يصعُب تصديق أن رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة متحمّس لتصحيح الأجور في القطاعين العام والخاص. فهو خاض معارك طاحنة ضد أي اتجاه من هذا النوع، منذ أن عيّن وزير دولة لشؤون «الجباية» في أواخر عام 1992، ليساعد الرئيس الراحل رفيق الحريري في إدارة وزارة المال (التي كان يتولّاها شخصياً)، وتعقيب معاملاتها الكثيرة. فالسنيورة الذي حاز لقب «أبو الضرائب» عن جدارة، كان من أبرز «الجهابذة» الذين اخترعوا قرار تجميد الأجور في عام 1996، علماً بأنه وقف في مواجهة أي مطلب يرمي إلى تجميد الأسعار في المقابل، باعتبار أن ذلك يمثّل انتهاكاً لقواعد حرية «السوء»، أو عفواً «السوق».أمس، خرج الرئيس السنيورة على اللبنانيين ليقول لهم «أن ليس هناك مسؤول يريد زيادة الأجور وآخر لا يريد ذلك... وإذا عادت الأمور إلي، فأنا أريد أن أرفع الحد الأدنى للأجور إلى ألف دولار... ولكن السؤال هل هناك من رُكب تتحمل هذه الزيادة؟»... بل ذهب إلى أبعد من ذلك، ما دام الكلام لا جمرك عليه، فقال «إذا كان البلد والاقتصاد والمؤسسات والمالية العامة تتحمل هذه الزيادة، فأنا مع الزيادة إلى ألفي دولار. فالقضية ليست مزايدة، نريد رُكباً تحمل، واقتصاداً قادراً على تحمّل أعباء الزيادة».
فهل من مزايد على دولة السنيورة؟ أم أن رُكب الجميع لا تحمل عبء الدولة العادلة؟
(الأخبار)