعة التنسيق على درس إمكان تحويل نيّات التمويل التي سبق أن أبدتها المجموعة إلى تمويل المرحلة الأولى التي ذكرناها آنفاً، وتحديداً البند المتعلق بشراء مولدات كهربائية وتركيبها بقدرة إجمالية 300 ميغاواط، وأن تكون صيغة التمويل تحمل صفة المشروع العاجل أو الطارئ... ويأمل المجلس أيضاً طرح إمكان تمويل المرحلة الثانية المتمثلة بإنشاء وحدتي إنتاج جديدتين بقدرة إجمالية 900 ميغاواط على مجموعة التنسيق، وفي أقرب فرصة ممكنة تسمح بإطلاق هذه المرحلة بالتزامن مع المرحلة الأولى».
(الأخبار)


1000 ميغاوات

هو مقدار العجز بين الطاقة الكهربائية المتاحة والطلب الذي سُجّل في بعض أوقات الذروة في هذا الصيف، ويفوق هذا العجز كل التقديرات السابقة ويشير إلى حجم المشكلة المتنامي


تنويع مصادر الطاقة