بغداد ــ زيد الزبيدييدور في الآونة الأخيرة جدل واسع داخل التيار الصدري حول طبيعة مشاركته في انتخابات المحافظات، لكن الآراء الداخلية موحّدة على عدم التغيّب عن الاستحقاق وترك إدارة المحافظات لمنافسيه، من دون أن يكون له صوت مؤثّر في أوساط قاعدته الشعبية الكبيرة.
ويرى مطّلعون على الشأن العراقي أن إعلان التيار الصدري عدم مشاركته في الانتخابات على أساس حزبي، لم يكن على خلفية امتثاله لقرار الحكومة منع الأحزاب التي تمتلك ميليشيا من المشاركة.
ويشير هؤلاء إلى أنّ القرار الأخير هو غير ملزم، ولا شرعية قانونية له، لأنه صدر عن هيئة استشارية مؤلّفة من رؤساء الكتل البرلمانية هي «المجلس السياسي للأمن الوطني».
كذلك فإن قضية الميليشيات المسلحة شديدة التعقيد، بحيث تمتلك معظم التنظيمات السياسية ميليشيات، أبرزها الكردية و«الصحوات» و«جيش مرتزقة الحمايات» الخاصة بالسياسيين والمتعاطين في الشأن العام، التي يقارب عديدها قوات الاحتلال.
ويرى مراقبون سياسيون أن قرار التيار الصدري، هو أولاً قرار سياسي، لإبعاد تهمة المشاركة في عملية سياسية يديرها الاحتلال، إضافة إلى مكسب إعلامي يتمثل بالتمتّع بقدرة إدانة الجهات التي تمتلك ميليشيات تشارك في الانتخابات.
إلا أن هذا الخيار قد يؤدي إلى نتائج سلبية تضرّ بالتيار الشيعي الواسع، شبيهة بتداعيات قرار القوى العربية السنيّة بعدم المشاركة في الانتخابات الأولى التي جرت في مطلع عام 2005، والتي أدت إلى تهميشهم، وإمرار الكثير من القوانين والإجراءات المعاكسة لمصالحهم. لهذه الأسباب يُرجَّح ألا يترك التيار الصدري «الساحة الشيعية» لخصومه، بل سيسعى إلى الإبقاء على دوره الواسع في العملية السياسية، من دون إعطاء انطباع بأنه مشارك مع حكومة نوري المالكي والاحتلال في هذه العملية. ومن هنا تأتي دعوته لأنصاره إلى التسجيل والمشاركة بكثافة كناخبين على لوائح التصويت.
وقد سبّبت الدعوة الأخيرة بعض الارتباك في صفوف مناصري التيار وجمهوره بشأن طبيعة مشاركته الانتخابية. وأوضح المتحدث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان، صالح العكيلي، أن التيار «لن يشارك بقوائم انتخابية مستقلة، أو بقوائم متحالفة مع بعض الكتل، لكنه سيشارك من خلال دعم الرموز والشخصيات الوطنية التي ستخوض المعركة».
ويرى مراقبون سياسيون أن آلية المشاركة هذه تبقى غير مفهومة، لأن الدافع السياسي غير واضح لدى الكثير من الصدريين، إضافة إلى الاختلاف في التفسيرات لدى الكوادر الصدرية، حيث أشار مثلاً المتحدث باسم مقتدى الصدر، صلاح العبيدي، إلى أن «الصدريين لن يشاركوا بقائمة انتخابية مستقلة، بل من خلال شخصيات صدرية تندرج ضمن قوائم انتخابية لبعض القوى الوطنية». ورأى العبيدي أن توزّع مرشحي التيار على القوائم الانتخابية التابعة لبعض القوى والكتل السياسية الأخرى، «لا يعني حالة تشتت».
وعن إمكان مشاركة مرشحي التيار بقوائم غير «صدرية»، أجاب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، علي الدباغ، بأن «أي كيان سياسي يحق له المشاركة في الانتخابات إذا ما توافرت الضوابط في قائمته». ويفتح كلام الدباغ إمكان التيار للتملّص من المساعي الحكومية الهادفة إلى منعه من المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، ما يؤكد أن الغرض من إعلان «عدم المشاركة» كان سياسياً يتيح له الخروج من العملية السياسية التي يديرها الاحتلال من الباب، ثم الدخول إليها من الشبّاك.