كيف سيخرج الرئيس السوداني، عمر البشير، من أزمة اتهامه بارتكاب جرائم حرب؟ ليس أمامه سوى طريق واحد: عقد صفقة سرّية مع واشنطن، أو أن ينتظر تدخّلاً من مجلس الأمن الدولي
القاهرة ــ الأخبار

في ما يلي بعض الملاحظات حول الاتهام الدولي الموجّه إلى الرئيس السوداني عمر حسن البشير، مستقاة من خبراء على اطّلاع على نظام المحكمة الدولية، ومن محللين يستشرفون تداعياته:
- بحسب المادة ١٦ من قانون المحكمة الجنائية الدولية، يحق لمجلس الأمن أن يطلب تأجيل التحقيق مع الرئيس السوداني عمر البشير بضمان أن هناك مفوضات لحلّ الأزمة موضوع النزاع، وهذا يتطلّب أن تقدّم المجموعة العربية في المحكمة (الأردن ولبنان وجزر القمر وجيبوتي) الطلب إلى مجلس الأمن، وأن تؤيّد واشنطن القرار.
- إن حصل ذلك، فإنّه يعني أولاً أنّ المجموعة العربية ستتضامن مع البشير في وجه تهم «الإبادة الجماعية» التي توصّل إليها المدّعي العام للمحكمة الدولية لويس أوكامبو، الذي أجرى خلال الأشهر الماضية مفاوضات مطوّلة مع الحكومة السودانية لتسليم كل من وزير الشؤون الإنسانية أحمد هارون وأحد زعماء ميليشيات «الجنجاويد» علي القشيب. إلا أنّ البشير رفض و«حلف بالطلاق ألا يسلّم الوزير»، ما مهّد إلى إعلان قرار التوقيف بحقه، والذي يمثّل سابقة هي الأولى من نوعها.
- ثانياً، الولايات المتحدة، هي المنتصر الأكبر في أزمة البشير، لأنّها ستكون السبيل الأفضل كي تدخل في مفاوضات مع السودان وتحصل على ما تريد، بمعنى آخر ستكون ورقة ضغط. إضافة إلى أنّها لا تشجّع في الأصل فكرة إنشاء محكمة جنائية دولية ولطالما عارضتها منذ أن كانت فكرة عام 1998 ثم تحوّلت إلى واقع عام 2002.
- الولايات المتحدة لن تتخذ موقفاً صارماً من طلب التوقيف، انتظاراً لطلب السودان والمجموعة العربية. يُرجح أن تستغل ذلك لإجراء مفاوضات مع الخرطوم، يتوقع أن تحصل تحت الطاولة.
وهناك سابقة ترجّح هذه الفرضية. سابقة تستند إلى توقيع الحكومة المصرية على المحكمة الجنائية الدولية. توقيع لم تصاحبه المصادقة على القانون، أي الالتزام به. ويرى البعض أن أصابع أميركية وراء التراجع المصري، إذ يشيرون إلى «ضغط أميركي عنيف» صاحبه اتفاق «من تحت الطاولة» تعهدت فيه واشنطن بحماية النظام المصري في بعض الملفات الخطرة، في مقابل ابتعاد القاهرة ومن حولها من الدول عن المحكمة.
- سيناريو مفترض يمكّن واشنطن من الإمساك بزمام المبادرة بالداخل السوداني، ويكون لها قصب السبق في الصراع على خيرات الشمال والجنوب.
- صدرت بعض الأصوات الحكومية من القاهرة أمس تلمّح إلى أن المحكمة الدولية اتهمت البشير لأنّه «ممانع للقوى العظمى، فيما هي لا تقدر على مجرمي الحرب في إسرائيل»، مشيرة إلى أن الحكام العرب سيندفعون لتأييد الرئيس السوداني و«سيقولون إن أميركا وإسرائيل حبكتا مؤامرة ضدّه».
- أمر القبض على البشير لا شك في أنه سيهزّ المنطقة العربية كلّها. فهي المرّة الأولى التي يحاكم فيها رئيس عربي على مذابح ارتكبها في حقّ شعبه. المحاكمة دولية وتتم وفق معايير قانونية محدّدة لما يسمى: الجريمة ضدّ الإنسانية.
- لم يسبق أن حُكم رئيس عربي خلال حكمه أمام أي محكمة دولية أو وطنية؛ فمحاكمة الرئيس السابق صدام حسين كانت تحت الاحتلال وبعيدة عن قانون المحكمة الدولية، وتمت وفق اتفاق سياسي بين قوات الاحتلال والمعارضة السابقة، فانتهت إلى مسرحية تصفية حساب وانتقام سياسي.