strong>«حماس» ترى الكرة في «الملعب الإسرائيلي» والاحتلال يغتال قياديّاً في «سرايا القدس»
القاهرة ــخالد محمود رمضان
غزة ــ رائد لافي
أثمرت الوساطة المصرية بشأن التهدئة في قطاع غزة التزام جميع الفصائل الفلسطينية بالهدنة مع إسرائيل، رغم تحفّظ حركة «الجهاد الإسلامي». إلاّ أن هذه الإيجابية الفلسطينية قوبلت بردّ عدواني إسرائيلي أدى إلى سقوط شهيد، فضلاً عن معارضة غالبية أعضاء الحكومة الإسرائيلية للاتفاق، بانتظار وصول وفد من الدولة العبرية إلى القاهرة.
وأعلنت مصر أمس أن الفصائل الفلسطينية توافقت بعد يومين من الاجتماعات في القاهرة على الرؤية المصرية للتهدئة مع إسرائيل، التي تبدأ في غزة أولاً، على أن تمتد إلى الضفة الغربية في مرحلة لاحقة، ضمن خطة تحرُّك أشمل تهدف إلى توفير المناخ المناسب أمام رفع الحصار، وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني.
وأكد مسؤول مصري، رفض الكشف عن اسمه، في بيان نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، في ختام المباحثات التي جرت برعاية مدير المخابرات العامة اللواء عمر سليمان مع ممثلي 12 تنظيماً فلسطينياً من الداخل والخارج، أن «نتائج الاجتماعات عكست توافق الفصائل الفلسطينية على الطرح المصري بشأن التهدئة». وأوضح أن «الطرح اعتمد على أن تكون التهدئة شاملة ومتبادلة ومتزامنة، يكون تنفيذها في إطار متدرج يبدأ بقطاع غزة، ثم ينتقل إلى الضفة الغربية».
في المقابل، رفضت حركة «الجهاد الإسلامي» أن تكون جزءاً من اتفاق التهدئة الذي تمّ التوصّل إليه، إلّا أنها قالت إنها «لن تقوم بخرقه أو عرقلته». ورأت أن أي هدنة محتملة مع إسرائيل لن تقيّد حقها في الرد على أي ضربات تنفذها الدولة اليهودية في الضفة الغربية. وقال ممثل «الجهاد» في لبنان، أبو عماد الرفاعي، إن «الجماعة أبلغت الوسطاء المصريين أنها وافقت على شروط اقتراح حماس بخصوص الهدنة»، مشيراً إلى أن «هذه الموافقة مشروطة بأي عدوان إسرائيلي على مجاهدينا وشعبنا في الضفة الغربية، سواء بالاغتيال أو المجازر».
وفي السياق، رحبت الحكومة الفلسطينية المقالة برئاسة إسماعيل هنية بـ «الموقف الموحد» للفصائل الفلسطينية بشأن الطرح المصري المتغلق بالتهدئة، مشيرةً إلى أن «هذا الموقف ينقل الكرة الآن إلى الملعب الإسرائيلي والدولي».
وأبلغ الرئيس المصري حسني مبارك وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في مكالمة هاتفية، بمضمون الموقف الفلسطيني. كما بحث الرئيس اليمني علي عبد اللّه صالح في اتصالين هاتفيين مع نظيره المصري ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل الأوضاع الفلسطينية، والجهود المبذولة للتهدئة في قطاع غزة.
وفي هذا الإطار، أعلنت مصادر مصرية مطلعة، لـ«الأخبار»، أن السلطات المصرية تنتظر وصول وفد إسرائيلي رفيع المستوى بقيادة المستشار العسكري في وزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد، بتفويض من رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، للتفاوض مع الجانب المصري بشأن التهدئة في قطاع غزة.
وأبلغت المصادر «الأخبار» أن جلعاد سيجتمع لاحقاً مع عمر سليمان، حيث سيتسلم رسمياً نص مشروع الهدنة. وأوضحت أن جلعاد سيعود إلى تل أبيب حاملاً المقترح المصري، تمهيداً لزيارة سليمان للدولة العبرية، لتسلم رد كتابي ورسمي من حكومة أولمرت تتعهد بموجبه احترام الهدنة التي سيعلن موعد بدئها لاحقاً.
وعلمت «الأخبار» أن بعض التنظيمات الفلسطينية طالبت بضمانات دولية لمشروع الهدنة، واقترحت على الجانب المصري مناقشة إمكان الاستعانة بقوات دولية كما في لبنان. ورأت المصادر أن الهدنة ستبدأ فقط حين يعلن الجانب المصري موعدها، وبالتالي فإنها حرة فى الرد على أية عمليات أو اعتداءات إسرائيلية جديدة قبل تدشين الهدنة.
وفيما بدا أنه بمثابة مكافأة رمزية لـ«حماس»، أطلقت السلطات المصرية سراح أحد كوادر الحركة رمزي حميد (35 عاماً)، الذي اعتقلته السلطات المصرية عام 2003. ورحبت «حماس» بهذه «الخطوة الإيجابية»، ودعت السلطات المصرية إلى الإفراج عن باقي المعتقلين الذين احتُجزوا أثناء فتح معبر رفح الحدودي.
هذا الموقف الفلسطيني المنساق نحو التهدئة، قوبل بغارة إسرائيلية استهدفت ورشة لطلاء السيارات في رفح بجنوب قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد فلسطيني، وإصابة ستة آخرين بجروح. وقال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، أبو أحمد، إن الشهيد هو قائد وحدة الهندسة والتصنيع في «سرايا القدس»، عوض القيق (أبو محمد)، من مدينة رفح.
وكان قد سبق الغارة اجتماع للحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية، أعرب خلاله معظم الوزراء الإسرائيليين عن معارضتهم لموافقة إسرائيل على التهدئة في غزة، بعدما أعلنت الفصائل الفلسطينية في القطاع التزامها بها. وقال أولمرت إنه لن يعلن رأيه قبل الحصول على موقف وزير الدفاع إيهود باراك، منتقداً الأخير لتغيبه عن الاجتماع.
من جهته، قال وزير الأمن الداخلي آفي ديختر، إنه يعارض التهدئة لأنها تمنح حركة «حماس» شرعية، «ويجب التوصل إلى تهدئة من موقع الردع وتضمينها احتمال إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعد مفاوضات». وهاجم مصر، مشيراً إلى أنها «لا تقوم بواجبها لوقف تهريب أسلحة من سيناء إلى غزة».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد قالت إن مسؤولين كباراً في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزارة الخارجية أبلغوا مبعوث وزير الخارجية المصري، حسام زكي، لدى زيارته إسرائيل الأحد الماضي، برسالة أعربت فيها عن تحفظها على صيغة خطة التهدئة في غزة، ورأت أن من شأنها أن تؤدي إلى زيادة قوة «حماس» وإضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس.