انتهت، أمس، المهلة التي حددتها مصر لتثبيت التهدئة في قطاع غزة، من دون أي إنجاز يذكر، وسط مواعيد جديدة بدأت تطفو على السطح، يبدو نصيبها من التطبيق قريباً من سابقاتها
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
باتت مفاوضات التهدئة الجارية في القاهرة أمام طريق شبه مسدود، ولا سيما في ظل التعارض الواضح في تقدير الموقف بين «حماس» والقاهرة، التي أصرّت على تحديد مواعيد جديدة لردّ الحركة الإسلامية وإعلان التهدئة، وهو ما تنفيه «حماس» التي عاد وفدها إلى دمشق بانتظار الحصول على الاستفسارات التي من المفترض أن تكون مصر قد عرضتها على المبعوث الإسرائيلي عاموس جلعاد.
وقال مسؤول مصري رفيع المستوى، لـ«الأخبار»: «نأمل أن نعلن هذه الهدنة في وقت لاحق يوم الثلاثاء المقبل»، فيما أكد المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، أن «وفد الحركة، الذي غادر القاهرة للتشاور مع بقية الفصائل الفلسطينية في العاصمة السورية دمشق، قدّم استفسارات محددة إلى الطرف الإسرائيلي عبر مصر، وبناءً عليها سيتحدد موقف الحركة من التهدئة». وأوضح أن «جولة الحوار التي جرت في القاهرة لم تتمخض عن شيء بسبب التعنت الإسرائيلي وتمسكه بشروط مرفوضة».
وتابع أبو زهري أن «سبب الفشل الرئيسي هو رفض إسرائيل فتح المعابر كاملاً والحديث عن فتح جزئي، فضلاً عن عدم وجود ضمانات لإلزام الاحتلال بأي اتفاق. لذلك، قدم وفد الحركة استفسارات. وإذا ما تلقينا هذه الإجابات بطريقة مرضية، يمكن وفدنا أن يعود إلى القاهرة لإتمام التهدئة».
إلا أن الموقف المصري جاء مناقضاً لـ«حماس»، إذ قالت مصادر مصريّة: «إننا أجرينا خلال اليومين الماضيين مشاورات مكثفة مع وفد حماس، وقبلها مع تسعة تنظيمات فلسطينية، بينها حركة فتح، وكل الأمور تسير في الاتجاه الإيجابي، ونحن في المرحلة النهائية من إنجاز اتفاق للتهدئة». ولفتت إلى أن الفصائل الفلسطينية «طلبت بعض الإيضاحات عن التهدئة، وستعود بعض الفصائل إلى القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة لاستكمال الشكل النهائي للاتفاق».
وفيما أجمعت بعض المصادر المصرية على أن وفد «حماس» سيعود خلال أيام، قال مسؤول مصري، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة أنباء «الشرق الأوسط»، إن «وفد حماس سيعود إلى بعد غد (غداً) السبت لإبلاغ المسؤولين المصريين الموقف النهائي من هذه القضايا».
في هذا الوقت، اجتمع رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، عمر سليمان، أمس، مع رئيس الطاقم السياسي والأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، وبحثا استفسارات الفصائل الفلسطينية المتعلقة بالتهدئة والمعابر بين إسرائيل وقطاع غزة.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، محمد نصر: «تلقّينا عبر الأخوة في مصر عرضاً إسرائيلياً فيه كثير من الغموض»، موضحاً أن «العرض لا يتحدث عن رفع الحصار». وأضاف: «طرحنا بعض الأسئلة عن الموضوع من حيث المبدأ. رفضنا بعض القضايا التي يطرحها الاحتلال»، مشيراً إلى أن «مصر تحتاج إلى وقت للتواصل مع الطرف الآخر ومحاولة استيضاح بعض القضايا والأسئلة التي طرحتها الحركة، فيما سنعود إلى القيادة للتشاور في القضايا». وتابع : «نشعر نحن والمصريون بالحاجة إلى مزيد من الوقت للوصول إلى اتفاق يقوم على رفع الحصار وفتح المعابر، لأن الحركة وقوى المقاومة الفلسطينية لن تذهب إلى توقيع اتفاق تهدئة تحت الحصار».
وعن العرض الإسرائيلي بفتح المعابر بنسبة 70 في المئة، واستكمال البقية في حال الإفراج عن الجندي الأسير لدى «حماس»، جلعاد شاليط، كرر نصر أن «المفاوضين تلقَّوا عبر مصر عرضاً إسرائيلياً غامضاً، وفيه عبارات ملتبسة ولا يتحدث عن رفع الحصار».
وأكّد مصدر فلسطيني مطّلع أن «حماس تصر على عدم الإفراج عن شاليط، ما لم يخرج مقابله أسرى فلسطينيون»، فيما قال القيادي في «حماس»، أيمن طه، إن «الحركة ليس لديها اعتراض في الوقت الحالي على تهدئة تستمر 18 شهراً».
وأعلن طه للتلفزيون المصري، أن «إسرائيل تخلت عن المطالبة بالافراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير لديها، جلعاد شاليط، مقابل رفع الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة».
من جهة أخرى، أغلقت السلطات المصرية معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة. وأوضح مسؤول في المعبر، طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه «لن يسمح بدخول المعونات الطبية، كذلك سيحظر مرور الوفود الطبية والإغاثية والإعلامية التي كانت تدخل إلى قطاع غزة من المعبر بتصاريح خاصة منذ انتهاء العملية العسكرية في القطاع في 18 كانون الثاني الماضي». وأضاف أن «السلطات المصرية ستسمح للوفود الأجنبية التي ذهبت إلى القطاع عبر المعبر بالمرور منه في طريق العودة، وستسمح بعودة الفلسطينيين العالقين». وأكد أنه «سيُسمَح بدخول الجرحى الفلسطينيين بعد تنسيق مع السلطات المصرية»، مضيفاً أن «المعونات الغذائية والطبية ستدخل من معبري كرم أبو سالم والعوجة».
إلى ذلك، أعلنت إسرائيل أنها سمحت للسلطة الفلسطينية بتحويل الأموال من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، بهدف دفع رواتب المسؤولين الحكوميين.


9 ملايين دولار

القاهرة ــ الأخبار
كشفت مصادر في معبر رفح الحدودي، لـ«الأخبار» أمس، عن أن «السلطات المصرية منعت لبعض الوقت مرور وفد حماس العائد إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية عبر معبر رفح الحدودي، بسبب شكوكها في محاولته تهريب مبلغ يقدر بنحو تسعة ملايين دولار أميركي». وبعد مرور بعض الوقت، أكدت مصادر في «حماس» أن «القيادي في حماس، أيمن طه، كان يحمل المال. وأوضحت أن «السلطات المصرية أُبلغت أنّ هذا المبلغ سيُنقَل»، لكنه «أُوقف بناءً على طلب إسرائيلي ولعدم موافقة حماس على الشروط الإسرائيلية».
وقالت المصادر إن «السلطات المصرية سمحت بعبور اثنين فقط من وفد حماس، هما صلاح البردويل وجمال أبو هاشم، بينما أصرت على منع دخول العضو الثالث في الوفد أيمن طه، وأصرت على تفتيشه». ولم يكن واضحاً ما إذا كانت مصر قد «سمحت لطه بالعبور إلى قطاع غزة أو لا». وأوضحت أن «المبلغ المكتشف يشمل دولارات أميركية، إضافة إلى رقم غير معلوم من اليورو، العملة الموحدة للاتحاد الأوروبي».
وقال مسؤول مصري رفض الكشف عن اسمه إن «هناك اتصالات مع وزارة المالية لتقرير ما إذا كان سيُسمَح بإدخال المال إلى غزة». وأضاف أنه سبق لمسؤولين في حركة «حماس» أن أدخلوا مراراً عبر معبر رفح ملايين الدولارات إلى القطاع بعد فوز الحركة بالانتخابات التشريعية في 2006، لكن هذه أول محاولة لإدخال المال إلى القطاع تقوم بها الحركة منذ إطاحتها الأجهزة الموالية للرئيس محمود عباس في القطاع في حزيران 2007 وسيطرتها على القطاع.