تتواصل جهود احتواء التوتّر الناشئ بين بغداد ودمشق إثر الاعتداء الأميركي على سوريا، بينما يُتوقع أن تسلّم واشنطن ردّها على تعديلات اتفاقية «سوفا»، التي «لم يجز السيد علي السيستاني الموافقة عليها»، بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسيةتتسارع خطوات التهدئة السورية ـــــ العراقية على الصعيدين الدبلوماسي والإجرائي على الحدود المشتركة بين البلدين. ففيما بحث وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مع نظيره السوري وليد المعلم «سبل تطويق التوترات بين البلدين واحتوائها» بعد غارة يوم الأحد الماضي على قرية السكرية السورية، عزّزت القوات العراقية وجودها على حدودها مع جارتها، بعد أنباء عن خفض دمشق لعدد حرسها الحدودي.
وأوضح بيان لوزارة الخارجية السورية أنّ «المعلم أجرى مساء السبت (أول من أمس) اتصالاً هاتفياً بزيباري، وتم تأكيد حرصهما المشترك على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتدعيمها، وضرورة تجاوز التوتر الذي ساد العلاقات في أعقاب الغارة».
وأشار البيان إلى «تفاهم جرى بين الجانبين على بعض الإجراءات العملية لتصحيح مسار العلاقات ووضعها في إطارها السليم». وخلال الاتصال، شدّد زيباري على أن حكومته «لم تعلم سلفاً بالغارة» الأميركية.
وبموازاة هذه التهدئة الدبلوماسية، كشف قائد عمليات وزارة الداخلية العراقية، اللواء عبد الكريم خلف، عن إرسال وزارته تعزيزات إلى الحدود مع سوريا «لسدّ ثغرات يمكن أن تكون معبراً لتسلّل مسلّحين باتجاه محافظة الأنبار».
من جهته، أكد قائد شرطة الأنبار وكبرى مدنها الرمادي، اللواء طارق يوسف العسل، «إرسال ثلاث سرايا من شرطة المحافظة إلى مواقع حدودية لملء الفراغ بعد انسحاب القوات السورية من مراكزها على الحدود».
وتابع العسل أن «قواتنا انتشرت تحسّباً لحدوث أي طارئ، وقواتنا تسيطر على الوضع في الحدود، وسنمنع تسلّل أيّ شخص إلى العراق». وتساءل العسل «ما الذي فعلته القوات السورية في السابق؟ كانت موجودة، لكنّ المتسلّلين كانوا يدخلون متى يريدون إلى العراق».
وتأتي الخطوات الميدانية العراقية إثر ما كشفته وسائل إعلام سورية عن سحب بعض وحدات حرس الحدود السورية المتمركزة على الحدود مع العراق في أعقاب الاعتداء الأميركي الأخير.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «الوطن» السورية الخاصة، أمس، خبراً يؤكّد الموضوع نفسه الذي سبق أن تحدثت عنه قناة «الدنيا» الفضائية الخاصة. ونقلت «الوطن» عن شهود عيان قولهم إن «أبناء القرى المجاورة للحدود رأوا آليات عسكرية سورية تقل حرساً وعتاداً تغادر المناطق الحدودية السورية ـــــ العراقية إلى جهة غير معروفة»، مؤكدين أن عمليات الانسحاب تجري «على دفعات، وبين فترة وأخرى يغادر رتل من هذا الحرس القرى الحدودية»، وكل ذلك في ظل صمت رسمي سوري.
وفي شأن متصل، أعلنت رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، دومينيك دو كايزر، أنها تؤيّد اتفاق الشراكة بين سوريا والاتحاد الأوروبي «لما لذلك من فائدة للجانبين»، رافضة باسم اتحادها «أيّ استهداف للمدنيين»، في إشارة إلى الجريمة الأميركية بحق المواطنين السوريين. وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فإنّ موقف دو كايزر ورد خلال لقائها مع الرئيس بشار الأسد في دمشق، أمس.
على صعيد آخر، توقّع زيباري أن يصل الرد الأميركي على لائحة التعديلات التي طالبت بغداد بإدخالها على مسوّدة الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية «خلال أيام»، بينما رأى ياسين مجيد، وهو مستشار رئيس الحكومة نوري المالكي، أنّ ذلك لن يحصل قبل صدور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، «حتى يتسنّى للرئيس المنتخَب معرفة إلى أين وصلت المفاوضات».
وسجّل السيد علي السيستاني موقفاً جديداً يوحي أنه يدعم التعديلات التي تقدمت بها حكومة المالكي إلى الطرف الأميركي المفاوض. فقد نقل بعض الفضائيات العربية عن مقرّبين من المرجع في النجف نفيه تقارير أشارت إلى أنه أجاز للحكومة توقيع الاتفاقية، مكرراً إصراره على موقفه السابق المشدد على ألا تمسّ «سوفا» سيادة بلاده، وتاركاً أمر الموافقة أو الرفض إلى برلمان العراق وحكومته وشعبه.
وتخوّف نائب وزير المال الأميركي، روبرت كيميت، من أنّ تأجيل الموافقة على الاتفاقية «قد يجعل المستثمرين يترددون في الاستثمار في العراق، رغم تحسّن الأمن».
وخلال مشاركته في مؤتمر استثماري في بغداد، أشار كيميت إلى أن «ما يقوله رجال الأعمال لنا هو إنهم يراقبون تلك المفاوضات، وهم يضعون السياسة العامة لقراراتهم بشأن الاستثمار».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
يو بي آي، رويترز)