نحو إقرار قطع حسابات بالتزامن مع موازنة 2009
رشا أبو زكي
فشلت الحكومة، التي انتهت ولايتها يوم السبت الماضي، في تنفيذ أهم بنود بيانها الوزراي، وهو إعادة الإنفاق إلى القواعد الدستورية، فلم تنفّذ البند 48 من البيان الذي تلتزم فيه بـ«إقرار موازنة عام 2009 في موعدها، وإقرار الموازنات العامة للسنوات الثلاث 2006و2007 و2008».
ولم تظهر الحكومة أنها مهتمة أصلاً بإيجاد حل أو مخرج لـ«الجرصة» القانونية والهرطقة الدستورية المستمرة منذ ثلاث سنوات و8 أشهر، بل بدا رئيسها مهتماً أكثر بمواصلة اتباع أسوأ أنواع السلوك الإنفاقي المنفلت من أي قيد قانوني أو رقابة أو ضابط ولو شكلياً... فـ«المعارضة»، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أعلنت مراراً أن المطلوب أن تعيد الحكومة إرسال مشاريع الموازنات غير المصادق عليها (من 2006 حتى 2008) إلى رئاسة البرلمان ليتم إجراء قطع حساب للنفقات التي تمت خلال هذه الأعوام، بالتزامن مع إقرار مشروع موازنة عام 2009، وذلك للخروج من عقبة «لا شرعية» قرارات الحكومة السابقة. فيما الموالاة لا تزال مصرة على موقفها الرامي إلى تثبيت شرعية الحكومة السابقة عبر عشرات مشاريع القوانين التي أرسلتها بعد استقالة الوزراء الشيعة، ومنها مشاريع الموازنات الثلاثة.
ويلفت وزير المال محمد شطح في هذا الإطار، إلى أن اقرار الموازنات الثلاث يجب أن يأتي من ضمن سلة التفاهمات الحاصلة بين فريقي الموالاة والمعارضة، موضحاً أن هذه الموازنات تتضمن عدداً كبيراً من مشاريع القوانين أرسلت إلى رئاسة مجلس النواب، فيما تعتبر هذه الأخيرة أنها لم تتسلمها، لافتاً إلى أنه «من غير الطبيعي ألا تُقرّ 3 موازنات، لأن هناك قواعد للإنفاق، وعدم إقرار الموازنات يعتبر خرقاً لهذه القواعد». ويشير شطح إلى أن الحل المطروح، هو تصديق مجلس النواب على الإنفاق الذي حصل بين أعوام 2006 و2008 عبر إجراء قطع للحساب، «إذ هناك مجلس نواب جديد، وهو سيد نفسه من رئاسة ومكتب، وسيعالج هذه المعضلة، إن كان من النواحي القانونية أو السياسية، وخصوصاً أن الواضح أننا ذاهبون نحو فترة تهدئة». مشيراً إلى أن استمرار عدم الإقرار يعتبر وضعاً شاذاً، ومن غير الطبيعي أن يبقى هذا الموضوع عالقاً.
وفيما يؤكد عضو المجلس الدستوري السابق سليم جريصاتي، ضرورة إيجاد حل للموازنات الثلاث قبل إقرار موازنة عام 2009 في مجلس النواب، ويطرح الأسئلة التالية: هل يمكن إرسال مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2009 إلى مجلس النواب ولو بعد انتهاء المهلة الدستورية؟ وماذا عن مصير الموازنات السابقة للأعوام 2006 و2007 و2008؟ ويوضح أن المراسيم التي صدرت عندما كانت الحكومة فاقدة للشرعية الميثاقية والدستورية، وإحالتها مشاريع قوانين إلى مجلس النواب من دون توقيع رئيس الجمهورية واعتبارها مراسيم نافذة حكماً، هي مراسيم لم تنشأ بطريقة صحيحة على الصعيد الدستوري، لأن رئيس الجمهورية السابق إميل لحود رفض توقيعها. أما المراسيم العادية التي صدرت بعد رحيل الرئيس لحود بانتهاء ولايته في 23 تشرين الثاني 2007، فهي مراسيم يشوبها أيضاً عيب عدم الميثاقية والدستورية لأن مجلس الوزراء مجتمعاً الذي كان يمارس صلاحيات الرئيس في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية كان لا يزال يفتقر للميثاقية والدستورية... وفي الحالتين لا يمكننا القول إن مجلس النواب تبلغ هذه المراسيم ومشاريع قوانين الموازنات بطريقة صحيحة، إذاً المأزق يأتي من هنا، والصعوبة تبدأ من هنا. وهنا علينا أن نسأل ما هي الحلول؟ وكيف يمكن شرعنة هذه الموازنات والموازنات الملحقة بها؟... ويتابع جريصاتي «أما وقد وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون الموازنة العامة والملحقة لعام 2009، ولم يبحث في موضوع الموازنات الثلاث، فمن الممكن اعتماد الحلول الآتية:
أولاً: ما دامت المشاريع السابقة لم ترسل ضمن المهلة القانونية ولم تبت في عقد عادي لمجلس النواب، ولم يفتح عقد استثنائي لمتابعة درسها، يمكن السير باقتراح واقعي لا دستوري، بحيث ترسل الحكومة الموازنات الثلاث إلى مجلس النواب في مراسيم ثلاثة جديدة قد تحمل الأرقام ذاتها، على أن ترفق بثلاثة مشاريع لقطع الحساب أيضاً، عندها يناقش مجلس النواب فقط قطع الحساب ويقر السلة بأكملها.
ثانياً: مبادرة الحكومة الجديدة إلى إصدار مراسيم جديدة بالموازانات الثلاث، على غرار مرسوم إصدار موازنة عام 2009.
وأضاف «يبقى السؤال الكبير: على من تقع مسؤولية صرف هذا المال إذا ثبت أنه صرف في غير محله خلال السنوات الماضية؟ وكيف تحدد المسؤوليات وعلى أي أساس؟ وماذا ستعتمد الحكومة المقبلة حلاً لأزمة الموازنات الثلاث المعلّقة؟».