يبدو أن المحاولة الخامسة عشرة لتأليف حكومة مركزية في الصومال ستحذو حذو سابقاتها مع اقتراب المعارضة من مرحلة حسم المعركة العسكرية مع الحكومة لمصلحتها، ما من شأنه أن يُغرق البلاد في الفوضى من جديدلا تزال الحكومة الانتقالية في الصومال تجاهد للسيطرة على التمرد الذي يحاول إطاحة إدارة الرئيس شيخ شريف أحمد، في أسوأ معارك تشهدها البلاد منذ أشهر، وفيما تحشد المعارضة قواتها في ما يبدو استعداداً لشن هجوم نهائي للسيطرة على العاصمة، وبالتالي إسقاط الحكومة.
واستولى إسلاميو «حركة الشباب» على مدينة جوهر الواقعة على بعد 90 كيلومتراً شمال العاصمة الصومالية مقديشو، ومسقط رأس الرئيس الصومالي، التي تعدّ معقلاً للمحاكم الإسلامية الموالية للحكومة.
وأشار أحد وجهاء القبائل، علي معلم حسن، إلى «أن قوات الشباب تسيطر كليّاً على جوهر. هاجموا المدينة من عدة اتجاهات، ولم تجر معارك عنيفة في المدينة نفسها». وقال إن الميليشيات الإسلامية الموالية للحكومة «أخلت مواقعها» في جوهر. وباتت حركة الشباب تسيطر الآن على جنوب الصومال كاملاً وعلى وسطها بصورة شبه تامة.
في هذه الأثناء، واصل سكان مقديشو الفرار من العاصمة، وخيّم هدوء ما قبل العاصفة على العاصمة التي فقدت الحكومة الانتقالية الصومالية السيطرة على أغلبها إلا بعض المناطق الرئيسية، مثل المطار والمرفأ وبعض المقارّ الحكومية. وجمع بعض السكان أمتعتهم على عربات تجرها حمير. وقال المواطن مختار جيسو: «لم يبق إلا بضعة أشخاص لا يملكون ثمن وسيلة نقل».
وذكرت قناة «الجزيرة» أن النائب الأول لرئيس الحزب الإسلامي، حسن تركي، المطلوب من السلطات الأميركية، وصل مع مئات من مقاتلي الحزب إلى مشارف مقديشو، حيث تحشد المعارضة مقاتليها.
وتشير الأنباء إلى أن تركي عقد اجتماعات مع قادة الحزب الإسلامي ورئيس تحالف إعادة تحرير الصومال جناح أسمرة الشيخ حسن ضاهر عويس، وربما قيادات من حركة الشباب المجاهدين.
من جهته، رأى وفد مجلس الأمن الدولي، الذي يقوم بزيارة إلى مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، أول من أمس، أن الشروط «لم تكتمل بعد» لإرسال قوة تابعة للأمم المتحدة إلى الصومال تحل مكان قوة السلام الأفريقية المنتشرة حالياً في مقديشو.
وقال السفير البريطاني جون ساورز، الذي يترأس وفد مجلس الأمن خلال هذه الجولة الأفريقية: «إن مسألة إرسال قوة سلام تابعة للأمم المتحدة إلى الصومال تبقى واردة. والأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) يرى أن الشروط الضرورية (لهذا الانتشار) لم تكتمل بعد».
من جهتها، قالت سفيرة بوروندي، رئيسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لشهر أيار، ابيفاني كابوشيميي، إن الاتحاد الأفريقي يواصل جهوده «لكي يصل عديد القوة الأفريقية إلى الرقم المقرر»، أي ثمانية آلاف رجل قبل نقلها لتصبح تحت إشراف الأمم المتحدة، وهي تتألف حالياً من 4300 رجل من أوغندا وبوروندي نشروا في آذار 2007 وتعاني من النقص في العتاد والتمويل.
وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً رئاسياً، أول من أمس، عبّر فيه عن قلقه بشأن تقارير تقول إن إريتريا تزود بالأسلحة متشددين إسلاميين يسعون إلى إطاحة الحكومة الجديدة في الصومال. ورأى أن ذلك انتهاك لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة على هذا البلد. ويشار إلى أن الاشتباكات بين إسلاميين معتدلين وحركة الشباب المتشددة أدت إلى مقتل 68 شخصاً في وسط الصومال وفرار 3300 شخص.
(رويترز، أ ف ب، أ ب)