strong>السيستاني رفض دعوته لزيارة إيران... والعشائر تعتبره مسؤولاً عن حرب الثمانينيّات علي أكبر هاشمي رفسنجاني ليس المسؤول الإيراني الأوّل الذي يزور العراق، غير أنّ أياً من المسؤولين الزائرين، وبينهم الرئيس محمود أحمدي نجاد، لم يحظَ بالاحتجاج الذي رافق حضور رفسنجاني، ما يطرح تساؤلات عن الأسباب التي قد تكون شخصيّة
بغداد ــ زيد الزبيدي
أثارت زيارة الرئيس الإيراني الأسبق، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إلى العراق الكثير من التذمر في الشارع العراقي، السنّي والشيعي على حد سواء، لكونه واحداً من رموز الحرب الإيرانية مع العراق، ويرتبط اسمه بمعاناة الكثير من عائلات العراقيين الذين قتلوا أو وقعوا في الأسر، كما إن الكثيرين يحمّلونه مسؤوليّة مباشرة عن الأحداث التي شهدتها بلاد الرافدين في أعقاب حرب 1991، التي أطلقت عليها آنذاك تسمية «صفحة الخيانة والغدر».
وما أثار الاستغراب هو توقيت الزيارة التي تتزامن مع ذكرى أحداث 1991، التي يتهم الكثير من العراقيين «مجموعات قادمة من إيران، كان يرأسها رفسنجاني، بالتنكيل بالجنود والضباط العائدين من الجنوب، إثر انتهاء الحرب والانسحاب من الكويت».
وبحسب المراقبين السياسيين، فإن «التذمّر العراقي مبعثه التوقيت، إضافة إلى مخزون كبير من ذكريات الحرب»، لأن رفسنجاني الذي كان يشغل في ثمانينيات القرن الماضي منصب رئيس مجلس الشورى (البرلمان)، لم يكن في وظيفة مدنية، بل كان من الساسة الذين كانوا يرسمون مسارات الحرب والتعامل معها. وما يؤكد ذلك، تعيينه في السنة الأخيرة من الحرب، التي شهدت أشرس المعارك، قائماً بأعمال القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، ثم أصبح رئيساً لإيران حتى عام 1997.
وإضافة إلى أحداث الحرب العراقية ــــــ الإيرانية، جاءت أحداث الكويت، حين كان الرئيس رفسنجاني من المنادين بالتصدي للتهديد الأميركي باجتياح العراق. وعلى هذا الأساس، قبلت إيران إيداع مئات الطائرات المدنية والعسكرية العراقية لديها، أمانة، إلا أنها لم تُعدها حتى الآن. وفي مقابل ذلك، كان استغلال تراجع الجيش العراقي في حرب الكويت لضربه من الخلف، ولم يحدّ من تلك العمليات غير الموافقة الأميركية التي منحت للعراق باستخدام طائرات الهليكوبتر الباقية التي حسمت الموقف.
من هنا يأتي التذمر في الشارع العراقي من الزيارة، التي وصفها الرئيس جلال الطالباني بأنها «نعمة من الله وبركة»، بينما طلب القيادي السابق في حزب «الدعوة»، ضياء الشكرجي، إعطاء تفسير لهذه العبارة، «وكيف تكون النعمة والبركة في شخص مثل رفسنجاني؟».
وكانت الاحتجاجات على زيارة رفسنجاني قد انطلقت من الحزب الإسلامي، قبل أن تنتقل إلى مجلس العشائر العراقية، الذي أصدر بياناً رأى فيه «أن رفسنجاني كان مسؤولاً مباشراً عن إدارة العمليات العسكرية في إيران خلال الحرب العراقية ــــــ الإيرانية، وهو متورّط في قتل أبناء الشعب العراقي، وجرت بإشرافه عمليات تعذيب منظمة للأسرى العراقيين، وعمليات قتل للمدنيين العراقيين خلال الحرب».
وفي موازاة ذلك، شهدت مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، تظاهرات تنديد بزيارة رفسنجاني. كذلك شهدت مدن الفلوجة وضواحي بغداد الجنوبية تظاهرات احتجاج على زيارة رفسنجاني لبغداد ولقائه عدداً من المسؤولين فيها. وتجمّع حول مقر مجلس شيوخ عشائر الفلوجة متظاهرون نددوا بما سمّوها «زيارة عرّاب الاغتيالات والعنف في العراق».
وأوضح رئيس مجلس شيوخ الفلوجة الشيخ عبد الرحمن الزوبعي «أن زيارة رفسنجاني للعراق هي إهانة لعائلات شهداء العراق الذين سقطوا في الثمانينيات إبان الحرب العراقية ــــــ الإيرانية». ورفع المتظاهرون دمى خشبية جسّدت رفسنجاني، ووشمت عليها علامة النازيين.
واتهم عضو الحزب الإسلامي العراقي في بغداد، محمد العاني، بعض الأطراف السياسية التي لم يسمّها بمحاولة «الدوس على مشاعر العراقيين من خلال توجيه دعوات زيارة للمسؤولين الإيرانيين بين الحين والآخر». وقال: «إن إيران فتكت بالعراق شعباً وأرضاً، واستغلت ضعف العراق والظروف التي يمر بها لتحقيق مطامعها. لذا فإن رفسنجاني غير مرحّب به لدينا ولدى العراقيين».
حتى إن المرجع آية الله علي السيستاني رفض، أمس، دعوة لزيارة إيران وجّهها إليه رفسنجاني، الذي قال في مؤتمر صحافي عقده في النجف، «إن السيستاني رفض الدعوة، وأعطى أسباباً مقنعة لذلك»، من دون أن يذكر هذه الأسباب.
ورغم أن المسؤول الإيراني لم يوضح الأسباب، إلا أن فحوى تصريحاته أشارت إلى اعتراض السيستاني على النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين. إذ قال رفسنجاني «من خلال لقائي بالسيستاني، اطّلعت على انشغاله بالخلافات التي تنشأ من خلال تصرّفات بعض القوى السنّية والشيعية، إضافة إلى القوى الموالية للثورة الإسلامية في إيران».
إلى ذلك، أفاد بيان رئاسي عراقي بأن الطالباني ودّع رفسنجاني والوفد المرافق له، وتمنّى أن تؤدّي زيارته واللقاءات التي أجراها مع كبار المسؤولين العراقيين وممثّلي الأطياف العراقية المتنوّعة إلى نتائج إيجابية ومثمرة نحو المزيد من التطور في العلاقات الثنائية بين البلدين. ويفسّر توديع الطالباني لضيفه بأن الزيارة الرسمية انتهت، وأنه بدأ بزيارات خاصة للمدن الشيعية، في مقدّمها كربلاء والنجف وسامراء. ونقل البيان عن رفسنجاني تعبيره عن «امتنانه الكبير للرئيس الطالباني على دعوته لزيارة العراق، وعلى الاستقبال والحفاوة الكبيرين اللذين تلقّاهما منه ومن بقية المسؤولين العراقيين».