خفض الكميات إلى النصف وتأخير الضخ إلى عام 2009أطاحت مصر، عن قصد أو عن غير قصد، كل الآمال اللبنانية التي لاحت مؤخراً في سياق البحث عن المعالجات الطارئة والسريعة لأزمة الكهرباء المستفحلة، فقد تبلّغ وزير الطاقة والمياه الان طابوريان من نظيره المصري سامح فهمي أن «أسباباً تقنية» تمنع وصول الغاز إلى معمل دير عمار في الشمال قبل بداية العام المقبل، وأن مصر لن تكون قادرة على تصدير إلا نصف الكمية التي التزمت بها سابقاً... وهذا الموقف المفاجئ يتناقض تماماً مع الأجواء التي أشاعها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في آب الماضي، بعد لقائه الرئيس حسني مبارك ورئيس الوزراء أحمد نظيف، إذ أعلن أنه تبلّغ منهما أن مصر جادّة في تأمين حاجات لبنان من الغاز قريباً «لكي يعوّض ما فاته، ويتجاوز أزمة ارتفاع أسعار الطاقة العالمية...»

من يعرقل؟

وجاء هذا الموقف بمثابة ضربة موجعة لكل الخطط التي يعكف الوزير طابوريان على إعدادها من أجل خفض الكلفة وتأمين تغذية كهربائية أفضل على المدى القصير، إذ إن هذه الخطط ترتكز على ركائز أساسية عدّة، أهمها استجرار ما لا يقل عن 150 ميغاواط من الكهرباء المصرية عبر شبكة الربط السباعي التي تضم مصر ولبنان، ما يسهم في سد جزء من العجز الكهربائي المحلي البالغ حوالى 500 ميغاواط... واستيراد حوالى 1.2 مليار طن من الغاز سنوياً عبر خط الغاز العربي، الذي يضم البلدين أيضاً، لتشغيل مجموعات التوليد الثلاث في معمل دير عمار، ما يسهم في خفض كلفة الإنتاج الباهظة بما لا يقل عن 200 مليون دولار في السنة... وكان الوزير طابوريان يراهن على هاتين الركيزتين الأساسيتين من أجل رفع معدّل التغذية الكهربائية إلى حوالى 19 ساعة يومياً في كل المناطق اعتباراً من هذا الخريف، وبالتالي إيجاد الأرضية الصالحة لإعادة النظر بالتعرفة الكهربائية، وإبقاء الدعم للفقراء فقط، كمقدمة لتنفيذ الخطط والاستثمارات المطلوبة على المدى المتوسط، والرامية إلى إعادة تأهيل وتطوير القدرات الإنتاجية المحلية، لتواكب الطلب المتنامي.
وقد بنى الوزير طابوريان رهانه على الالتزامات المصرية نفسها، وعلى محاضر الاجتماعات السابقة، إذ إن الجانب المصري كان يكرر، في كل مناسبة، إعلان نيته دعم لبنان في مجال الطاقة والغاز، أو على الأقل هذا ما كان يشيعه البعض، ولا سيما الرئيس السنيورة في محاولة لرمي تهم العرقلة والاعتراض على أطراف ثالثين، الأردن أحياناً، وسوريا أحياناً كثيرة.

تشغيل ثلث المعمل

وقال الوزير طابوريان بعد عودته من القاهرة أمس، إن الجانب اللبناني فوجئ بأن الغاز الذي كان يجب إيصاله إلى لبنان خلال هذا الشهر سيتأخر تأمينه إلى كانون الثاني من عام 2009 بسبب أمور تقنية تجري معالجتها وفق ما أعلن... كما تبين أن الكمية التي ستؤمّن في كانون الثاني المقبل هي بحدود 50% من الكمية المتفق عليها سابقاً، وهي كمية لن تكون كافية إلا لتشغيل مجموعة واحدة من أصل المجموعتين اللتين تكوّنان معمل دير عمار.
وقد اجتمع الوزير طابوريان والوفد المرافق مع وزير الكهرباء المصري محمد يونس والمسؤولين في وزارته على هامش الاجتماعات المخصصة للغاز التي استضافتها العاصمة المصرية، وجرى الاتفاق على عقد اجتماع خلال الأسبوعيين المقبلين بين المسؤولين في الوزارتين للتباحث في التعرفة النهائية لاستجرار الكهرباء من مصر...
وقد علمت «الأخبار» أن الجانب اللبناني يسعى منذ فترة لإنجاز الاتفاق النهائي على استجرار الكهرباء من مصر وتحديد الأسعار، إلا أن الجانب المصري يقوم بتأجيل الأمر دائماً لأسباب لم تعد مفهومة!
واستغربت أوساط متابعة الموقف المصري من لبنان، إذ إن كميات الغاز، التي كان متفقاً عليها في السابق، تمثّل أقل من 1 في المئة من الإنتاج المصري الحالي، علماً بأن مصر أبرمت اتفاقاً مثيراً للجدل مع إسرائيل، يرمي إلى تأمين حاجاتها لمدة 20 سنة، وبأسعار بخسة تقل عن دولار واحد للمتر المكعب فيما تبحث فرض أسعار على لبنان تراوح ما بين 5 و7 دولارات.

محضر اجتماع القاهرة

وكان الوزير طابوريان قد شارك في الاجتماع الوزاري لوزراء النفط والطاقة المعنيين بمشروع خط الغاز العربي الذي عقد أول من أمس الأحد في القاهرة، إلى جانب نظرائه المصري سامح فهمي، والسوري سفيان العلاو، والأردني خلدون قطيشات...وبعد استعراض تقدم سير العمل في مراحل إنجاز مشروع خط الغاز العربي، تم الاتفاق على ما يلي:
1) الالتزام ببرنامج تدفيع الغاز المتفق عليه مع الجانب السوري طبقاً لخطاب الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (ايجاس) بتاريخ 8/7/2008، الذي تضمّن تدفيع كميات غاز تبلغ 25 مليون قدم3/يوم اعتباراً من شهر أيلول 2008 تصل إلـى 50 مليون قدم3/يوم خلال الربـع الأول مـن عـام 2009.
2) توصيل الغاز المصري إلى لبنان من خلال المبادلة مع الغاز السوري في كانون الثاني 2009 بمعدل 30 مليون قدم3/يوم خلال الربع الأول من عام 2009.
3) عقد اجتماعات للجنة الفنية التي تضم المختصين من مصر وسوريا ولبنان على هامش الاجتماع الوزاري، لدارسة تعرفة نقل الغاز عبر الأراضي السورية إلى لبنان، على أن يُعقد اجتماع آخر، إذا استدعت الحاجة إلى ذلك في دمشق أو بيروت الأسبوع المقبل، وعرض النتائج التي يجري التوصل إليها على الوزراء المعنيين في اجتماعهم المقبل.
4) عقد اجتماعات دورية بين المختصين من الأطراف المختلفة لبحث أي مشاكل قد تعيق تدفيع الغاز عبر الخط، والتنسيق باستمرا لحل هذه المشاكل، وعرضها على الوزراء المعنيين للإحاطة بها أو اتخاذ القرار المناسب.
5) عقد اجتماع وزاري خلال شهر تشرين الثاني المقبل في بيروت لمتابعة تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه من إجراءات.
(الأخبار)


1٫7 مليار متر مكعب
هي كمية الغاز الطبيعي التي تصدّرها مصر سنوياً إلى إسرائيل ولمدة 20 عاماً، وبأسعار متدنية جداً بحسب ما أقرّ به وكيل وزارة البترول السابق إبراهيم العيسوي وينص الاتفاق بين الجانبين على أن تحصل اسرائيل على الغاز المصري اعتباراً من تشرين الاول 2006

تذكير