السلطة ترفض تصريحات بيبي: لا مفاوضات قبل الاعتراف بالدولتينالقاهرة ــ خالد محمود رمضان
ترك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، غصة في حلق المصريين أمس، ومضى بعد قمة جمعته والرئيس المصري حسني مبارك في منتجع شرم الشيخ. بل أكثر من ذلك، صفع نتنياهو شعب النيل حين اصطحب معه صديقه وزير الصناعة والتجارة والعمل، بنيامين بن اليعازر، قائلاً لمبارك: «إنه صديقكم القديم يا سيدي الرئيس»، متجاهلاً أن صديقه هذا متهم بالتورط في جرائم حرب بحق أسرى مصريين في حرب حزيران عام 1967.
وقعت كلمات نتنياهو كالصاعقة على من شاهدوه متباهياً في مؤتمره الصحافي المقتضب مع مبارك، الذي لم ينتبه إلى خطورة ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي ولم يعقب عليه. وما زاد الوضع سوءاً أن الإذاعة الإسرائيلية نقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن «المحادثات لم تتطرق إلى تفاصيل المسيرة السلمية مع الفلسطينيين»، مضيفاً أن «هناك تفاهماً إسرائيلياً ـــــ مصرياً بشأن الأخطار المحدقة بالبلدين»، ومشيراً إلى أن نتنياهو «سيعين قريباً مبعوثاً خاصاً يعنى بملف (الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس) جلعاد شاليط خلفاً لعوفر ديكل».
وبعد اجتماع دام أكثر من ساعة، خرج مبارك ليؤكد أن «ثلاثة عقود مضت على معاهدة السلام المصرية ـــــ الإسرائيلية، ثبت خلالها أن السلام ليس مستحيلاً». وقال إن «السلام يصنعه الأقوياء ويحققه من يملكون شجاعة اتخاذ القرارات الصعبة، والقادرون على الالتزام بتنفيذها». ولفت إلى أن المشاورات «تناولت عدداً من الموضوعات الهامة، بينها الاستيطان وانعكاساته الضارة على فرص السلام»، مشيراً إلى أنه أكد «أهمية استئناف المفاوضات من حيث انتهت بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، وفق أفق سياسي واضح يتعامل مع كل قضايا الحل النهائي».
وتابع مبارك: «كذلك تناولنا تثبيت التهدئة (في غزة) وفتح معابرها ورفع حصارها وإعادة إعمارها، وما يرتبط بذلك من جهود مصر لتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني، وإنجاح صفقة إطلاق سراح السجناء من كلا الجانبين»، داعياً نتنياهو إلى تبني «مواقف إيجابية، وخصوصاً القبول بحل الدولتين».
من جهته، قال نتنياهو إنه «أخبر مبارك أن السلام بين الدولتين (مصر وإسرائيل) مستمر منذ ثلاثين عاماً وأنه صمد أمام كل الاختبارات، وهو ثروة استراتيجية للطرفين». وأضاف: «إننا نريد توسيع السلام، وخصوصاً مع جيراننا الفلسطينيين. نريد أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء في آفاق السلام والأمن والاستقرار والرفاهية». واستطرد قائلاً: «إننا نريد بأقصى سرعة أن نجدد محادثات السلام مع الفلسطينيين خلال الأسابيع المقبلة»، إلا أنه تجنب الإشارة إلى إمكان قيام دولة فلسطينية في ختام هذه المفاوضات.
وشدد نتنياهو على ضرورة «تسهيل الإجراءات لتحقيق تعاون اقتصادي بين الجانبين، ومساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في تحقيق الاستقرار». وأعرب عن رغبته في «تدعيم العلاقات بين إسرائيل والدول العربية»، قائلاً: «جئت إلى مصر لتعزيز العلاقات بين الشعب اليهودي القديم والأمة العربية الكبيرة»، مضيفاً أن «الشعب اليهودي يرغب في علاقات تناغم مع الشعوب الإسلامية». وتابع أن «إسرائيل تسعى إلى إقامة السلام مع الجانب الفلسطيني وكل الدول العربية. نحن جميعاً نقيم في هذه المنطقة. لقد سار آباؤنا مع آبائكم في هذه الصحراء، ووصلت أمهاتنا مع أمهاتكم. وتدخل ماضينا بماضيكم وكذلك مستقبلنا بمستقبلكم».
وأضاف نتنياهو: «نحن اليوم نتعرض لقوى إرهابية تهدد السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «الصراع في الشرق الأوسط ليس صراعاً بين أديان وليس صراعاً بين شعوب، لكنه صراع بين معتدلين ومتطرفين. إنه صراع بين من يدعو إلى الحياة ومن يدعو إلى العنف والموت». وأردف قائلاً: «نحن نريد أن نزرع ونعمر ونبني، بينما هناك آخرون يسعون إلى زرع الدمار والخراب والموت، ولأن إسرائيل ومصر تسعيان إلى بناء مستقبل، فإن علينا أن نسعى إلى دعم التعاون بيننا وتعزيزه».
وأشار نتنياهو إلى أنه يعتقد أن «في استطاعتنا أن نعيد إلى منطقتنا العريقة أمجاد الماضي، وأن نعطى أبناءنا آمالاً في مستقبل مشرق لأبناء العرب وأبناء اليهود على حد سواء».
وفي السياق، انتقد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة تصريحات نتنياهو، مشيراً إلى أن «لا قيمة لها، ولن تؤدي إلى حل»، مشدداً على وجوب «أن تعترف إسرائيل بالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بلا غموض، وتتعهد تنفيذ التزاماتها بوضوح». وأضاف أن «المفاوضات لن تقوم إلا باعتراف إسرائيل بحل الدولتين ووقف الاستيطان وإزالة الحواجز».