h1>أكد «حقّ الفلسطينيين بالبقاء» ومتانة العلاقة مع إسـرائيلًاستعان باراك أوباما في خطابه للتقرب من المسلمين بعنصرين: الاستشهاد بالقرآن، والاستدلال بأصوله الإسلامية، وقد وُفّق في نيل غايته، لكنه عاد وابتعد حين تحدث عن فلسطين المحتلة؛ تعاطف مع «محرقة اليهود»، لكنه لم يذكر ولو كلمة عن «محارق» الاحتلال على مدى 60 عاماً
توجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، بخطاب إلى العالم الإسلامي، طارحاً صيغة الحوار مكان التصادم بين الحضارات والأديان، ومبرّراً الموقف الأميركي من القضايا التي أثارت عداء المسلمين ضدّ أميركا في أفغانستان والعراق وفلسطين. وقد أكثر في خطابه من الاستشهاد بآيات من القرآن والتذكير بأنه ينحدر من عائلة مسلمة.
ودعا أوباما إلى بداية جديدة على أساس «الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة» و«لا داعي أبداً للتنافس» بل المشاركة في المبادئ والقيم. وكان استشهاده الأول بالقرآن قائلاً «اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً، وهذا ما سوف أحاول بما في وسعي أن أفعله وأن أقول الحقيقة». وعرض لتجربته كي يشير إلى قربه للملسمين فهو ينحدر من عائلة أتت بأجيال من المسلمين، و«لما كنت صبياً قضيت عدة سنوات في إندونيسيا واستمعت إلى الأذان ساعات الفجر والمغرب». كذلك عرض إسهامات المسلمين في الولايات المتحدة حيث «الإسلام كان دائماً جزءاً لا يتجزأ من قصة أميركا»، ومنذ تأسيسها «كان المغرب أول بلد اعترف» بها.
وقال أوباما إن «الصورة النمطية البدائية للإمبراطورية التي لا تهتم إلا بمصالح نفسها لا تنطبق على أميركا»، مضيفاً «أسّست دولتنا على أساس مثال مفاده أن جميع البشر قد خلقوا سواسية»، مشيراً إلى أهمية «انتخاب شخص من أصل أميركي أفريقي يدعى باراك حسين أوباما». وشدد على أهمية حرية إقامة الشعائر الدينية في أميركا مع «وجود أكثر من 1200 مسجد داخل حدودنا»، حيث لجأت الحكومة إلى «صون حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب ومعاقبة من يجرؤ على حرمانهن هذا الحق». وتحدث أوباما عن التحديات والمصير المشترك بين البشر «إذا ضعف نظام مالي في بلد واحد، وإذا أصيب شخص واحد بالأنفلونزا فيعرض ذلك الجميع للخطر. ونظراً إلى الاعتماد الدولي المتبادل، أقرّ بأن أي نظام عالمي يعلي شعباً أو مجموعة من البشر فوق غيرهم سوف يبوء بالفشل لا محالة».
وقال إن هناك مجموعة أمور يتعين مواجهتها بجهد مشترك، تتعلق بسبع نقاط أساسية: المسألة الأولى «التطرف العنيف». وأكد أن «أميركا ليست ولن تكون أبداً في حرب مع الإسلام». وتحدث عن أفغانستان، وقال إن من واجباته كرئيس «حماية الشعب الأميركي، ونحن لم نذهب إلى هناك (أفغانستان) بإرادتنا، بل بسبب الضرورة». وحول أحداث 9/11، قال إن «القاعدة قتل 3 آلاف شخص في ذلك اليوم... من الأبرياء»، مؤكداً «لا نريد من جيشنا أن يبقى في أفغانستان ولا نسعى لإقامة قواعد عسكرية» هناك. وتابع إن «القاعدة» قتل «أبناء من مختلف العقائد، ومعظم ضحاياهم مسلمون». واستشهد بالقرآن «من يقتل نفساً بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».
أما في العراق، حيث كانت الحرب «اختيارية»، فقال إن العراقيين كانوا «الطرف الكاسب في معادلة التخلص من الطاغية صدام حسين». وأوضح أن بلاده لا تسعى إلى إقامة قواعد دائمة هناك، و«لهذا أمرت بانسحاب مع حلول آب» من جميع المدن وكذلك «سحب جميع قواتنا بحلول 2012».
و«المصدر الرئيسي الثاني للتوتر» الذي تطرق إليه أوباما هو الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فشدد على الأواصر الرابطة مع إسرائيل «ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبداً»، وهي مرتبطة بالتاريخ والثقافة والتزام بلاده «بوطن قومي للشعب اليهودي»، الذي قال إنه «تعرّض للاضطهاد على مر القرون، وتفاقمت أحوال معاداة السامية في وقوع المحرقة». وشدد على أن «إنكار هذه الحقيقة ينمّ عن جهل وبالغ الكراهية».
وبالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، قال إنهم «عانوا أيضاً في سعيهم إلى إقامة وطن خاص لهم، وتحمّلوا آلام النزوح على مدى أكثر من 60 عاماً». وتعهّد بأن بلاده «لن تدير ظهرها إلى التطلّعات المشروعة للفلسطينيين» بوجود دولة خاصة بهم، مشيراً إلى أن هناك «شعبين لكل منهما طموحاته المشروعة». وشدد على حل الدولتين، لأنه يصبّ في مصلحة «إسرائيل والفلسطينيين والولايات المتحدة والعالم». ولهذا السبب سوف «أسعى شخصياً للوصول إلى هذه النتيجة» بكل تفانٍ. ودعا الفلسطينيين إلى التخلي عن العنف لأنه «لا يؤدي إلى النجاح»، مستدلّاً بتجربة السود الأميركيين، الذين تعرضوا للاضطهاد والتمييز العنصري، «ولكن العنف لم يكن السبيل الذي مكنهم من الحصول على حقوقهم» بل الإصرار.
ودعا «حماس» إلى وضع حد «للعنف» والاعتراف بحق إسرائيل بالوجود على اعتبار أنها جزء من الشعب الفلسطيني. كما دعا إسرائيل إلى أن تعترف «بحق فلسطين بالبقاء»، مؤكداً أن بلاده «لا تقبل استمرار الاستيطان». وشدد على أهمية مبادرة السلام العربية باعتبارها «بداية هامة» ولكن «مسؤوليات الدول العربية لا تنتهي بهذه المبادرة».
وعلى خلاف تصريح سابق له أمام منظمة «إيباك»، حين كان مرشحاً رئاسياً حيث قال إن «القدس عاصمة أبدية لإسرائيل»، قال أوباما إن «علينا جميعاً تقع مسؤولية العمل من أجل ذلك اليوم الذي ... تصبح فيه مدينة القدس وطناً دائماً لليهود والمسيحيين والمسلمين».
و«المصدر الثالث للتوتر»، إيران وملفّها النووي، وما يمكن أن يجرّه من سباق تسلّح في المنطقة، وبالنسبة إلى امتلاك دولةٍ النووي دون أخرى، أكد أوباما «التزام أميركا بالسعي من أجل عدم امتلاك أي من الدول للأسلحة النووية».
وفي النقاط الأربع الأخيرة، تطرق أوباما الى الديموقراطية حيث أعطى محاضرة فيها، رغم أنه أقرّ بخطأ فرضها بالقوة على الدول والشعوب. وتحدث عن حرية الأديان، فدعا إلى «الحفاظ على التنوّع الديني، سواء كان ذلك بالنسبة إلى الموارنة في لبنان، أو الأقباط في مصر». وقال إنه «ينبغي ردم التصدّعات بين المسلمين أنفسهم، كذلك الانقسامات بين السنّة والشيعة التي قادت إلى عنف مأسوي، وخصوصاً في العراق». وتحدث عن حقوق المرأة والتنمية الاقتصادية، وختم بآية من القرآن «يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».
(الأخبار)