أمّن بنيامين نتنياهو الغالبية الكافية للإعلان عن حكومته قريباً، فبات قادراً على الإفراج عن مشاريعه «السلمية» مع الفلسطينيين، وخصوصاً أنه مطمئنّ إلى عدم تعرض حكومته لضغوط أميركية
علي حيدر
استبعد رئيس حزب «الليكود» الإسرائيلي، المكلف تأليف حكومة جديدة، بنيامين نتنياهو، أمس، أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً عليه بسبب «وجود مصالح مشتركة بين الدولتين». وقال، بعد تلقّيه خطة عمل حكومته لأول مئة يوم أعدها له طاقم من حزبه، إن «المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة وثيقة لدرجة أنّ ثمة شكاً في أن تكون هناك ضغوط علينا منها في المستقبل». ورأى أن «الضغط الحقيقي هو من التعصب الإسلامي العنيف الذي يهدد العالم، وبالتالي ينبغي للدول أن تعمل مشتركة لإبعاد خطره عن العالم كله».
وعن مشروعه الداخلي، رأى «بيبي» أنّ القضايا الاقتصادية وإجراء تغييرات في الأمن الداخلي والمنظومة التعليمية، هي قضايا «ستحتل مكاناً بارزاً في عمل الحكومة، وبعد ذلك تُعالَج المواضيع السياسية».
وفي السياق، كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، أنّ الخطوة الأولى التي يعتزم نتنياهو تنفيذها هي «إقامة مديرية لدفع السلام الاقتصادي» مع الفلسطينيين. وعن دور هذه المديرية، أوضحت الصحيفة العبرية أنه سيتركّز على التواصل مع المجتمع الدولي، وخصوصاً مع مبعوث «اللجنة الرباعية الدولية»، طوني بلير، والسلطة الفلسطينية، بهدف تنفيذ 25 مشروعاً اقتصادياً في الضفة الغربية.
وكانت فكرة إقامة «مديرية السلام الاقتصادي»، قد وردت في إحدى توصيات «طاقم أول مئة يوم» الذي ترأسه عضو الكنيست عن حزب «الليكود»، يوفال شطاينيتس. وتجدر الإشارة إلى أن نتنياهو سبق أن التقى مع بلير قبل عشرة أيام، وبحث معه فكرة هذه «المديرية».
وفي نقاش متصل بالحكومة، المتوقعة ولادتها الأسبوع المقبل، لفتت «هآرتس» إلى أنه لا يزال من غير الواضح، كيف سيتعامل وزير الدفاع إيهود باراك، مع خطوة نتنياهو باستحداث منصب مسؤول عن تنسيق شؤون الحكومة في الأراضي الفلسطينية، ومن ضمنها العلاقات الاقتصادية مع الفلسطينيين.
وتوقعت الصحيفة أن يؤدي دور «المديرية» إلى تقليص صلاحيات وزارة الدفاع ومنسق أعمال الحكومة في الضفة، قبل أن تعود لتذكّر بأنّه سبق لباراك أن أجرى اتصالات عديدة خلال ولايته في وزارة الدفاع مع بلير حول المشاريع الاقتصادية المنوي تنفيذها في الضفة.
ونقلت الصحيفة نفسها عن مقربين من «بيبي» قولهم إن بلورة سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة بشأن الموضوع الفلسطيني، يتوقع أن تنجَز بحلول نهاية شهر نيسان المقبل، أي قبيل سفر رئيس الحكومة المكلف إلى واشنطن في الثالث من أيار المقبل.
ومن المقرر أن يصل المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، إلى الأراضي المحتلة مباشرة بعد عيد الفصح اليهودي، الذي يحل في التاسع من نيسان، ويمتد أسبوعاً كاملاً. ويأمل نتنياهو أن يتمكن قبل سفره إلى العاصمة الأميركية، من عقد اجتماع واحد على الأقل للحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية، يُخَصَّص للسياسة المنويّ اعتمادها فلسطينياً.
إلى ذلك، ضمن نتنياهو تأييد 69 عضو كنيست، وذلك بعد توصله إلى اتفاق ائتلافي مع حزب «البيت اليهودي». والنواب الموالون باتوا موزعين على الشكل الآتي: «الليكود» 27، و«إسرائيل بيتنا» 15، و«العمل» 13، و«شاس» 11، و«البيت اليهودي» 3. وبعدما أصبح دخول «العمل» إلى الحكومة محسوماً، بدأت التعليقات تكثر حول البند السياسي من التزام تل أبيب بـ«كل الاتفاقات السياسية والدولية التي وقعتها حكومات إسرائيل»؛ فقد أعلن مسؤولون رفيعو المستوى في «الليكود» أنّ هذا البند لا يشمل «خريطة الطريق» ولا «إعلان أنابوليس»، انطلاقاً من أنهما «توافقات على المسيرة السياسية» وليسا «اتفاقات».
وبحسب صحيفة «معاريف»، فإنّ نتنياهو طمأن عدداً من النواب القلقين من مضمون هذا البند، الذي يفسّره على أنه لا يشمل سوى اتفاقات أوسلو، واتفاق الخليل واتفاق واي ريفر.
بدوره، يحاول باراك تهدئة الصراع الدائر في صفوف حزبه على خلفية التوترات التي ظهرت إزاء خيار المشاركة في الحكومة. ومن ضمن جهود التهدئة، فقد دعا رئيس الحزب أعضاء كتلته الحزبية كافة، بمن فيهم معارضوه، إلى لقاء مصالحة في مكتبه. وفي خطة موازية، يحاول باراك تفكيك تكتل المعارضين له، وهو لهذا الهدف، سيقترح على النائب «العمالي» المعارض، أفيشاي بروفرمان، منصب وزير من دون حقيبة في الحكومة المقبلة. غير أن مساعي باراك تصطدم بممانعة كوادر حزبه، إذ عبّر النائب أوفير بينس مثلاً عن أمنيته بألا يقبل أي من المعارضين السبعة في الكتلة «العمالية»، أي حقيبة توكل إليهم.