غيتس ينفي وجود ضوء أخضر لضرب إيران
يحيى دبوق
حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التقليل من شأن الخلافات القائمة مع الولايات المتحدة حيال الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، مستبقاً وصول عدد من المسؤولين الأميركيين إلى الدولة العبرية بالتشديد على «متانة العلاقة والتفاهم القائم مع الولايات المتحدة التي لا تعني تفاهماً في جميع المواضيع».
وأضاف نتنياهو، في جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس، أن «المصالح المشتركة بيننا وبين واشنطن تشتمل على جميع مجالات التعاون بين البلدين، ونحن نؤمن بتكثيف واستمرار الاتصالات مع الولايات المتحدة التي تظهر أن القاسم المشترك بيننا هو البحث عن الاستقرار الأمني والتطوير الاقتصادي والتقدم السياسي، إضافة إلى شؤون استراتيجية أخرى»، مشيراً إلى أن «شبكة العلاقات مع الولايات المتحدة متينة ومهمة للغاية، إلا أن نسيج علاقات الصداقة بين الدولتين الحليفتين لا يعني أن هناك موافقة تامة في جميع المواضيع، ونحن نعمل للتوصل إلى تفاهمات في قضايا معينة، وإلى دفع الأهداف المشتركة قدماً، وهي السلام والأمن والازدهار لجميع شعوب الشرق الأوسط».
واستباقاً لزيارة المسؤولين الأميركيين، نقلت الإذاعة الإسرائيلية، أمس، عن مصادر إسرائيلية وأميركية قولها إن «واشنطن وتل أبيب أصبحتا قريبتين من التوصل إلى تفاهمات بشأن البناء في المستوطنات»، رغم تأكيدها أن «نتنياهو قال في جلسات مغلقة إنه يتوقع أن تكون هناك حاجة إلى عقد جولات أخرى من المحادثات مع (المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج) ميتشل، بهدف التوصل إلى اتفاق، إذ لم يتم إلى الآن إيجاد الوصفة السحرية لحل هذه الخلافات، بمعنى أن اللقاء (مع ميتشل) لن يكون نهاية الأمر بالنسبة إلى هذا الموضوع».
وفي السياق نفسه، رأت الصحف الإسرائيلية أمس أن «هذا الأسبوع هو أسبوع الضغط الأميركي على إسرائيل»، في إشارة إلى زيارة المسؤولين الأميركيين. ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى تناقضاً في الموقف الواجب اتخاذه حيال المطالب الأميركية، ولا سيما الموقف من تجميد الاستيطان في الضفة الغربية وشرقي القدس.
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله «إن تجميد البناء في المستوطنات لا يمكن أن يتم إلا بالتدريج مع فتح باب المفاوضات مع سوريا ولبنان، إضافة إلى خطوات تطبيع مع الدول العربية»، مضيفاً أن «واشنطن يمكنها أن تطلب من إسرائيل تجميد الاستيطان فقط في إطار التقدم في عملية السلام الإقليمي، إذ من غير المعروف ما إذا كان الأميركيون قد حققوا بالفعل نتائج من الدول العربية، وإذا لم يحقق أوباما ثمناً من الدول العربية، فليس بوسعنا اتخاذ أي قرار بتجميد البناء» في المستوطنات.
وبحسب مصدر سياسي إسرائيلي آخر، تضيف الصحيفة نفسها، أن «على إسرائيل أن توافق على تجميد مؤقت للبناء في الضفة، ذلك أن تجميداً كهذا يمكنه أن يساعد الأميركيين على التوصل إلى تفاهمات مع الدول العربية وإقناعها بالشروع في خطوات تطبيع مع إسرائيل». وعن الموضوع النووي الإيراني، قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، لصحيفة «معاريف» إن زيارة وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، «ترمي أساساً إلى التلميح لإيران بأن الوقت للحوار، الذي منحته الولايات المتحدة لها، آخذ بالنفاد».
وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن غيتس سيوضح لمحدّثيه الإسرائيليين أنه ليس لإسرائيل ضوء أخضر من قبل واشنطن لمهاجمة إيران، غير أنه سيؤكد لهم أنه «في حالة عدم استجابة طهران للدعوة الأميركية إلى حل الملف النووي الإيراني بالسبل الدبلوماسية، فإن الإدارة الأميركية تعتزم قيادة تحرك دولي لفرض عقوبات صارمة على إيران».
وأشارت «يديعوت» إلى أنه «يستدلّ من تقارير وردت إلى المستوى السياسي في إسرائيل بأن أوباما يدرس إمكان عقد مؤتمر قمة بحضور نتنياهو وأبو مازن والرئيس (المصري حسني) مبارك والملك الأردني عبد الله، إضافة إلى الملك المغربي (محمد السادس)، وهدف هذه القمة إطلاق المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين بدعم من الدول العربية المعتدلة».
من جهتها، قالت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها أمس، إن «الفشل الأبرز لبنيامين نتنياهو، إلى الآن، كان في علاقاته غير الجيدة مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إذ يدرك رئيس الحكومة ومستشاروه مدى حاجة إسرائيل إلى علاقات جيدة ووثيقة مع الولايات المتحدة، القادرة على منحها مظلة سياسية واستراتيجية واقتصادية»، مشددة على «وجوب أن يسعى نتنياهو إلى تفاهم مع أوباما، بدلاً من أن يتصرف كمن يريد مواجهة سياسية لا ضرورة لها مع الولايات المتحدة».
وأشارت الصحيفة إلى أن «نتنياهو يتصرف ضد المصالح الإسرائيلية عبر انتقاداته وملاحظاته المهينة لمساعدي أوباما من اليهود الأميركيين، وأيضاً من خلال تحرّشه بالرئيس الأميركي نفسه لدى حديثه غير الضروري عن البناء في شرقي القدس»، مضيفة أن «زيارة المسؤولين الأميركيين فرصة جيدة لبدء إحداث تحول في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، إذ على نتنياهو أن يفكك البؤر الاستيطانية وأن يوافق على تجميد الاستيطان، إذ إن التفاهم حول الملف الإيراني هام، ويجب تعزيزه».
وعلى نقيض من صحيفة «هآرتس»، رأت صحيفة «جيروزاليم بوست»، في افتتاحيتها، أن «إدارة الرئيس أوباما هي إدارة تساند الفلسطينيين لأنها اتخذت قراراً استراتيجياً بممارسة الضغوط المركّزة والثقيلة والعلنية على إسرائيل، إلا أن هناك شكاً بأن يعتقد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية بأن إسرائيل ستخضع لمنطق الإملاءات وتجمّد الاستيطان».


طهران تتوعّد المنشآت النووية الإسرائيلية(رويترز)