الخلاف على مهام مجلس الجنوب لم يحلّ والاتجاه للتأجيلرشا أبو زكي
انتهت ولاية الحكومة، وشارف العام الجاري على الانتهاء، ولا تزال قصة مشروع موازنة عام 2009 تراوح مكانها. ففيما كان يجب البدء في التحضير لمشروع موازنة عام 2010، إلا أن جلسة مجلس الوزراء اليوم يبدو أنها ستعقد كـ«رفع عتب» بحسب تعبير أحد الوزراء، ولن تخرج بإقرار مشروع موازنة عام 2009 الموضوع بنداً أول على جدول الأعمال. فقضية زيادة موازنة مجلس الجنوب التي كانت العائق الأبرز لإقرار المشروع انتهت حتى قبل الانتخابات، وتأجيل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عرض المشروع بصيغته الجديدة على مجلس الوزراء كان تثبيتاً لموقف «لا مال لمجلس الجنوب قبل الانتخابات»... انتهت الانتخابات، والآن ماذا؟
الجواب عن هذا السؤال غير محسوم، فلا وزير المال يستطيع تأكيد النيّة بإقرار الموازنة خلال الجلستين الأخيرتين للحكومة الحالية (اليوم ويوم الجمعة المقبل)، ولا الوزراء مدركون لاتجاه المباحثات، فمنهم من يشير إلى أن الإقرار سيتم، ومنهم من يستبعد، ومنهم من قضى يوم أمس من دون أن يعرف أن بحث موازنة عام 2009 مطروح على جدول أعمال المجلس! وهذا اللغط الواضح «لا يطمئن» بحسب وزير الشؤون الاجتماعية ماريو عون، ولا يشير إلى أي انفراجات تذكر في هذه القضية.

خلاف على النص

ففي 22 أيار الماضي، رفع وزير المال محمد شطح تعديلاته على مشروع موازنة عام 2009 إلى رئاسة مجلس الوزراء بحسب التسوية التي رعاها رئيس الجمهورية بين رئيسي المجلس النيابي والحكومة، وكان أبرز هذه التعديلات زيادة الاعتمادات المخصصة لمجلس الجنوب من 6 مليارات ليرة إلى 61.5 مليار ليرة، وفقاً لشروط معينة، وزيادة اعتمادات الصندوق المركزي للمهجرين إلى 36 مليار ليرة، ما أدى إلى زيادة مجمل النفقات بنحو 746 مليار ليرة، من 15 ألفاً و552 مليار ليرة كانت ملحوظة في المشروع السابق، إلى 16 ألفاً و298 مليار ليرة، وأدّت أيضاً إلى زيادة الإيرادات بنحو 250 مليار ليرة، من 11 ألفاً و139 مليار ليرة إلى 11 ألفاً و389 مليار ليرة... وفي ما يتعلق بمجلس الجنوب تضمّنت التعديلات إجراءات جديدة يبدأ العمل بها من بداية عام 2010، منها دفع رواتب شهداء المقاومة من قبل وزارة المال لا من المجلس، وأن تصبح إيجارات العقارات المشغولة من قوات الطوارئ في عهدة وزارة الدفاع... إضافة إلى دفع تعويضات الأضرار الحاصلة ما قبل التحرير خلال الفترة الممتدة حتى عام 2011، على أن يصار إلى تحديد هذه التعويضات والموافقة عليها من رئاسة مجلس الوزراء... وقد أظهر رئيس مجلس النواب نبيه بري حينها، موافقته على الأرقام الواردة في التعديلات على موازنة مجلس الجنوب، إلا أن الاعتراضات استمرت على الإجراءات المذكورة... ولم يبحث هذا الإشكال في مجلس الوزراء!
ويقول وزير الصناعة غازي زعيتر لـ«الأخبار» إن «مطالبنا كانت زيادة موازنة مجلس الجنوب إلى 60 مليار ليرة، ولكن بعدما قامت وزارة المال بحساباتها تبيّن أن الموازنة يجب أن ترتفع إلى 61،5 مليار ليرة، وهذا الرقم هو أعلى مما كنا نطالب به، ومن هنا ليس لدينا أية تعليقات على موضوع الأرقام المتعلقة بمجلس الجنوب». ويلفت زعيتر إلى أن «هذا الموضوع لا يعني أننا نوافق على بنود أخرى متعلّقة بمجلس الجنوب مطروحة في الموازنة، وإن كان وزير المال يريد إضافة أية تعديلات نصيّة، فيمكنه رفع ذلك عبر اقتراح قانون بمعزل عن مشروع الموازنة». ويضيف «إذا حُذفت الشروط الموضوعة فعندها سنصوّت مع إقرار الموازنة». ويوضح «إذا كانت النيات طيبة فسيتم إقرار الموازنة غداً (اليوم)».
إلا أن وزير المال محمد شطح يشير إلى أهمّية إقرار موازنة عام 2009 قبل تأليف الحكومة الجديدة، ويلف إلى أن المشكلة التي كانت واقعة حول موازنة مجلس الجنوب قد حلّت، وكان يوجد رأي يقول بأن لا تعرض قضية مجلس الجنوب قبل بحث تفاصيلها مع المعنيين في المجلس ذاته، إلا أن الصائب كان عرض هذه القضية ليبحث مجلس الوزراء في تفاصيلها للوصول إلى نتائج، إذ يجب ألا يكون هنالك مفاوضات مسبقة على بنود الموازنة، إلا أن طبيعة الانقسام الحكومي، كانت عاملاً من عوامل عدم إقرار الموازنة. ويلفت شطح إلى أن البعض لم يحبّذ مقاربة موضوع موازنة مجلس الجنوب من ناحية استكمال مهامه، انطلاقاً من مبدأ استكمال البيان الوزاري،. لكن ما يجب أن يتم هو مناقشة هذا الموضوع على طاولة الحكومة، فإمّا أن يتم إقرار مشروع الموازنة كما هو، وإمّا أن يتم تعديله وفقاً للاقتراحات المقدمة.
ويلفت إلى أن البعض يريد عرض التعديلات على أرقام الموازنة من دون الدخول في بنود مجلس الجنوب، «ولكن أنا كوزير مال من واجبي أن أضع رأيي في موضوع استكمال مهام مجلس الجنوب، ومن حقي عرضه من خلال مشروع الموازنة، التي هي أصلاً اقتراح قانون»، ويشير إلى أنه إذا كانت هذه البنود تشكل مشكلة، فليبحثها مجلس الوزراء، ويأخذ الموقف المناسب منها»... ويضيف «لنر كيف ستسير الأمور...».

«رفع عتب»

إلا أن الوزير ماريو عون يرى أن جلسة اليوم وإدراج بند مناقشة الموازنة ليس سوى «رفع عتب» لا أكثر، وأن الحكومة لن تقرّ المشروع لأن الحل مرتبط بموضوع الصناديق من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه الحكومة أصبحت في نهاية عهدها، ويمكن ترك موضوع إقرار الموازنة إلى الحكومة الجديدة. ويلفت إلى أنه لم تجر أي اتصالات جدية تتعلق بموازنة عام 2009 اليوم (أمس)، ولم يبحث أحد معنا في هذا الموضوع. إلا أن وزير التنمية الإدارية إبراهيم شمس الدين يرى أنه ما دامت الموازنة مدرجة على جدول أعمال المجلس، فهذا يعني أن موضوع المجالس قد حلّ، «وتيسّر الأمر»، وهو يتوقع إقرار الموازنة اليوم، معتبراً أن من غير اللائق «أن يتم ربط موضوع إقرار الموازنة بانتهاء فترة الانتخابات، إذ يجب أن يكون العمل مؤسساتياً»، ومشيراً إلى أن «تأجيل إقرار الموازنة بعد إجراء التعديلات على موازنة مجلس الجنوب كان ذا طابع تقني، ومن المفترض أن تكون الأسباب قد انتهت».


30.12 في المئة

هي نسبة العجز في موازنة عام 2009، بعد إدخال التعديلات على بنود الإنفاق فيها، إذ إن العجز ارتفع من 4 آلاف و413 مليار ليرة إلى 4 آلاف و909 مليارات، بزيادة 496 مليار ليرة، كما ارتفعت نسبة العجز من 28.37% إلى 30.12%.


8 أشهر من التأخير