خلّيك بالبيت». شعارٌ رفعه سكان القاهرة، أمس، تجنّباً للإجراءات الأمنية المشددة التي رافقت زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مصر. حتى إن فضول خطف مشاهد الوصول من خلال شرفات المنازل كان صعباً بسبب الأوامر. مظاهر تشي بأحد عوامل تاريخية الزيارة
القاهرة ــ الأخبار
خيّمت الإجراءات الأمنية المصرية المرافقة لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على القاهرة أرضاً وجواً. ولم يكن أمام المصريين، الذين حُبسوا في منازلهم، إلا تبادل النكات حول هذه الإجراءات. حتى إن بعض قاطني الأحياء الشعبية قالوا: «ليت أوباما يمر من عندنا».
ولاحظ صحافيون أجانب أنه كان من نتائج الإجراءات الأمنية أن «بعض القاهريين حُرِموا من تناول فطورهم؛ ففي أحد محال بيع المواد الغذائية قرب جامعة القاهرة، فوجئ الزبائن بأنه لا يوجد خبز لأن السيارات التي تتولى توزيعه لم تتمكن من الوصول. وقال صاحب المحل لزبائنه: «سيأتي الخبز بمجرد أن يغادر هذا الرجل».
هجر المصريون شوارع محافظتي القاهرة والجيزة، وآثروا السلامة وتفادي توقف الحركة المرورية والتعقيدات والإجراءات الأمنية المشددة طوال الساعات الثماني التي أمضاها أوباما.
وخلافاً لما كان مقرراً، تغيّب الرئيس المصري حسني مبارك عن استقبال أوباما لدى وصول طائرته الرئاسية إلى مطار القاهرة، تاركاً المهمة لوزير الخارجية أحمد أبو الغيط. ووصل موكب أوباما إلى القصر الرئاسي الذي استضاف محادثاته مع مبارك، وسط صفين من فرسان الحرس الجمهوري، بينما كانت الموسيقى العسكرية تعزف بعض المقطوعات ترحيباً به.
وفيما انتظر مبارك ضيفه في شرفة القصر الرئاسي في القبة، صعد أوباما المليء بالحيوية درجات السلم إلى حيث يقف نظيره المصري، وكأنه يمارس رياضة العدو، قبل أن يتبادلا الأحضان والقبلات. وبدا مبارك متحاملاً على نفسه، وعابساً معظم الوقت، كأنه لا يزال يعاني صدمة فقدان حفيده محمد علاء مبارك.
ولم يعقد الرئيسان مؤتمراً صحافياً، وفضّلا التحدث جلوساً للصحافيين، كما يحدث في اجتماعات البيت الأبيض. وقال مبارك إنه «بحث مع أوباما العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخصوصاً قضايا الشرق الأوسط، وفي مقدمها القضية الفلسطينية. كما تبادلا الآراء حول قضايا المنطقة ككل، بما في ذلك الملف النووي الإيراني».
من جهته، قال أوباما إنه «أراد أن يجلس مع مبارك لأنه يتمتع بخبرة طويلة في قضايا المنطقة، ولمعرفة وجهة نظره في عدد من الملفات»، مشيراً إلى أنهما «ناقشا الوضع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني، وتناولا سبل السير قدماً لتحقيق السلام والرفاهية والتقدم لجميع شعوب المنطقة». وعقب القمة المغلقة، عقد مبارك وأوباما جلسة مباحثات موسعة بالقبة، حضرها أعضاء وفدي البلدين.
وغادر أوباما قصر القبة، متوجهاً إلى مسجد السلطان حسن في القلعة جنوب القاهرة. وبدأ جولة داخل المسجد بصحبة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وحرص على خلع حذائه توقيراً لمقام المسجد.
وقال شاهد عيان إن قناصة «احتلوا أسطح البيوت المحيطة بالجامع قبل الزيارة وبعدها في نطاق إجراءات تأمين الزيارة». وأبدى أوباما إعجابه الشديد بهذه التحفة المعمارية التي تنطق بعبق التاريخ والعمارة المصرية في العصر المملوكي.
وبعد خطاب أوباما، كانت هناك سلسلة من المواقف المصريّة، إذ أعرب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمن، محمد حبيب، عن تخوفه من «اصطدام تصريحات أوباما بالمؤسسات الأميركية الحاكمة التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني». واعتبر أن «موقف الإدارة الأميركية من القضية الفلسطينية لا يزال داعماً للعدو الصهيوني».
إلا أن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، رأى في المقابل أن خطاب أوباما تضمن رؤية «متوازنة وجيدة». وقال «إننا كدول عربية لدينا آمال كبيرة بأن يتحرك أوباما لحل القضية الفلسطينية»، مضيفاً أن «القانون الدولي والمؤسسات الدولية ستساند هذا الخط المتوازن الذي طرحه أوباما».
من جهته، رأى مفتي الجمهورية، علي جمعة، أن خطاب أوباما «مؤشر جيد على بدء عهد جديد واعد من العلاقات بين أميركا والعالمين العربي والإسلامي، والذي يمهّد الطريق أمام الحوار الحقيقي بين الحضارات». وطالب الرئيس الأميركي «بالمضيّ قدماً في جهوده لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة». كذلك رحب مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر بخطاب الرئيس الأميركي، واعتبر أنه «دليل على بدء عهد جديد واعد من العلاقات بين أميركا والعالمين العربي والإسلامي»، ودعاه الى وضع خطة للانسحاب من أفغانستان.
في المقابل، لاحظ رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب، مصطفى الفقي، أن «الخطاب لم يتضمن أي تغيير في السياسة الأميركية تجاه المنطقة العربية»، قائلاً إن «الخطاب في مجمله لغة مختلفة، لكنه لم يقدم أي التزام أميركي باستثناء أمن إسرائيل».
من جهته، فاجأ الممثل الكوميدي عادل إمام جمهور المشاهدين في اتصال هاتفي مع قناة «أوربت»، بقوله: «تمنّيت حاجة واحدة، أن يقول لنا رأيه في قضية سوزان تميم».