مناقشة رفع الدعم عن القمح... ولجم الأسعار والاحتكار
بعد غياب دام ثلاث سنوات، عاد المجلس الوطني لحماية المستهلك إلى الانعقاد، وأول قراراته كانت إجراء اجتماع شهري ثابت للمجلس لمواكبة قضايا المستهلكين ومشاكلهم، وعلى الرغم من دور المجلس الاستشاري إلا أن العديد من المعنيين يعوّلون على الاقتراحات التي يصدرها كونها تتحول عادة إلى آليات عمل للوزارات الممثلة فيه

أيمن فاضل
لجم فلتان الأسعار... رفع الدعم عن القمح... وتثبيت معايير السلامة العامة وحماية الصحة... ضبط آلية عرض الإعلانات منعاً لأي عملية غش للمستهلك... ارتفاع أسعار الكتب والقرطاسية المدرسية والآلية الواجب اتباعها لمراقبة المدارس التي تبيعها خلافاً للقوانين المرعية الإجراء... منع احتكار خطوط الخلوي... مكافحة الغش في مادة المازوت، بنود طرحت على جدول أعمال المجلس الوطني لحماية المستهلك، الذي لم يعقد خلال السنوات الثلاث الماضية سوى اجتماعين فارغين من أية إجراءات وضوابط للسوق اللبنانية المنفلتة، وإذا بالمجلس يعود أمس بعدما أرخى الفساد والاحتكار وانتهاك حقوق المستهلكين ظلاله على المشهد الاجتماعي والاقتصادي العام في لبنان.
الجلسة الأولى للمجلس العائد بعد طول انتظار لم تنتج سوى قرار واحد هو وجوب إجراء اجتماع شهري للمجلس، لكنها طرحت على طاولة جمعت ممثلين عن 6 وزارات، إضافة إلى الجمعيات الاقتصادية والمدنية المعنية مواضيع أرهقت المواطن اللبناني على مدى السنوات الماضية.

القمح ملك النقاش

ربطة الخبز التي تعرضت لتقلص حجمها وارتفاع سعرها كانت محور الاجتماع، حيث طرح وزير الاقتصاد محمد الصفدي توجهه نحو رفع الدعم عن الطحين لزوم الخبز العربي، منتقداً سياسة التوزيع التي كانت قائمة، وتحدّث عن آلية تمهيدية تخفِّف من كمية القمح المدعوم من 17800 طن إلى 15000 طن كمرحلة أولية، وأصدر الصفدي تعميماً فور انتهاء الاجتماع يعود فيه إلى آلية اعتمدت سابقاً في توزيع الطحين على الأفران، يشترط فيها حصول أصحاب الأفران على أذونات التسليم المقررة لهم من مبنى الوزارة في وسط المدينة، على أن يتم تسليم الأذونات على دفعتين، الأولى تكون قبل بداية كل شهر، والثانية في منتصفه، على أن يعطى كل فرن الحرية في صرف إذن التسليم من المطحنة التي يرغب، وهو ما لم يكن مسموحاً سابقاً، ثم تقوم المطحنة بدورها بتقديم الإذن للوزارة للحصول على ما يعادله من القمح بالسعر المدعوم. وقد أثار هذا الموضوع نقاشاً واسعاً بين المجتمعين، وخصوصاً بعدما أعلن الصفدي أن الدراسات التي ما زالت في طور التحضير أظهرت حتى الآن أن سعر مبيع ربطة الخبز سيسجّل هامش ارتفاع طفيفاً أقل بكثير من مصاريف الدعم، وبالتالي سيرتفع سعر الربطة، ومن ثم يعود إلى التراجع نتيجة المنافسة التي ستتزامن مع انخفاض أسعار القمح عالمياً.

معالجة أزمة الأسعار

كذلك تم التطرق إلى مشكلة الارتفاع الدائم في أسعار السلع الأساسية، وضرورة لجم فلتان الأسعار وتثبيت معايير السلامة العامة وحماية الصحة، وبسبب كثرة العناوين المطروحة انحصر الاجتماع بعرض المشاكل التي يعاني منها المستهلكون، فيما قدّم رئيس جمعية المستهلك زهير برو اقتراحات لمعالجة أزمة الأسعار التي ارتفعت خلال الأشهر الـ27 الأخيرة بنسبة 50.33 في المئة في ظل غياب تدخل الدولة للحد من هذه الارتفاعات المتلاحقة، منتقداً الإجراءت التي اتخذها وزير الاقتصاد السابق سامي حداد والتي كان لها الأثر السلبي على الأسعار، ومنها قرار دعم الخبر العربي عشوائياً إن كان من حيث حجم الدعم أو من حيث آليات التوزيع عبر اتفاقات ثنائية مع المطاحن والأفران، رافضاً مشاركة ممثلي المستهلك وهم المعنيون الأساسيون بهذه القرارات، إضافة إلى إلغاء القرارات المتعلقة بنسب الأرباح في المواد الغذائية، حيث ترك الوزير للاحتكارات حرية التصرف الكاملة في ظل غياب قانون المنافسة وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك بالتزامن مع ارتفاع الأسعار عالمياً، ما ساهم في ارتفاع الأسعار بدلاً من الحد منها.
وطالبت ورقة الجمعية بدعم وحماية السلع الأساسية وذلك عبر لجنة فنية تكون منبثقة عن المجلس الوطني لحماية المستهلك، تناقش مواضيع دعم الخبز والفروج وأية سلع أخرى ووضع أسس وآليات محددة تلغي الصفقات والاتفاقات السياسية والطائفية. وتقوم بتطبيق قرار وزير الاقتصاد الخاص بنسب الأرباح. واقترحت الورقة وضع سياسات مالية واقتصادية لضبط الأسعار وتأمين الأمن الغذائي وضبط الدعم والاستيراد أو الحد من التصدير حفاظاً على الأمن الغذائي والاجتماعي للمستهلكين.
وانتقد برّو في اتصال مع «الأخبار» ما كان عليه المجلس الوطني لحماية المستهلك، واصفاً إياه بأنه كان مجلساً على ورق منذ تشكيله في عام 2005، فلم يضطلع بدوره الطبيعي كمؤسسة مكلفة برسم واقتراح السياسات الخاصة بحماية المستهلك. وعطّلت اجتماعاته وأصبحت القرارات تتخذ خارجه عبر لقاءات ثنائية بين الإدارات وبعض القطاعات الخاصة، وهو أمر طرحته جمعية المستهلك في ورقتها التي طالبت بتفعيل دور المجلس الذي يفترض لا الاعتماد فقط على قناعات ورغبات الاعضاء، بل أيضاً على تغيير آليات عمله التي يجب أن تحوّله إلى مؤسسة عبر إصدار المراسيم التنظيمية والنظام الداخلي وتحديد أطر العمل والمركز والموظفين وآليات الدعوة إلى الانتخاب.
وطرحت الورقة المقدمة إلى وزير الاقتصاد زيادة عديد مديرية حماية المستهلك، منتقدة سياسة الوزير السابق الذي قرر خلافاً للقانون عدم زيادة الموظفين، مطالبة بقيام محكمة المستهلك بعدما عُطل قيامها وصودر دور المجلس الوطني لحماية المستهلك، مع ما يرافق ذلك من العمل على استكمال تطبيق قانون حماية المستهلك وإنجاز كل المراسيم التنظيمية المتعلقة به وإصدار قانون المنافسة وتطبيقه.

تجاوزات شركات التأمين

وطرح المجتمعون من بين بنود الجلسة موضوع تنظيم عمل شركات التأمين ومعالجة التجاوزات بحق المستهلكين، وطالبت جمعية المستهلك بإعادة النظر بعمل لجنة التأمين التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة، وضرورة معالجة تجاوز شركات التأمين لحقوق المستهلكين، ومنها رفضهم لعلاج حالات كثيرة طارئة أو تجديد العقود القديمة عند ظهور الأمراض المزمنة أو المستعصية، وهذا ما يستدعي مراجعة كل التشريعات والممارسات المجحفة بحق المستهلكين وتفعيل عمل لجنة الرقابة على شركات التأمين لكي تقوم بدورها المعطِّل منذ زمن بعيد.


60

هو رقم المادة في قانون حماية المستهلك التي تشير إلى وجوب إنشاء المجلس الوطني لحماية المستهلك، لتقديم اقتراحات في سبيل تحقيق عدة أهداف، منها العمل للحفاظ على صحة المستهلك وسلامته وحقوقه، وتأمين سلامة السلع والخدمات وتحسين جودتها، وتوعية المستهلك وإرشاده


المشاركون في الاجتماع

ترأس وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي جلسة المجلس الوطني لحماية المستهلك، وقد حضره كل من المدير العام للوزارة بالإنابة فؤاد فليفل، المدير العام لوزارة البيئة بيرج هاتجيان، المدير العام لوزارة الصناعة بالإنابة جورج خوري، المدير العام لوزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف، المديرة العامة لوزارة السياحة ندى السردوك، ممثلة وزارة الزراعة هلا عبد الله، رئيس مجلس إدارة مؤسسة المواصفات والمقاييس حبيب غزيري، رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو، المدير العام لجمعية الصناعيين سعد الدين عويني وممثل اتحاد الغرف نبيل فهد