نصراوي: الحكومة تدعم المصارف ولا تدعم الصناعة
في أيلول 2008 تراجعت قيمة صادرات الصناعات الغذائية إلى 18.879 مليون دولار بعدما كانت في آب 26.569 مليون دولار، أي بنسبة تراجع بلغت 29 في المئة. ثم استقرّت هذه الصادرات، حتى شباط 2009، على المستوى الذي بلغته متأثّرة بالركود الاقتصادي الناتج من تداعيات الأزمة المالية العالمية. لكن الواقع يفيد بأن هذه الصناعات أصبحت تعاني من مشكلتين رئيسيتين: الأولى تقليدية مرتبطة بالقدرة التنافسية للمنتجات وكلفة الإنتاج، والثانية تتصل بالركود العالمي وتباطؤ النمو في البلدان التي تعدّ من الأسواق الأساسية للمصنوعات الغذائية.

انعكاسات الأزمة العالمية

يقول رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية، جورج نصراوي، في لقاء مع «الأخبار» على هامش ورشة العمل الخاصة بـ«يوم الصناعات الغذائية اللبنانية» إن صادرات هذه الصناعة لم تعد تنمو وقد حلّ بها الركود، إذ دخل عليها عنصر جديد يتمثل بركود الأسواق الخارجية التي توجد فيها مطاعم لبنانيّة، فهذه الأخيرة بدأت تحجم عن الطلب، إذ إن صادرات الصناعات الغذائية اللبنانية تذهب إلى المستهلك اللبناني والعربي أينما وجد، وبالتالي فإن تأثّر اقتصادات هذه البلدان بتداعيات الأزمة العالمية سينعكس على حجم مستورداتها وقيمتها.
وبحسب إحصاءات الجمارك اللبنانية، فإن مجمل قيمة صادرات الصناعات الغذائية في عام 2008 بلغ 242.019 مليون دولار، بمعدل نمو في الأشهر الثمانية الأولى بلغ 11.68 في المئة من 13.159 مليوناً في كانون الثاني 2008 إلى 26.569 مليوناً في آب 2008، ثم تراجع بنسبة 28.9 في المئة في أيلول إلى 18.879 مليوناً، وحينها كانت الأزمة المالية العالمية قد انفجرت وبدأت تنتشر بسرعة من الولايات المتحدة الأميركية إلى أسواق الخليج... وفي نهاية كانون الأول 2008 لم تتجاوز قيمة هذه الصادرات 18.820 مليوناً، أي إن معدل نموها في الأشهر الأربعة الأخيرة بلغ (6.8-) في المئة، وبالتالي فإن متوسط النمو السنوي لهذه الصادرات في عام 2008 بلغ 4.86 في المئة.
وفي كانون الثاني 2009 تراجعت قيمة الصادرات إلى 16.377 مليوناً ثم عادت وارتفعت في شباط إلى 19.176 مليوناً، ولكنها لا تزال دون القيمة الأقصى التي بلغتها في آب 2008 بحوالى 7.340 ملايين.

منافسة تقليدية

وفي المقابل، لا تزال هذه الصادرات تعاني من منافسة مثيلاتها في دول أخرى، ولا سيما بعدما نشأت صناعات مثيلة في دول قريبة وتنافسها في الأسواق نفسها، ولكن كلفتها أقل من كلفة الصناعة المحلية، فبعضها بحسب نصراوي «معفى من ضريبة الدخل على الصادرات ولديها تسعيرات خاصة بالكهرباء... ولذلك تتمكن من منافستنا، لأن هذا الدعم يُسهم في خفض كلفة الإنتاج... وبالتالي يجب أن تؤمّن الدولة الدعم لهذا القطاع لتمكينه من المنافسة ومن زيادة الصادرات، لكن الدولة تحاول اليوم تأمين دعم المصارف والأموال لها، فيما لا تدعم الصناعة والقطاع الإنتاجي في لبنان».
وما يسهم في إضعاف القدرة التنافسية للبنان أن الدول تضع شروطاً لمواصفات استيراد وتصدير معينة «لا يجري تطبيقها إلا على المصنع اللبناني» يقول الخبير في مشروع «سلامة الغذاء» حسين ديب، وبالنسبة إلى لبنان يزداد الأمر صعوبة إذ يحتاج إلى أن يفرض المواصفات على المواد الأولية التي يستوردها من دول مختلفة، فإذا كان يستورد سلعة ما من السودان فعليه أولاً أن يطبق هذه المواصفات في السودان، ثم يأتي دور التصنيع في لبنان... وأيضاً لا يمكن مقارنة كلفة الإنتاج في لبنان بالكلفة في دبي حيث يحصل المصنع على «مجموعة من الدعم» تقول صاحبة مصنع مشاركة في ورشة العمل.

مزاحمة إسرائيلية

وأخطر من ذلك، يلفت نصراوي إلى مزاحمة المنتجات الإسرائيلية الصنع، ولا سيما تلك التي يمكن أن تصدر إلى الأسواق الأميركية. فالاستهلاك الأميركي من «الحمص بالطحينة» رائج، إذ تبلغ مجمل قيمة هذه السوق 300 مليون دولار، «وهذه الخلطة من الحمص والطحينة تعدّ من المطبخ اللبناني (أو الشامي)، ولكن الإسرائيليين سرقوها ويدّعون بأنها من مطبخهم، ولذلك يتعرص المصنع اللبناني لمنافسة شرسة في هذا المجال. لكن السوق الخليجية لا تزال الأولى بالنسبة إلى الصادرات الغذائية، إذ يصدّر لبنان إلى دول الخليج ما قيمته 45.180 مليون دولار، وتحتل السعودية المرتبة الأولى بما قيمته 30 مليوناً، وتأتي المصنوعات الغذائية من الخضر والفواكه في الدرجة الأولى بما قيمته 6.8 ملايين دولار.
(الأخبار)