خاص بالموقع | 12:17 AMتفتقد الضفة الغربية الأمان. سُرِق منها الحلم ولم يبق لها إلا واقعٌ يزداد مرارة. يقتحم المستوطنون الإسرائيليون أحياء الفلسطينيين ومنازلهم في الضفّة، لترسم بصماتهم كابوس واقع جديد، صار يكرر نفسه ويخنق من خنقهم واقع الاحتلال أصلاً منذ زمن بعيد
من نافذة منزلها، تُطِلُّ نهلة أحمد، وهي أمّ لأربعة أطفال، على منظر خلاب شمال الضفة الغربية. جمالٌ بات يتحول إلى كابوس يومياً، بسبب الهجمات والمضايقات المستمرة للمستوطنين المتطرفين القاطنين في مستوطنة يتسحار، التي لا تبعد سوى مئات الأمتار عن منزلها. وتقول: «وضعنا قضباناً على النوافذ بعد أول هجوم. كان ذلك منذ ثلاث سنوات».
تغير الوضح الآن. بات أكثر صعوبة. توضح نهلة أن المستوطنين «باتوا يأتون كل أسبوع، وأحياناً الجمعة والسبت»، مشيرة إلى نجمات داود المرسومة على جدران بيتها، الذي يقع عند مدخل بلدة عسيرة القبلية في مواجهة مستوطنة يتسحار القريبة من نابلس، والتي يعد مستوطنوها الأكثر تطرفاً في الضفة.
ويشرح زوجها، جمال أحمد، أن المستوطنين «يريدون إخافتنا وجعلنا نرحل من هنا»، مضيفاً أنهم «يأخذون الأرض على مراحل ومن دون أي عقاب. وبالنسبة إلينا، لا يوجد أي أمان، فلا أحد يحمينا».
وفي السياق، يؤكد رئيس بلدية بورين، علي عيد، أن «لدينا مشاكل ضخمة مع المستوطنين الذين نتعرض لهجماتهم بشكل دائم»، موضحاً أنهم «يعتدون على الناس ويحرقون منازلهم وسياراتهم، ويطلقون النار عليهم ويقتلون الماشية أو يسرقونها. وأيضاً يأخذون الأراضي بالقانون أو بالقوة».
ولثلاث سنوات على التوالي، تم اقتلاع أشجار الزيتون الـ150 التي يملكها محمد حسين أبو بكر (66 عاماً) في بلدته جت. وها هو يتذكر أن «المرة الأخيرة كانت في شباط عام 2008». وقد تعرض ولداه أيضاً لهجمات أثناء توجههما إلى العمل في الحقل منذ ثلاثة أسابيع. وقال أبو بكر: «لقد ثقبوا إطارات جراري ورشقوا ولدي بالحجارة»، مضيفاً «اليوم لم أعد أستطيع الذهاب إلى أرضي بسبب المستوطنين. يقولون إنها ملكهم وإنها أرض إسرائيل».
هذه هي حال فلسطينيي الضفة. يفتقدون الأمان وتؤرقهم هجمات المستوطنين. أصحاب التطرف يُرهبون أصحاب الأرض. تآلفوا مع السلب بالهمجية، حتى خرقوا كلمة حق. وهكذا، بمجرد أن نُشِر بينهم إخطار عن النية لإخلاء بؤرة «رمات جلعاد» الاستيطانية، المحاذية لكرنيه شومرون في السامرة، وتضم عشر عائلات، حتى تدفق مئات الأشخاص إلى البؤرة لسد المحاور ومنع وصول قوات الإخلاء. أغلق مستوطنون ملثمون الطريق ورشقوا السيارات الفلسطينية بالحجارة، ما أدى إلى إصابة أربعة فلسطينيين. وإلى جانب يتسهار، أحرقت أراضٍ زراعية وكروم زيتون لقرية بورين الفلسطينية المجاورة.
وتضمنت المعلومات التي وصلت إلى المستوطنين أن إخلاء البؤرة يجب أن يتم قبيل سفر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إلى واشنطن. إلا أن وزارة الدفاع أوضحت أنه رغم النية لإخلاء 26 بؤرة استيطانية، فإنهم لن يخلوها إلا بعد «محاولة الحوار مع قادة المستوطنين».
في المقابل، وصلت قوات حرس الحدود الإسرائيلية ووحدة الشرطة الخاصة «يسم»، بمرافقة رجال قانون من الجيش إلى بؤرة نحلات يوسيف، قرب الون موريه، وأخلت منها ثلاث كرفانات. وبعد استكمال الإخلاء، أحرق مستوطنون حقولاً فلسطينية في عدة مواقع أخرى.
ويقول أحد رؤساء المزرعة، أيتي زار، إن «دولة إسرائيل يجب أن تُخرِج من قاموسها تعبير إخلاء مستوطنين في أرض إسرائيل. المستوطنون هم جمهور حشر في الزاوية. وعندما يحشر أحد في الزاوية، فإنه يبعث بيديه في كل صوب».
إلى ذلك، دانت حركتا «حماس» و«فتح» الهجمات التي يشنها المستوطنون اليهود ضد الفلسطينيين ومزارعهم في الضفة الغربية، وطالبت الأولى بمقاومة تلك الهجمات، فيما دعت الثانية إلى ضغط دولي لوقفها.
(أ ف ب، الأخبار)