وزارة المال تصرّ على تكليفها بضريبة الدخل والغرامات عليها

رشا أبو زكي
وصل النزاع بين بلدية بيروت ووزارة المال إلى حدّ حجز الأخيرة على ممتلكات البلدية... حدث تضجّ به أروقة البلدية، أما سبب الحجز فيعود إلى أن وزارة المال تطالب البلدية بضريبة الدخل والغرامات المتراكمة عليها منذ عام 2001، وقد بدا هذا النزاع في عام 2006 عندما تقدّمت البلدية باعتراض على المبالغ المكلّفة بها من قبل الوزارة وتعتبرها «مخالفة للقوانين»... فعمدت الوزارة إلى إيقاف مستحقات بلدية بيروت البالغة حوالى 350 مليون ليرة العائدة إلى بدل إشغال مرأب في العاصمة، لسداد ضريبة الدخل عن عام 2006، واستمرت بهذا الإجراء في عامي 2007 و2008... وفي الأسبوع الماضي، وصل الإشكال إلى أوجه، فترددت معلومات عن أن الوزارة حجزت على أملاك البلدية.
إلا أن مصادر وزارة المال استغربت هذه الضجّة «المفتعلة»، وقالت إن وضع إشارة على أملاك المكلّف الذي لا يسدد ما يتوجب عليه من ضرائب وغرامات هو إجراء «أوتوماتيكي» يحصل تلقائياً في ظل النظام الممكن، بمعنى أن هذه الإشارة تُفرغ مباشرة بعد تسديد المتوجبات أو بعد النظر بالاعتراض واتخاذ القرار المناسب في شأنه... وأشارت هذه المصادر إلى أن الإشارة الموضوعة على أملاك البلدية قديمة، لأن النزاع لا يزال قائماً ولم يجر بتّه.

القرار وسبب الاعتراض

وفي التفاصيل، أصدرت وزارة المال قراراً بتكليف بلدية بيروت بضريبة الدخل، وفرضت الغرامات عليها بسبب عدم استيفاء الضريبة عند استحقاقها، وعدم تطابق المبالغ الخاضعة للضريبة والمدوّنة في بيان وضعية الاعتمادات مع تلك المدونة في جدول المبالغ المدفوعة، وعدم إخضاع تعويضات المعالجة في المستشفيات وبدل اخطار فوج الإطفاء والمساعدات الاجتماعية إلى الضريبة، وكذلك بسبب عدم التصريح عن تعويضات اللجان التي يتقاضاها الموظفون من خارج ملاك البلدية، وعدم التصريح عن مخصصات رئيس المجلس البلدي ونائبه وتعويض انتقال محافظ مدينة بيروت، وعدم التصريح عن تعويضات المراقب العام وعدم اقتطاع الضريبة عليها.
وتقدّمت بلدية بيروت في نهاية عام 2008 باعتراض الى الوزارة، ودعتها الى إعادة النظر في هذا القرار، معتبرة أنه «يخالف أحكام القوانين والأنظمة المرعية الأجراء». إلا أن الوزارة عادت ووجهت الى البلدية الطلب نفسه في حزيران الماضي، داعية البلدية الى دفع الضريبة والغرامة، وهنا عادت البلدية وقدمت اعتراضاً على القرار، وطلبت إحالة هذا الاعتراض إلى لجنة الاعتراضات لبتّه... إلا أن الوزارة لم تبتّ الاعتراض ولم تحوّله، بل عمدت الى الحجز على ممتلكات بلدية بيروت.
وتشير مصادر بلدية بيروت الى أن أسباب الاعتراض عديدة، إذ إنه لا يمكن استيفاء الضريبة عند استحقاقها، لأن الضريبة تستوفى بعد صرف المستحقات ودفعها إلى أصحاب الحق، كما ان عدم تطابق المبالغ الخاضعة للضريبة والمدونة في بيان وضعية الاعتمادات مع تلك المدونة في جدول المبالغ المدفوعة، يعود الى أن بعض مستحقات الموظفين عن كانون الأول، التي لم يتم دفعها قبل أول شباط من السنة اللاحقة يتم تدوير اعتماداتها وفقاً لأحكام المادة 114 من قانون المحاسبة العمومية، وبالتالي لا يمكن استيفاء الضريبة عنها إلا بعد صرفها ودفعها. كما انه لا يمكن إخضاع تعويضات المعالجة في المستشفيات إلى الضريبة، لأن المساعدات المرضية والتقديمات الصحية غير خاضعة لضريبة الدخل وفق رأي ديوان المحاسبة، وتؤكد المصادر أن ما يتعلق بإخضاع بدل اخطار فوج الإطفاء إلى الضريبة، فإن دائرة الصرفيات في البلدية بدأت تستوفي الضريبة اعتباراً من عام 2008، مع العلم بأن التعويض العائد لعناصر الجيش اللبناني غير خاضع للضريبة.
كذلك بدأت دائرة الصرفيات باستيفاء الضريبة عن المساعدات الاجتماعية، علماً بأن هذه المساعدات الاجتماعية شأنها شأن المساعدات المرضية، أما التصريح عن تعويضات اللجان التي يتقاضاها الموظفون من خارج ملاك البلدية، فإن نسبة ضريبة الدخل تتراوح ما بين 2% و20%، وإن بلدية بيروت لم تستوفِ الضريبة لأن أعضاء اللجان ليسوا من عداد موظفيها، وإن اقتطاع الضريبة لا يقع على عاتق بلدية بيروت لعدم معرفتها بكامل دخلهم وبأية نسبة يجب اقتطاعها من تعويضاتهم. أمّا في شأن عدم التصريح عن مخصصات رئيس المجلس البلدي ونائبه وتعويض انتقال محافظ مدينة بيروت، فإن رئيس المجلس البلدي ونائبه لا يتقاضيان راتباً شهرياً، وإنما يتقاضيان تعويض تمثيل وتعويض انتقال شهري، ووفقاً لأحكام الفقرة 2 من المادة 50 من قانون ضريبة الدخل، فإن هذين التعويضين معفيان من الضريبة.
أما عن عدم التصريح عن تعويضات المراقب العام وعدم اقتطاع الضريبة عليها، فقد أفادت دائرة الصرفيات أن المراقب العام السابق شغل هذا المنصب منذ 9/10/2002 بصفة مؤقتة، وهو ليس من عداد موظفي بلدية بيروت، ولا يمكن اقتطاع الضريبة لعدم معرفة النسبة الحقيقية لاقتطاعها لأن الضريبة تتراوح ما بين 2% و20%، علماً بأن المراقب العام الحالي لا يتقاضى أي تعويض.
وأشارت المصادر الى أن وزارة المال بإقدامها على إجراء مقاصة بين مستحقات البلدية لدى الوزارة وما اعتبرته الوزارة أنه دين على البلدية تكون قد اعتبرت البلدية من أشخاص القطاع الخاص لا من أشخاص القطاع العام الذين يتمتعون بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري، فتكون بذلك قد خالفت قانون وقواعد المحاسبة العمومية... لافتة الى أن وزارة المال أقدمت على وضع إشارات حجز على عقارات البلدية، وهذا ما يعرقل العمل البلدي ويشلّه ويقف حائلاً دون تصرف البلدية بعقاراتها.

الحجز بلا إنذار

وأشارت مصادر مطلعة الى أن قرار الحجز جاء بطريقة مفاجئة، إذ إن مجلس بلدية بيروت لم يناقش هذا الموضوع ولم يطّلع على أية ورقة رسمية حول موضوع الحجز، ولم يصل إلى الأعضاء أي قرار متعلق حتى يتم بحثه جدياً. وسألت المصادر «لدى البلدية مستحقات من كهرباء لبنان... فهل نحجز على أملاكها؟»، لافتة الى أن أي خلاف بين مؤسستين رسميتين يجب أن يحال الى مجلس الوزراء، وقبل المباشرة بالحجز يجب أن يرسل إنذار على الأقل، لكي يناقشه مجلس البلدية ويجيب عنه، إلا أن هذا الموضوع لم يحصل، بل إن أعضاء البلدية تبلّغوا قرار الحجز عبر وسائل الإعلام.