انطلقت الحملات الانتخابيّة الرئاسيّة والتشريعية في إقليم كردستان العراق، الذي يشهد يوماً انتخابياً طويلاً في 25 تموز المقبل. استحقاق شبه رمزي في «مقاطعة» حزبي مسعود البرزاني وجلال الطالباني المتهمين بأبشع تهم الفساد
بغداد ــ زيد الزبيدي
أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، أمس، انطلاق الحملات الدعائية للانتخابات البرلمانية والرئاسية في إقليم كردستان، المقرّرة في 25 تموز المقبل. ويتنافس في هذه الانتخابات، خمسة مرشحين على منصب رئيس الإقليم، أبرز هؤلاء وأقواهم الرئيس الحالي مسعود البرزاني الذي يرى كثر أن لا أحد ينافسه لا من قريب ولا من بعيد على منصبه. أما الأربعة الآخرون فهم رئيس حزب «التقدم الكردستاني» هلّو إبراهيم، وهو شقيق زوجة الرئيس العراقي جلال الطالباني، وأحد مساعديه السابقين في الحزب. بالإضافة إلى كمال ميراودلي (شاعر وكاتب مقيم في بريطانيا)، وحسين كرمياني، وسفين شيخ محمد (تاجر ورجل أعمال).
أما بالنسبة إلى الانتخابات البرلمانية، فيتنافس فيها 507 مرشحين على 111 مقعداً.
أبرز القوائم هي: ائتلاف الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يقوده البرزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة الطالباني)، وقائمة «التغيير» التي يتزعمها القيادي السابق في «الاتحاد الوطني الكردستاني»، نوشيروان مصطفى، المنشقّ عن الطالباني أيضاً، وكذلك قائمة «الإصلاح» التي تضم أربعة أحزاب، بينها حزبان إسلاميان. والعدد الكامل للأحزاب والكيانات السياسية المشاركة في المنافسة هو 17.
وبحسب رئيس مفوضية الانتخابات في بغداد، فرج الحيدري، فإن 518 ألفاً من مجموع سكان الإقليم سيشاركون في هذه الانتخابات، بوجود 84 مركزاً انتخابياً في المحافظات الثلاث للإقليم، أربيل والسليمانية ودهوك، حيث ستوزع 503 محطات ينتشر فيها ألف و149 صندوقاً انتخابياً.
وأوضح الحيدري، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل (عاصمة الإقليم الشمالي)، أن «بعض الدول الأوروبية والعربية وجامعة الدول العربية أبدت استعدادها للمشاركة في مراقبة الانتخابات». وأشار إلى أنّ الحملات الانتخابية الرئاسية والتشريعية، ستتوقف قبل 24 ساعة من بدء الاقتراع. وكشف عن أنّ سفراء السويد وألمانيا وروسيا والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، أبدوا استعدادهم لمراقبة الانتخابات.
وطالب الحيدري المرشحين بـ«الالتزام بالضوابط التي حددتها المفوضية»، محذّراً من أن «المفوضية ستفرض غرامة مالية تصل إلى مئة مليون دينار (نحو 85 ألف دولار) على من يخرق القوانين الانتخابية، أو حرمان الكيان السياسي من المشاركة في الانتخابات، وقد يصل الأمر إلى سجن المرشح».
من ناحية أخرى، استبعد الإعلامي طارق فاتح، ناشر صحيفة «هاولاتي» الكردية المستقلة، إمكان إجراء الانتخابات النيابية في الإقليم بطريقة ديموقراطية، متهماً الحزبين الأقوى (الاتحاد الوطني والديموقراطي)، اللذين يسيطران على الحكومة وموازنتها، بـ«الضغط على الموظفين الحكوميين الذين لا ينوون التصويت لمصلحة الحزبين المذكورين، وذلك بهدف إجبارهم على تغيير موقفهم في الانتخابات». وشدّد على ضرورة استقدام مراقبين دوليين لضمان شفافية عملية الاقتراع، لافتاً إلى أن الأحزاب الحاكمة «لن توفر وسيلة من أجل ضمان بقائها في السلطة».
من جهته، تحدث رئيس تحرير صحيفة «رزنامة» الكردية، عدنان عثمان، عن حصول خروق «واضحة»، لجهة شروع الحزبين الحاكمين في حملتهما الانتخابية قبل الموعد المحدد لها (أمس).
في المقابل، نفى عضو المكتب السياسي لـ«الاتحاد الوطني» سعدي أحمد بيرة، قيام الحزبين الرئيسيين في كردستان باستخدام موارد حكومة الإقليم في حملتهما الانتخابية، موضحاً أن جميع الأحزاب التي لديها مقاعد في البرلمان تحصل على دعم من موازنة حكومة الإقليم «بحسب عدد مقاعدها البرلمانية»، وأن الحزب الذي ينتمي إليه «لا يأخذ مالاً أكثر مما يستحق».
وطمأن بيرة إلى أنّ جهات دولية وممثلين عن الأمم المتحدة والقنصليات والسفارات الموجودة في العراق ستشارك في الإشراف على انتخابات الإقليم، وأن 10 مراقبين من جامعة الدول العربية سيصلون إلى المنطقة لهذه الغاية.
وبشأن غياب هيئة مستقلة للتحقيق في قضايا الفساد في الإقليم، أوضح بيرة أن «هيئة النزاهة» في البرلمان العراقي المركزي تشمل جميع المناطق العراقية «ولها الحق في تحرّي أي شيء مشكوك فيه ومتابعته».
واكتفى القيادي في الحزب «الوطني الكردستاني» بالإعراب عن ثقته بأنّ توجيه الانتقادات إلى حكومة الإقليم قبل موعد إجراء الانتخابات «ذو غايات انتخابية».
وعلى الصعيد الإجرائي، أصدرت وزارة البلديات في حكومة الإقليم، تعليماتها للكيانات السياسية بهدف تنظيم توزيع اللافتات والملصقات بما يؤمن جمالية المدن. وطالبت بالابتعاد عن استخدام الأماكن الدينية والمقار الحكومية واستخدام اللافتات والملصقات والصور التي تعلق أو تثبَّت على لوحات خشبية، والابتعاد عن الكتابة على الجدران أو استخدام المواد اللاصقة.
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد الناخبين في الإقليم يبلغ مليونين و518 ألفاً من مجموع أكثر من أربعة ملايين و382 ألف نسمة، وفقاً للمفوّضية العليا العراقية المركزية المولجة الإشراف على الانتخابات الإقليمية والمركزية.


جرت أول انتخابات برلمانية في إقليم كردستان في أيار 1992، بعدما انفصل الإقليم عن السلطة المركزية. كذلك أُجريت انتخابات برلمانية فيه نهاية عام 2005، بالتزامن مع الانتخابات التشريعية في باقي أنحاء العراق. وفي الوقت الحاضر، يرأس البرلمان عدنان المفتي (الصورة)، ويشغل ممثلو الحزبين الرئيسيين في الإقليم غالبية المقاعد التي خُصّص 28 منها للنساء و15 للإسلاميين و5 للمسيحيين و4 للتركمان و4 للشيوعيين.