تستعد إسرائيل لليوم الذي يلي انتخابات الرئاسة الأميركية، واحتمال وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض. قلقها لافت، وينبع أساساً من إمكان فتحه حواراً مع إيران، غير مشروط بوقف مشروعها النووي
يحيى دبوق
ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن «إسرائيل ترصد تصريحات مرشح الحزب الديموقراطي الأميركي باراك أوباما، الأوفر حظاً للفوز بالرئاسة الأميركية، وأنه سيُجري حواراً مع إيران من دون شروط مسبقة»، مشيرة إلى أن «هذه التصريحات تثير قلقاً لدى (المسؤولين) الإسرائيليين».
وقالت الصحيفة إنه تقرر في مداولات عقدت أخيراً في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن «اشتراط المفاوضات بين الغرب وإيران تجميد تخصيب اليورانيوم هو مصلحة إسرائيلية مصيرية»، مشيرة إلى أن هذه المداولات جرت بمشاركة ممثلين عن لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية، وطاقم خاص عن مجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، إضافة إلى مندوبين عن جهاز الموساد الإسرائيلي وخبراء من الجامعات العبرية.
وأضافت الصحيفة أنه في أعقاب المداولات «تقرر تأليف أربعة طواقم عمل تقود حملة دبلوماسية إسرائيلية لإفشال المشروع النووي الإيراني، أحد هذه الطواقم سيعمل في الإفشال السياسي للمشروع، وسيكون مسؤولاً عن الاتصالات مع الهيئات الدولية، كالأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما ينشط طاقم عزل اقتصادي مهمته بذل الجهود لإقناع جهات مصرفية دولية بمقاطعة المصارف الإيرانية وزيادة الرقابة على حركة تحويل الأموال الإيرانية، على أن يعمل طاقم ثالث في مجال الدفع باتجاه عزل إيران سياسياً ومحاربتها في مجالات المس بحقوق الإنسان وأشياء أخرى، بينما يعمل الطاقم الرابع على تقديم وجهة النظر الإسرائيلية في وسائل الإعلام ونشر مقالات ذات علاقة في كبرى الصحف في العالم».
وقالت الصحيفة إن إسرائيل تتحسب من توجهات أوباما حيال الملف النووي الإيراني، وتستند في ذلك إلى قوله خلال المواجهة الأولى مع منافسه الجمهوري، جون ماكاين، نهاية الشهر الماضي، إنه «يجب البدء بمفاوضات صارمة ومباشرة مع إيران، أما التوجه الذي يرى وجوب عدم التحدث مع جهة ما، فهو عقاب لن ينجح، بل إن جهود عزلهم (الإيرانيين) أدت إلى رفع وتيرة سعيهم للتطوير النووي».
وشددت الصحيفة على أن أهمية مداولات وزارة الخارجية الإسرائيلية، تنبع من أن عدداً من المشاركين فيها، هم من المستشارين المقربين من وزيرة الخارجية ورئيسة حزب «كديما»، تسيبي ليفني، المكلفة تأليف حكومة جديدة في إسرائيل.
وبحسب الصحيفة نفسها، فإن مداولات الخارجية الإسرائيلية، أخذت في الاعتبار سيناريوات عديدة محتملة لتطور الأوضاع بين الغرب وإيران، منها «احتمال فتح أوباما حواراً مع إيران من أجل الضغط عليها لوقف برنامجها النووي»، ومنها «إمكان أن تعلن إيران بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، وربما قبلها أيضاً، موافقتها على الخطة التي طرحتها الدول الخمس العظمى إضافة إلى ألمانيا، بتجميد متبادل لتخصيب اليورانيوم من جانب إيران والعقوبات من جانب مجلس الأمن، وفتح حوار يستمر 45 يوماً يتعلق بوقف تخصيب اليورانيوم في مقابل حصول إيران على رزمة امتيازات من الدول الغربية».
ورغم ما توصلت إليه مداولات الخارجية الإسرائيلية، قال عضو الكنيست عن حزب «كديما»، يتسحاق بن يسرائيل، المقرب من ليفني، إن «وزيرة الخارجية تعتقد أنه إذا لم يوقف العالم المشروع النووي الإيراني، فإنه لن يكون أمام إسرائيل إلا الهجوم، لأنها لن تسمح لإيران بالعيش مع سلاح نووي». لكنه عاد واستدرك أن «لدى إسرائيل الوقت، فنحن لن نقصف (إيران) بعد ثلاثة أشهر، لأن إيران قد تحتاج إلى عامين أو ثلاثة لامتلاك القنبلة النووية الأولى».
ورأت «هآرتس»، في تعليقها على كلام بن يسرائيل، أنه «إذا لم يكن خداعاً إسرائيلياً، وأنه يعكس موقف ليفني، فإنه يعني أن إسرائيل لن تواجه إيران في ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش»، مشيرة إلى أن ما توصلت إليه مداولات الخارجية الإسرائيلية، ما هي «إلا ترجمة رسمية لما قاله الخبراء الإسرائيليون منذ وقت طويل: إسرائيل لن تهاجم المنشآت النووية الإيرانية، وعليها أن تتأقلم مع الواقع المُرتقب مع استبدال الإدارة الأميركية الحالية، وبدء محادثات أميركية مع النظام الإيراني».