هادي العربي: تأثّر تحويلات المغتربين والتصدير الاستثماراتمحمد وهبة
بدأت الإشارات السلبية تظهر في الاقتصاد اللبناني، نتيجة لتطورات الأزمة المالية العالمية وتحولها من أزمة ائتمان مالي إلى أزمة تنعكس مباشرة على الاقتصاد الحقيقي لن يكون لبنان بمنأى عنها. فقد كشف وزير الاقتصاد والتجارة، محمد الصفدي، لـ«الأخبار» أن التأثيرات المباشرة للأزمة كانت محدودة جداً، لكن تداعياتها على الاقتصاد ستمتد إلى لبنان في خلال فترة زمنية متوسطة المدى، وقد بدأ هذا الأمر يظهر في قطاع المجوهرات تحديداً.
ويتزامن هذا الأمر مع معلومات متداولة بين اللبنانيين المقيمين والمغتربين في دول مجلس التعاون الخليجي عن أن الحالة السيئة في هذه الدول ستدفع الشركات إلى تقليص أعمالها وصرف عمالها أو خفض رواتبهم، وبالتالي فإن لبنان سيشهد ظاهرة تراجع تحويلات المغتربين في الخليج التي تمثّل 85 في المئة من مجمل تحويلات المغتربين، أو الهجرة المعاكسة لأعداد من العاطلين من العمل الذين سيبحثون عن الوظائف المتدنية الأجر في لبنان.

... إلى الأسوأ

لكنّ الخوف والقلق، كما يظهرهما الصفدي، هو من الانكماش الاقتصادي الذي سيكون مستورداً بالنسبة إلى لبنان من دون أن يعلم أحد حجم تأثيرات ذلك على الوضع العام. ففيما اقتصرت النقاشات في اليوم الأول لمؤتمر «أصدقاء لبنان للاستثمار والتمويل»، الذي انعقد أمس في فندق فينيسيا، على عموميات تفيد بأن التداعيات على الاقتصاد الخليجي تتطور باتجاه سلبي «من سيئ إلى أسوأ»، أجمع خبراء مشاركون في المؤتمر لـ«الأخبار» على تأثر الاقتصاد اللبناني على المدى المتوسط بالأزمة العالمية وما ستسببه من انكماش في اقتصادات الدول، ولا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تُضَخُّ السيولة في مقابل تزايد الانكماش.
وقال المدير الإقليمي للبنك الدولي، هادي العربي، إن «المرض بدأ ينتقل من منطقة إلى أخرى في العالم، وسرعان ما ستبدأ التأثيرات بالظهور في لبنان الذي أظهر مناعة حتى الآن، لكن تحول الأزمة من مالية إلى اقتصادية، وبالتالي اشتدادها، سيمس كل الدول ولن يكون لأي دولة مهما علا شأنها المناعة الكافية لتنأى بنفسها عن هذه التداعيات».

تأثّر ثلاث قنوات

أبرز التداعيات الاقتصادية على لبنان، بحسب ما يشير العربي، ستتمثّل في ثلاث قنوات أساسية. فبالدرجة الأولى، ستتأثر القناة الأكبر بالنسبة إلى لبنان، وهي «تحويلات المغتربين اللبنانيين، وخصوصاً إيرادات العاملين في دول الخليج التي ستشهد تباطؤاً في نسب النمو الاقتصادية، وبالتالي سيكون هناك ضغوط على الاقتصادات المحلية وتقلص طلبات العمل وخسارة وظائف...».
أما القناة الثانية، فهي تتصل بتراجع الاستثمارات الخليجية، إذ إن تدفق رؤوس الأموال من دول مجلس التعاون الخليجي ستتقلص بسبب الطلب المرتفع على السيولة في الخليج، وارتفاع كلفة التمويل بمختلف أنواعها. ويلفت إلى أن هذا الأمر سينعكس على الاستثمارات البينية بين الدول العربية عموماً، أي إنه سيكون بمثابة ظاهرة جديدة تحكم تدفق رؤوس الأموال المتأثرة بتراجع أسعار النفط.
أما القناة الثالثة التي ستتأثر، فهي الصادرات اللبنانية، إذ سيتراجع نمو قطاع الخدمات وتصدير البضائع من لبنان، ما سيضعف قطاعي التجارة والسياحة باتجاه ركود اقتصادي سببه أن القطاع الخاص سيكون أقل إنتاجاً.

50% تراجع الطلب على الذهب

والدليل الأبرز على تعاطي السلطات المسؤولة بخفة مع تداعيات الأزمة ومبالغة المسؤولين في التصريح عن مناعة لبنان و«قوّته» في «التصدي» للأزمة المالية العالمية، هو ما يشهده حالياً قطاع المجوهرات الذي يحتل قائمة الصادرات اللبنانية إلى
سويسرا.
فقد أوضح رئيس نقابة الصاغة والجوهرجية بوغوس سوريديان أنه «منذ ثلاثة أسابيع تراجع الطلب بقوة على الذهب في لبنان وفي دول الخليج، إذ تراجعت القدرة الشرائية للفئات التي كانت تشتري هذا المعدن، لأنها كانت قد تورطت بخسائر في البورصة، وهي تمثل القوة الشرائية في القطاع. وقد ظهر تراجع الطلب على الذهب بوضوح في معرضين للمجوهرات عقدا في إمارتي دبي وأبو ظبي. وفي بيروت، بلغت نسبة التأثر 50 في المئة، علماً بأنها ستعود إلى التحسن بين ستة أشهر وسنة عندما تهدأ الأسواق».

العقار: لا تراجع دراماتيكي

وفي هذا الوقت، لا يزال العقار اللبناني «يقاوم» حالة التباطؤ في اقتصادات الدول المجاورة، ويشير المدير التجاري في مشروع «بلاس بروبرتيز» في وسط بيروت، مارون أبي راشد إلى أن السوق المحلية تتجه إلى تصحيح موضوعي للأسعار، من دون أن يكون هناك تراجع دراماتيكي كما يتوقع البعض. فقد بلغت مبيعات المشروع 60 في المئة منذ آب الماضي، علماً بأن سعر المتر المربع الواحد يبلغ 6150 دولاراً زائداً 100 دولار عليه مع ارتفاع طابق واحد. لكن الأبرز في هذا الشأن، هو أن غالبية المشترين هم من اللبنانيين المغتربين... ما يثير أسئلة كثيرة عن أحوال هؤلاء وقدرتهم على سداد أقساط البيوت الفخمة، علماً بأن سعر المتر في «الصحراء، أو دول الخليج» لا يزال أغلى من سعر المتر في عاليه على سبيل المثال.
ويعتقد أبي راشد أن سوق العقارات في لبنان تمثّل فرصة مناسبة للتعويض عن خسارة في بعض الأسواق العربية والخارجية، لأنها سوق ثابتة وأرخص وأفضل من أسواق المنطقة.


29 مليار دولار

هو حجم الناتج المحلي الذي توقعه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لعام 2008، فيما معدّل النمو المحقق 6 في المئة


8 في المئة

هي نسبة التضخم التي يتوقع أن تسجل في نهاية السنة الجارية، بحسب مصرف لبنان الذي يرى أن النسبة المتوقعة لعام 2009 ستكون 6%


5.193 مليارات دولار

هي نسبة تحويلات اللبنانيين المغتربين بحسب صحيفة «لو موند» الفرنسية. وبحسب تقديرات خبراء، فإن 85 في المئة منها تأتي من دول الخليج


استقرار الفوائد