هآرتس ـ آري شابيطفي ما يأتي، تقدير مغاير لتقدير الاستخبارات الإسرائيلية.
- إيران: تلقّت الجهود الإسرائيلية المبذولة لإعاقة برنامج محمود أحمدي نجاد النووي ضربة قاسية، حيث يعدّ احتمال نجاح الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على إيران، لإيقاف تطويرها لأجهزة الطرد المركزي الشيعي، ضعيفاً جداً. كما أن احتمال مهاجمة الولايات المتحدة الأميركية لإيران ضئيل أيضاًً. فإذا لم ينجح جون ماكاين في إنجاز هذه المهمة للبيت الأبيض، يُتوقع أن تواجه إسرائيل قراراً قاسياً في نهاية هذا العقد: إما مهاجمة إيران النووية أو القبول بها، وكلاهما سيجعلانها تواجه خياراً مختلفاً تماماً عن كل ما واجهته منذ عام 1948. وإسرائيل إيهود أولمرت غير مستعدة لهذا الاختبار.
- الجبهة الشمالية: سوريا اليوم أقوى وحزب الله زادت قدرته العسكرية بشكل واضح. أما الهدوء الحاصل على طول الحدود الشمالية، فما هو إلّا خدعة ويرتبط بشكل كبير، وقبل أي شئ، بالوضع الداخلي اللبناني المعقَّد. أما العلاقات بين الرئيس السوري بشار الأسد وقائد حزب الله، (السيد) حسن نصر الله، فأصبحت اليوم أوثق. فكلاهما حانق على إسرائيل سواءٌ من أحداث أيلول 2007 المخزية للجانب السوري، بعد الهجوم المباغت على القاعدة العسكرية السرية شرق سوريا، أو من عملية الاغتيال التي طالت القائد الإرهابي، عماد مغنية، في دمشق.
وإذا لم تسارع إسرائيل إلى البدء بعملية السلام مع سوريا، فإن هذا الغضب المشترك قد يؤدي إلى ولادة حدث عسكري بالغ الخطورة في منطقة الشمال يصعب تقدير توقيته ومداه ونتائجه. أما إسرائيل، التي يتزعمها أولمرت، فلا تفعل شيئاً مما يجب فعله لحماية نفسها.
- الجبهة الجنوبية: لقد أثبتت صواريخ «القسام» أنها السلاح المثالي في هذا النزاع غير المتكافئ، فقوته تكمن في ضعفه. فمن ناحية، يضرب السيادة الإسرائيلية والإحساس بالمسؤولية المشتركة، ومن ناحية أخرى، لا يسمح بإيجاد التصميم الوطني وتأمين الشرعية الدولية لتوجيه ضربة حاسمة إلى أولئك الذين يطلقونه لأنه يحدث أضراراً محدودة.
وكنتيجة لذلك، إسرائيل تواجه معضلة: فهي رغم كل الجهود الدبلوماسية، لم تستطع الحد من تطلعات إيران النووية، كما أنها لم تستطع إسقاط حكم حماس في قطاع غزة. وعلى الرغم من أن حماستان لا تمثّل تهديداً وجودياً على دولة إسرائيل، فإنها بمثابة الجرح النازف في الماء الذي يجذب إليه أسماك القرش. وإسرائيل بقيادة أولمرت لا تمتلك سياسة ثابتة وفعَّالة وموثوق بها للتعاطي مع صواريخ القسام.
- أنابوليس: لا تستطيع المفاوضات الجارية مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، حل أصل النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي في عام 2008. فليس هناك، ولَنْ يَكُونَ، أيّ حلول سريعة ومرضية بشأن قضايا اللاجئين ومسألة القدس ونزع السلاح. لذلك يرجح فشل المحادثات، الأمر الذي سيضعف المعتدلين من كلا الجانبين ويتفادى تقسيم الأرض.
وبدلاً من تقديم الحل، سترشح عن المحادثات وثيقة مبهمة لن تجلب الأمن الى إسرائيل ولا الأمل إلى الفلسطينيين. وفي هذه الحال، ستؤدي الفجوة التي ستنتج بين ما جاء في الوثيقة وما هو في الواقع، عاجلاً أم آجلاً، إلى تدهور الوضع في البلاد. وإسرائيل، التي هي بقيادة أولمرت، ملزمة تقديم الحل إلى الجانبين، لكنها في الحقيقة مسؤولة عن عرقلة الأمر الى أبعد الحدود.
- العالم العربي: تتخوف الأنظمة العربية المعتدلة من تعزيز وضع الحركات الإسلامية الأصولية فيها وتحاول الحد من انتشارها، لكن شرعية هذه الأنظمة تعدّ واهية جداً، لأن بعضها يتَّبع سياسة مزدوجة. فمن ناحية، يتعاونون مع إسرائيل والدول الغربية، ومن ناحية أخرى، يحافظون على علاقاتهم بطهران وبالإخوان المسلمين.
إذا امتلكت إيران السلاح النووي، فسوف تسعى هذه الأنظمة المعتدلة إلى التقرب من طهران، وكذلك إذا انسحبت الولايات المتحدة من العراق بسرعة. الولايات المتحدة فقدت تدريجياً هيبتها كدولة عظمى في المنطقة بعدما باءت كل محاولاتها لإحداث نهضة ديموقراطية في الشرق الأوسط بالفشل. ورغم أن إسرائيل بقيادة أولمرت ليست مسؤولة عن هذا الأمر، إلا أنها لا تستعد لمواجهة التغيرات الدراماتيكية الآتية إلى المنطقة.
- الأقلية العربية في إسرائيل: رغم أن رمي الحجارة في الطرقات أمر يُعدّ أقل خطراً، فإنه يُحدث قلقاً أكبر من الهجمات الإرهابية، التي يهتزّ منها جهاز قياس الزلازل. فإذا تحقّق تنفيذ أحد السيناريوهات الخارجية الخطيرة، فإنّه يُحتمل أن يُصاحب ذلك زلزال داخلي. إن إسرائيل أولمرت لا تقوم بما هو كافٍ لاحتضان عرب إسرائيل، وضمان حقوقهم، وتوضيح الخطوط الحمراء التي لا يحق للأقليات تجاوزها.
كانت تلك هي الأخبار والتقديرات السيئة، لكن هناك بعض الأخبار الجيدة.
لا بد لنا أن نشكر النسخة المحلية من برنامج «سورفايفر ـ الناجي» (برنامج عالمي)، فاليوم هناك محطتان تجاريتان تكمّان أفواه الجمهور، لا واحدة. كما نشكر الاقتصاديين الجدد، فقد أصبحت في إسرائيل ثلاث صحف مالية ناطقة باللغة العبرية، تلف عقول النخب في المجتمع الإسرائيلي، وتجعلهم يعتقدون بأن الثروة الحديثة المنشأ، الوهمية، هي أصيلة.
كما نقدم الشكر إلى لجنة فينوغراد، أتذكرونها؟ لقد خسرت إسرائيل فرصة القيام بمحاسبة ذاتية حقيقية ما بين حرب لبنان الثانية والحرب المقبلة. فرغم أن الجيش قد قام بكل ما في وسعه للتدريب والاستعداد والردع، فإنّه لا يستطيع حماية إسرائيل، التي يقودها أولمرت، من نفسها حتى، وبمفرده. لذا دعنا نتمتع جميعاً بأبهى ربيع على الإطلاق، وبالسنة الأكثر برودة!.