مشاكل واحدة تجمع مستهلكي العالم العربي: احتكار بحماية السلطات القائمة. هدر لحقوق المستهلكين في الحصول على سلع ذات نوعية جيدة وبأسعار حقيقية. مافيات تدخل إلى البلاد منتجات سيئة النوعية بمؤازرة «أشخاص فاعلين». وبين مشكلة وأخرى، تستمر أزمة ارتفاع الأسعار على الرغم من الانخفاضات الحاصلة عالمياً. أما أجهزة الرقابة، فغائبة في معظمها!... الاتحاد العربي للمستهلك الذي اجتمع السبت الماضي في بيروت للمرة الأولى منذ عشرة أعوام، حمل في قبضة معاناة شعب يمتد من المحيط إلى الخليج، وفي قبضة أخرى جملة مطالب لحكوماتهم من جهة، ولجمعيات المستهلك المنتشرة من جهة أخرى. وكان إعلان بيروت لحماية المستهلك العربي أمس، الذي تطرق إلى جملة موضوعات ومطالب، قد أسقط منها الدعوة إلى حماية المستهلكين من الغش والتزوير الذي يسمح لسلع إسرائيلية باجتياح الأسواق العربية تحت مسميات مختلفة، وبتحديد بلدان منشأ غير حقيقية.
مشاكل مشتركة

ومن السعودية إلى الأردن ومصر ولبنان وسوريا، المشاكل واختراق الحقوق تجمع المستهلكين، إذ تشير رئيسة الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك في مصر سعاد الديب لـ «الأخبار» إلى أن المشكلة الأساسية التي يعانيها المستهلك المصري هي ارتفاع الأسعار، وتقول «لقد كانت حجة التجار أن الأسعار العالمية مرتفعة، ولكن الأسعار انخفضت في العالم كله، أما في مصر، فلا تزال على حالها». وتلفت الديب إلى أن مصر تنتج 47 في المئة من القمح لزوم الخبز «العيش»، فيما تستورد النسبة الباقية بدعم حكومي يصل إلى 22 مليار جنيه، ولكن تبيّن أن القمح المستورد غير صالح للاستهلاك البشري، ويوجد اليوم مساءلات بشأن صفقة القمح المستورد، إضافةً إلى مشكلة اللحوم المستوردة التي تخزّن في أماكن غير متوافقة مع المواصفات العالمية لتصل إلى المستهلك المصري بأسوأ حالاتها مسبّبة أمراضاً عدّة.
أما رئيس المكتب الإعلامي في جمعية حماية المستهلك في سوريا، سمير جاجة، فلفت إلى أن المستهلك السوري يعاني ارتفاع أسعار الكهرباء، بعد إلغاء الشرائح الكهربائية التي كانت تحدد سعر الطاقة المستخدمة، فيم أسعار المازوت لا تزال عند المستويات المرتفعة، على الرغم من الانخفاض العالمي. لافتاً إلى وجود العديد من السلع الغذائية التي تباع إلى الفقراء قبيل انتهاء فترة صلاحيتها بفترة وجيزة.
وفي الأردن الحال هي نفسها، إذ يشير رئيس الاتحاد العربي للمستهلك محمد عبيدات إلى أن الأسعار لا تزال في يد احتكار القلة، ليقوم عدد قليل من التجار وفق وكالات حصرية محمية من بعض الجهات الحكومية التابعة لوزارة الصناعة والتجارة في الأردن بالتحكم في عملية الاستيراد وتحديد الأسعار. ويلفت إلى أن جمعيته تكافح تسرب السلع الإسرائيلية إلى المستهلك الأردني، إضافةً إلى مراقبة مستوى الجودة في المواد المعروضة في السوق.
والوكالات الحصرية محمية بقوانين في المملكة العربية السعودية، إذ يقول رئيس جمعية المستهلك السعودي محمد بن عبد الكريم الحمد إن الاحتكار في السعودية هو سيد الموقف، على الرغم من أن ذلك يتناقض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية، لافتاً إلى أن الجمعية الناشئة ستبدأ بالمطالبة بحقوق المستهلك، وخصوصاً توعية المستهلك بشأن هذه الحقوق. ولكن السعودية تحجب عن المستهلكين العديد من السلع التي تدخلها في إطار المحرمات، ومنها عدد كبير من الكتب والصحف والمواد الأخرى؟ الحمد يؤكد أن حقوق المستهلك لا تتضمن «المحرمات»، وخصوصاً تلك التي تتناقض مع الدين الإسلامي!

إعلان بيروت

وقد تضمن إعلان بيروت الذي أعلنه عبيدات، الدعوة إلى إيجاد المنظومات التشريعية المعاصرة لحركة حماية المستهلك. وإنشاء وزارة أو هيئة حكومية مستقلة لرعاية حقوق المستهلك. كما دعا الإعلان إلى اعتماد سياسات عامة متوازنة وعادلة لأسعار السلع والخدمات الأساسية مع تحديد هوامش أرباح، وضرورة تمثيل جمعيات حماية المستهلك في جميع اللجان والمجالس الخاصة بتقرير السياسات المرتبطة بالنقل والاتصالات والدواء والغذاء والصحة والإعلام، والتأكيد على تفعيل وحدة الإنذار المبكر في مقر الأمانة العامة للاتحاد، كما طالب جامعة الدول العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية بتقديم الدعم اللازم إلى الاتحاد العربي للمستهلك، إضافة إلى دعوة كل الحكومات العربية ودول العالم المتحضّر إلى رفع الحصار المفروض على قطاع غزة لتعارضه مع حقوق المستهلك الإنسان.
ر. أ. ز.