الفوائض المالية تقتنص أسهماً وشركات خاسرة
محمد وهبة
الأزمة المالية العالمية على كل لسان في مؤتمر «الاستثمار في الاستقرار» الذي انعقد أمس بتنظيم من اتحاد المصارف العربية في فندق فينيسيا، وحضره رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف وعدد من المعنيين في القطاع المصرفي العربي والمحلّي.
لكن لم يكن بإمكان الموجودين الإجابة فعلياً عن الهواجس التي يطرحها المؤتمر والإيحاء الذي حاول تقديمه عبر العنوان، أي استقرار لبنان الذي لم تنل الأزمة المالية العالمية من قطاعه المصرفي، فما هو الاستقرار المطلوب من لبنان لاستقطاب الاستثمارات والأموال الخليجية؟ وهل هناك سيولة وكتل نقدية في دول الخليج يمكن أن تتجه إلى لبنان «المستقر» في ظل أزمة السيولة الحالية في النظام المالي العالمي؟ وأي القطاعات اللبنانية يمكن أن تكون عنصراً جاذباً لمديري الثروات الخليجية ولا سيما أن لبنان، منذ اتفاق الدوحة، يشهد شحّاً في الاستثمارت و«غزارة» في تدفق الودائع.
وقبل ذلك، يشير المدير العام للتسويق في «بنك الإمارات ـــــ دبي» سليمان المزروعي، وهو المصرف الأكبر في الخليج، إلى أن الأزمة الماليّة تفرز نوعين من الحذر لدى رجال الأعمال والشركات والمصارف والمستثمرين عموماً: الاول متأثّر بالأزمة وقد أظهرت ميزانياته المالية خسائر غير قليلة ولذلك فهو يبحث عن تمويل عجزه، وهذا الامر له انعكاساته على التزامات الشركات... والثاني غير متأثر بالأزمة ولديه كمّ كاف من السيولة المالية الجاهزة ولكنه يبحث عن الأمان لاستثمارها وعن إمكانات الفرص الممكنة في أي من الاسواق الخاسرة، إذ تتحول بعض الخسائر في الأسواق إلى فرص استثماريّة يجب اقتناصها، وهذا ما يجعل الفرص التقليدية في لبنان جاذبة للمستثمرين التقليديين فقط، أي الاستثمارات الباحثة عن مصدر ربح سريع وسهل التحقيق، ومكفول سياسياً.
وبهذا المعنى قال رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف لـ«الأخبار»، رداً على سؤال عن درجة الأمان الاستثماري في لبنان، إن السيولة التي يمكن أن تتجه إلى الاستثمار في لبنان متوافرة في دول الخليج من مصدرين هما القطاعان العام والخاص.
لكن بما أن موازنات الدول مرتبطة بسعر برميل النفط، فإن هوامش الإنفاق الحكومي في دول الخليج مرتبطة بتطورات أسعار النفط حتى السنة المقبلة على الاقل، فيما الاتجاه الحالي هو انحداري، وبالتالي فإن الاستثمارات التي كانت تقوم بها الحكومات محدودة في ظل اضطرار الحكومات إلى تعويم مؤسساتها المالية. أما بالنسبة للإنفاق الخاص، فهو ينقسم إلى فئتين واحدة مُعدمة نتيجة انشغالها بالبحث عن السيولة المفقودة في السوق، والثانية تبحث عن فرص شراء بأسعار متدنية.
ويعتقد يوسف أن لبنان يحتاج إلى مزيد من الاستقرار السياسي ليكون وعاءً جاذباً للاستثمارات، مشيراً إلى قطاعات لبنانية قد تجذب المستثمرين مثل قطاع التعليم، والمرافق العامة، ومؤسسات العلاج الصحي التي لديها كل مقوّمات النجاح... لكن أهم شيء بالنسبة إلى علاقة المستثمر بلبنان ونجاح استثماره، بحسب يوسف، «هي العلاقة التي تجمع المستثمر برجل السياسة اللبناني».
وبالنسبة إلى المصارف الخليجية يجب البحث أولاً عن السيولة، ومن ثم عن الاسواق التي تكمن فيها فرص استثمارية، بحسب المزروعي، وتميز الاقتصاد اللبناني «يجب أن يترافق مع توافر الاستقرار السياسي، لكن توجه بعض الفوائض المالية إلى لبنان يعتمد على الفرص الموجودة». ويلفت إلى أن الاستثمار الخليجي في العقارات اللبنانية مرهون بالقوة المالية في هذه الدول، إذ إن المصارف الخليجية «تمر في مرحلة مراجعة استراتيجاتها، كما تعمل على إعادة الثقة المحليّة والداخليّة أولاً، وإذا كان لديها أي فوائض فستُستثمر في الاسواق القوية ذات المردود الجيد... والأكثر استقراراً، علماً بأنه ليست هناك سيولة كافية لتخرج».
وفيما لا يزال الحديث عن التداعيات الاقتصادية على لبنان مطموراً، يلحظ المدير العام للبنك العقاري المصري حازم محمد يوسف، أن الاستثمار في العقار اللبناني لا يحتمل أي نوع من المخاطر معتبراً أن هذه الاستثمارات «آمنة جداً، فنسبة تمويل العقار هي أقل نسبة تحمل مخاطر، فهي 60 في المئة في لبنان، و80 في المئة في الأردن و70 في المئة في مصر... واليوم ما تشتريه يرتفع ثمنه بنسبة 20 في المئة». لكن يوسف لا يعلم أن الركود قد أصاب العقارات اللبنانية فيما بدأت أسعار الأصول في لبنان بالانخفاض.