قلب حلفاء واشنطن من العراقيين الطاولة فوق رأس الاحتلال، ورفعوا سقف شروطهم التعجيزية لقبول الاتفاقية الجاري التفاوض في شأنها، ليبدو أنّ توقيعها بات يحتاج إلى مفاجأة استثنائية
بغداد ــ الأخبار
أصبحت خريطة مواقف القوى السياسية العراقية من الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية المتعثّرة في غاية الوضوح: رسمياً، الكتلة السياسية الوحيدة التي تدعم المسوّدة التي لم تحظَ بقبول «مجلس الأمن السياسي» في اجتماعه الليلي، أول من أمس، هي «التحالف الكردستاني»، بالإضافة إلى عدد قليل من النواب المستقلين المتخوّفين من «التهديد الإيراني».
وستصوّت حكومة نوري المالكي اليوم على المسوّدة لرفعها إلى البرلمان حيث الغالبية الساحقة معارضة لها.
ولم ينجح «مجلس الأمن السياسي»، الذي يضم زعماء الكتل البرلمانية والرئاسات الثلاث، في التصديق على النصّ، معتبراً في بيان مقتضب تلا اجتماعه أنه «يحتاج إلى مزيد من الوقت لدراسته» وتعديل بعض الفقرات. وفي السياق، أوضح المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ أنّ «الجماعات الكردية الرئيسية هي الوحيدة التي أيّدت الاتفاق دون تحفّظات».
وتكفّل مستشار المالكي، محمد العسكري، بالكشف عن طبيعة التعديلات المطلوب إدخالها من جانب «الائتلاف العراقي الموحّد» الحاكم كشرط إجباري للقبول بها، ولخّصها كالآتي:
ـــــ إلغاء البند الذي يفيد بأنّ تاريخ نهاية 2011 موعداً لجلاء كافة القوات الأميركية عن الميدان العراقي يبقى قابلاً للتعديل.
ـــــ تأليف لجنة مشتركة للنظر في هوية الولاية القضائية التي ستنظر في الجرائم والمخالفات التي قد يرتكبها جنود الاحتلال. والمسوّدة الحالية تنص على أن القضاء العراقي يتولّى مقاضاة أي جندي أميركي عندما يرتكب جريمة خارج إطار مهماته و قواعده العسكرية.
وفيما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن العسكري وضعه مصير الاتفاقية «بيد الأميركيين»، جزمت بأن المسؤولين في واشنطن غير مستعدّين بتاتاً لبحث المزيد من «التنازلات».
وعلى الطرف الكردي، حذّر رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني من «عواقب عدم توقيع الاتفاقية»، محذّراً من أن البديل هو «تمديد الوضع الحالي الذي يسمح لضابط أميركي باعتقال جميع الوزراء، استناداً إلى الصلاحيات، بالإضافة إلى احتمال الانسحاب الكامل والتخلّي عن التزاماتهم إزاء العراق».
وبدت القيادات الإيرانية مرتاحة للتطوّرات المتصلة بتعثّر الاتفاقية. فخلال لقائه الرئيس السابق للحكومة العراقية إبراهيم الجعفري، رأى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أنّ الشعب العراقي «أذاق المحتلّين طعم الهزيمة». أما وزير خارجيته منوشهر متكي فقد رأى أنّ المساعي الأميركية لتوقيع الاتفاقية مع العراق «عديمة الجدوى»، مؤكداًَ أن تجاهل رأي الشعب العراقي إزاء هذه الاتفاقية «يكشف النقاب عن سياسات فاشلة».
بدوره، أشاد الجعفري بالتظاهرة الحاشدة التي نظّمها التيار الصدري يوم السبت الماضي لرفض الاتفاقية.