strong>إصرار لاستعادة 10 ملايين م2 من دولة المر!تصرّ «المتين» على استعادة حقوقها من بتغرين، والمتمثّلة بحوالى 10 ملايين م2 من أراضي سلخها ميشال المر في السبيعينيات، لأهداف سياسية ومالية، ومنها مشروع «الزعرور» للتزلّج، الذي كان سيدرّ عائدات مهمّة على البلديّة

رشا أبو زكي
النقمة في بلدة المتين كبيرة على النائب ميشال المر، وهو ابن بتغرين الذي اشترى حوالى 10 ملايين م2 من عقارات المتين من أجل بسط سيادته على القرية المجاورة وتعظيم أرباحه من المضاربات المتوقّعة عليها، فنزعها بغفلة 48 ساعة من النطاق البلدي لبلدية المتين وألحقها ببلدية بتغرين التي تخضع بالكامل لمشيئته، منذ أن نصّب نفسه سيّد المتن في ظل الحكومات الحريرية وعهود الهراوي ولحود وسليمان ونظم الوصايات المتعددة... وهكذا عمد إلى تقسيم بلدة المتين إلى شطرين تفصلهما أراضٍ شاسعة أصبحت امتداداً شاذاً لبلدية بتغرين، وذلك بهدف السيطرة على منابع مياه المتين الموجودة في نطاق تلك الأراضي، وحوالى 15 منزلاً تتبع إدارياً لبلدية المتين... لتسخيرها في مشروع المجمع السياحي الضخم للتزلج الذي أقامه في المنطقة، وذلك على الرغم من الوثائق الكثيرة التي تبيّن عدم قانونية عملية نقل أملاك بلدية المتين إلى بتغرين (أو المر في واقع الحال)، تبدأ بعدم الكشف الفني الجدي على المنطقة قبل ضمها إلى بتغرين وصولاً إلى إبطال هذا القرار، ومن ثم الادعاء أن أوراق الإبطال هذه قد احترقت واختفت من مجلس شورى الدولة خلال الحرب الأهلية!

قضية قديمة... لم تنتهِ

بدأت حيثيات سلخ أراضي المتين عام 1977 حيث أقدمت شركة «التلة البيضاء» التابعة لميشال المر وأخيه غبريال على شراء مساحات كبيرة من الأراضي الواقعة في محلة الزعرور في منطقة المتين وذلك وفق مستندات صادرة عن بلدية المتين، ورفعت الشركة في 30 تشرين الثاني 1978 طلباً إلى قائمقام المتن يرمي إلى نزع هذه المساحات المقدرة بحوالى 10 ملايين متر مربّع من النطاق البلدي لبلدية المتين إلى بلدية بتغرين... وفي اليوم نفسه، أحال القائمقام الطلب على المكتب الفني في المتن لإجراء الكشف اللازم على هذه المساحة، وبعد أقل من 48 ساعة، أي في 2 كانون الأول 1978 أبدى المكتب الفني عدم ممانعته في عملية الضم، «بعد عملية الكشف المحلي الذي أجراه»، وهنا يشير الخبير العقاري لدى المحاكم ميشال سلامة لـ«الأخبار» إلى أنه من المستحيل أن يجري الكشف على مساحة تقدّر بملايين الأمتار المربعة بأقل من يومين، وخصوصاً أن هذه الأراضي تقع على ارتفاع حوالى 2000 متر، ما يعني أنها تكون بديهياً مغمورة بالثلوج خلال شهر تشرين الثاني!
الكشف المزعوم لم يكن وحده المفاجئ، إذ إنه بتاريخ 7 حزيران 1977 أصدر وزير الداخلية صلاح سلمان قراراً رقمه 4956/5 ويتضمّن في متنه موجبات القرار التي تشير حرفياً إلى أن القرار صدر «بناءً على قرار قائمقام أول قضاء المتن القائم بأعمال المجلس البلدي في بتغرين رقم 21 تاريخ 3 كانون الأول 1977 القاضي بتحديد النطاق البلدي نظراً للضرورة الملحة لذلك»، ما يعني أن قرار وزير الداخلية صدر قبل تحديد النطاق البلدي بـ 6 أشهر! إضافةً إلى استشهاده بخريطة غير واضحة وصفها رئيس التنظيم المدني أنطوان سعادة في مراسلات مع المهندس فاروق بعجور بأنها «خريطة لا تحمل أي صفة رسمية».
على أي حال، لم يطل وجود هذه الثغرة كثيراً، إذ عاد سلمان وأصدر قراراً آخر رقمه 152/5 بمضمون القرار السابق رقم 4956/5، مع تعديل تاريخ توقيع وزير الداخلية على القرار ليصبح 9 كانون الثاني 1978!

واحترق الإبطال!

لم توافق بلدية المتين على هذه الصيغة، فـ«المادة 51 من قانون البلديات تشير إلى ضرورة موافقة المجلس البلدي في ما يتعلق بتغيير الحدود، وإذا أصرّت السلطات المختصة يتم عرض الموضوع على مجلس الوزراء» بحسب ما أشار سلامة، وبالتالي تقدمت بلدية المتين في 23 أيار 1980 بمراجعة إبطال قرار وزير الداخلية أمام مجلس شورى الدولة سجلت تحت رقم 14386/80، وفي 1 شباط 1988 صدر تقرير المستشار المقرر القاضي أنطوان خير الذي أبطل قرار وزير الداخلية رقم 152/5 واعتبره «مخالفاً للقانون» لكون «ضم وسلخ جزء من نطاق بلدية ما يستوجب صدور مرسوم»...
الارتياح الذي ساد بعد صدور قرار الإبطال لم يدم طويلاً، حيث أبلغت بلدية المتين أن ملف مراجعتها المذكور قد احترق من جملة ما احترق من ملفات خلال أحداث عامي 1989 و1990، وأن عليها إعادة تكوين ملفها من جديد! وهكذا أصدر المستشار المقرر الجديد آنذاك القاضي شوكت معكرون عام 1997 تقريره الذي خلص إلى اعتبار أن قرار وزير الداخلية المشكو منه واقع في محله القانوني السليم، واستناداً إلى هذا التقرير أصدرت الهيئة الحاكمة يومها لدى مجلس شورى الدولة، والتي كانت برئاسة القاضي اسكندر فياض قرارها النهائي في الأول من شهر نيسان 1998، حيث قضت: ... بقبول المراجعة في الشكل وردّها في الأساس!
ويشير سلامة إلى «أن تبليغ هذا الحكم إلى بلدية المتين لم يكن رسمياً، إذ جرى تبليغ عضو بلدية في المتين لا رئيس البلدية. وفي عام 2007 وفي سياق إعادة تنظيم بلدات ومناطق وقرى المتن ووضع المديرية العامة للتنظيم المدني مخططات توجيهية جديدة لها تضاربت أمام بلدية المتين المعلومات، وبالتالي طلبت بلدية المتين إعادة المحاكمة، وخصوصاً أنها لم تبلغ رسمياً بسريان القرار 152/5... فإذا بقرار يصدر بتاريخ 9/10/2008 عن مجلس شورى الدولة يقضي بقبول عرض التنحي المقدم من رئيسه (السابق) القاضي غالب غانم عن ترؤسه الغرفة الناظرة بالمراجعة في هذا الملف عازياً السبب إلى استشعاره «بالحرج»! وحوّل الملف إلى المستشارة المقررة القاضية ناديا عقل التي طلبت ردّ الدعوى بالشكل، وأحالت الملف على مفوض الحكومة القاضي محمود حمادة، الذي قبل الدعوى وطالب بفتح المحاكمة من جديد... وحالياً تنتظر بلدية المتين قرار مجلس شورى الدولة الذي سيحدّد مصير جزء ضخم من البلدة، فإمّا أن يعود إليها أو يكرّس سلخه إلى بتغرين (علماً أن أراضي المر تفوق بمساحتها بلدة بتغرين نفسها!).


4/1 ليرة

هي قيمة المتر المربع في مشاعات المتين التي اشتراها ميشال المر في أوائل السبعينيات، وأنشأ مشروع الزعرور السياحي الذي يدر ملايين الدولارات من دون أن تفيد بلدية المتين من أي رسوم، لأن المشروع خاضع لسلطة بلدية بتغرين الواقعة تحت سلطة المر نفسه! 


تصنيفات استنسابية