أثارت دعوة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل إلى إنشاء مرجعية جديدة بديلاً من منظمة التحرير لغطاً داخل الفصائل المقاومة، فيما شنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس هجوماً عليها، مؤكداً رفض الحوار مع الذين لا يعترفون بالمنظمة
غزة ــ قيس صفدي
رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القاهرة، أمس، أي حوار «مع من يرفض منظمة التحرير الفلسطينية». وقال، في مؤتمر صحافي، إن «هؤلاء الناس غامروا بحياة الشعب، غامروا بدم الشعب، غامروا بمصير الشعب، غامروا بحلم الشعب وأمله بإقامة دولة فلسطينية مستقلة». وأضاف «ولماذا؟ بكل صراحة بسبب أجندات ليست فلسطينية». وتابع «لا حوار مع من يرفض منظمة التحرير الفلسطينية».
ووصف عباس المشروع الذي أعلنه خالد مشعل بأنه «مشروع تدميري»، من دون أن يسمّي رئيس المكتب السياسي لـ«حماس». وأضاف «لا يمكن أن نسمح لهؤلاء بأن يعبثوا بهذا الكيان (منظمة التحرير) الذي ضحّى من أجله عشرات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى».
في هذا الوقت، رفضت فصائل فلسطينية وقيادات من داخل حركة «حماس»، إعلان مشعل، واعتبرته «بديلاً سيعمل على تعزيز الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينية».
وقال القيادي في «حماس» والمتحدث السابق باسم الحكومة الفلسطينية غازي حمد، إنه «يعارض دعوة مشعل»، مضيفاً «لا أقبل أن يكون هناك تعميق للانقسام الفلسطيني. يجب أن نعود إلى لغة الوحدة، وهذا سيكون فيه فائدة استراتيجية وطنية لحماس ولفتح وللمشروع الوطني الفلسطيني».
وأكد حمد، المعروف بآرائه المثيرة للجدل التي أثارت سخطاً عليه داخل «حماس»، أن آرائه بشأن طرح مشعل «شخصية ولا تمثّل قيادة حماس»، معتبراً أن «المشكلة ليست في منظمة التحرير، بل في المؤسسة الأمنية وفي النظام السياسي الفلسطيني وفي كل جانب من جوانب حياتنا».
ورأى أن الحل يكمن في استئناف «الحوار الوطني الذي يمكن أن يحل كل المشاكل القائمة»، محذراً من أن «الساحة الفلسطينية ليست بحاجة إلى مزيد من الانقسام».
في السياق، اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على لسان عضو لجنتها المركزية كايد الغول، أن تصريحات مشعل لا تعني «تعزيز الانقسام الفلسطيني وحسب، بل انهيار الإطار الذي يمثّل الشعب الفلسطيني». وقال «آمل أن تكون هذه التصريحات في إطار الضغط الذي تحاول حماس ممارسته على حركة فتح من أجل التسريع بإعادة تفعيل مؤسسات المنظمة وإعادة الاعتبار إليها».
كذلك رفض عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين رمزي رباح، الدعوة إلى إيجاد «جسم ومرجعية بديلة من منظمة التحرير التي تأسست وبقيت بدماء عشرات آلاف الشهداء والجرحى على مدار سنوات النضال الوطني». وقال إن «حل الخلافات الداخلية يكمن في العودة إلى طاولة الحوار الوطني وتحقيق المصالحة الوطنية».
في السياق، أعرب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش رفض «الجهاد لفكرة إنشاء إطار بديل من منظمة التحرير»، لافتاً إلى أن حركته «ليست مع أي إجراء يزيد من إرباك الساحة الفلسطينية وانقسامها»، غير أنه أكد في الوقت ذاته «دعم الحركة لفكرة مرجعية وطنية للمقاومة»، موضحاً أن «الحركة تؤيد فكرة إنشاء مرجعية وطنية تدير المقاومة وتنسّق تحركاتها وترسم سياساتها، وتدير مشروع الوحدة الوطنية وتحرير فلسطين».
وأضاف البطش أن «حركته تؤكد التزامها باتفاق القاهرة 2005 الذي ينص على إعادة بناء منظمة التحرير وإصلاحها على أسس وطنية، بما يضمن مشاركة الجهاد الإسلامي وحماس، ولا ندعو إلى استبدال المنظمة». وأشار إلى «أن الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة يخوضان الآن مرحلة تحرر وطني تحتاج إلى مزيد من الترتيب الداخلي، واستعادة اللحمة بين شطري الوطن: الضفة وغزة». واستطرد «نحن دعاة وحدة وطنية، فالانقسام طال اللحم الفلسطيني، ولا نريد أن يصل حتى العظم، نريد توحيد الشعب الذي عانى على مدار عقود من الزمن».
إلا أن كلام البطش لا ينطبق على موقف بيان حركة الجهاد الذي نشرته على مواقع إلكترونية تابعة لها في غزة، وقالت فيه إن «فيتو فلسطيني وعربي يمنع إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتصبح إطاراً جامعاً لكل الشعب الفلسطيني». وأضافت أن «منظمة التحرير مغيّبة تماماً»، داعيةً إلى «أخذ زمام المبادرة والبحث في إنشاء مرجعية تبدأ بقوى المقاومة وكل من يؤمن بخيارها من هيئات ومؤسسات وأفراد».
وزادت حركة الجهاد أنه «من يرى في هذه الدعوة تهديداً لمنظمة التحرير، فليبادر إلى فتح ملفها وإعادة بنائها وفق ما تم التوافق عليه في اتفاق القاهرة 2005».