تباينت ردود الفعل العربية والدولية على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، عمر البشير، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، إلا أنها أجمعت على أنّ القرار، بغض النظر عن صوابيته، سيعقّد الأزمة الداخلية في البلد الأفريقي المضطرب.وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً على هامش الاجتماع المشترك لوزراء خارجية الدول العربية ودول أميركا اللاتينية، لمناقشة تداعيات القرار، حسبما ذكرت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية الرسمية.
وقرّر الوزراء إرسال وفد رفيع المستوى الى مجلس الأمن لتأجيل الإجراءات ضد البشير. وجاء في البيان الذي أصدرته الجامعة العربية، أن المجلس قرر مواصلة الجهود المشتركة بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز «لمواجهة الآثار المترتبة على قرار المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني بما في ذلك إرسال وفد مشترك رفيع المستوى إلى مجلس الأمن الدولي لتأجيل الإجراءات المتخذة من قبل المحكمة».
أفريقياً، رأى الاتحاد الأفريقي أن مذكرة جلب البشير سوف تعرقل عملية السلام، وأعلن رئيسه، جان بينغ، موقف الاتحاد المتمثل في «دعم الكفاح ضدّ الإفلات من العقاب»، إلا أنه أضاف أن «السلام والعدالة ينبغي ألا يتصادما، والحاجة إلى العدالة يجب ألا تطغى على الحاجة إلى السلام».
دولياً، دعت الولايات المتحدة كل الأطراف داخل السودان، وبينها الحكومة، إلى «ضبط النفس». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، روبرت وود، من رام الله في الضفة الغربية حيث تزور رئيسته هيلاري كلينتون أراضي السلطة الفلسطينية، «يجب تجنب أعمال عنف إضافية تطال المدنيين والمصالح الأجنبية»، محذّراً من أنّ أعمالاً كهذه «لن يسمح بها».
وأبدت موسكو قلقها من احتمال توتر الوضع في السودان. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن المندوب الخاص للرئيس الروسي لشؤون السودان، ميخائيل مارغيلوف، قوله إن القرار «سابقة خطيرة» في العلاقات الدولية. ورأى أنّ له انعكاسات سلبية على الوضع السوداني الداخلي.
من باريس، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية، إريك شوفالييه، أن بلاده تدعو السودان إلى «التعاون الكامل» مع المحكمة «من أجل تنفيذ القرارات التي أصدرها القضاة، طبقاً لموجبات قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1593». وأضاف أن «محاربة الإفلات من العقاب هي أمر لا يمكن فصله عن السعي إلى إحلال السلام»، مشدّداً على أن باريس «مصممة على مواصلة جهودها الرامية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية».
في المقابل، أثنت منظمة العفو الدولية على مذكرة التوقيف، واعتبرتها «إشارة هامة» لمنتهكي حقوق الإنسان في العالم.
ودعت البشير إلى تسليم نفسه إلى المحكمة من تلقاء نفسه، أو تحمل مسؤولية اعتقاله. وقالت رئيسة المنظمة، إرين خان، «القانون واضح، الرئيس البشير يجب أن يظهر أمام المحكمة ليدافع عن نفسه»، محذّرةً من أنّه «إذا رفض، يجب أن تعتقله السلطات السودانية وتسلمه إلى المحكمة».
وأضافت «هذا الإعلان إشارة هامة، لدارفور والعالم أجمع، إلى أنّ المتهمين بانتهاك حقوق الإنسان سيواجهون المحاكمة، مهما كانت سطوتهم».
وفي عمان، أدانت قوى سياسية ونقابية أردنية قرار المحكمة الجنائية الدولية. واعتصم عشرات النقابيين الأردنيين أمام مبنى مجمع النقابات المهنية في العاصمة الأردنية، بالتزامن مع صدور قرار المحكمة، ورفعوا لافتات تُدين القرار وتتهم المحكمة الجنائية بـ«الانتقائية وغض النظر عن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة». كما حمّل الأمين العام لحزب «جبهة العمل الإسلامي»، زكي بني إرشيد، المدعي العام للمحكمة، لويس مورينو أوكامبو، نتائج ممارساته، التي «تعمل على تأجيج الصراعات بين الفرقاء السودانيين».
وفي فلسطين، رأت حركتا «حماس» والجهاد الإسلامي أن القرار يعكس «ازدواجية المعايير» الدولية في التعامل مع قضايا المنطقة. ورأى المتحدث باسم حكومة «حماس» في غزة، طاهر النونو، أن القرار «سياسي بامتياز وظالم في الوقت نفسه».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)