استبق رئيس حكومة إسرائيل، إيهود أولمرت، زيارة الرئيس جورج بوش إلى المنطقة، متعهّداً إزالة عدد من المستوطنات «غير الشرعية» المشيّدة في الضفّة الغربية، في وقت أصرّت فيه حكومته على الامتناع عن نشر معلومات عن مشروعها الاستيطاني وأيّة تفاصيل تتعلّق بالأحياء الجديدة التي أقامتها في المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية في هذه المنطقة المحتلة. وكما تجري العادة، تحجّجت الدولة العبرية بأنّ نشر هذه المعلومات بمثابة «مواد ناسفة أمنيّاً وسياسيّاً». أمّا الطرف الفلسطيني، فلم يجد من جهته، سوى التأكيد أنّ اجتماعاً سيُعقَد اليوم بين الرئيس محمود عباس وأولمرت في القدس المحتلّة، وأنّ أبو مازن سيقدّم «احتجاجاً» على الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبتها آلة الموت الصهيونية في مدينة نابلس في الأيّام الماضية.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أنّ الحكومة الإسرائيليّة عبّرت عن موقفها الرافض نشر أية معلومات عن الأحياء الاستيطانية الجديدة، من خلال ردّ النيابة العامّة الإسرائيليّة على دعوى قضائية قدّمتها كل من «الحركة من أجل حرية المعلومات» وحركة «السلام الآن» الإسرائيليتين إلى المحكمة المركزية للشؤون الإدارية في تل أبيب.
وادّعت وزارة الدفاع الإسرائيليّة، في ردّها على الدعوى، أنّ نشر المعطيات في شأن حجم أعمال البناء في المستوطنات وإقامة أحياء جديدة فيها «سيلحق ضرراً بأمن إسرائيل وبعلاقاتها الخارجية». وكانت الصحيفة نفسها قد كشفت في شهر تشرين الثاني من عام 2006، عن «تقرير شبيغل» السرّي، الذي أعدّه العميد في الاحتياط باروخ شبيغل، وشمل أكبر تجميع معلومات عن الاستيطان.
ووصفت مصادر أمنية إسرائيلية المعلومات التي تضمّنها تقرير «شبيغل» بأنها بمثابة «مواد ناسفة أمنية وسياسية»، وقالت إن قرار الحفاظ على سرية التقرير جاء أيضاً لمنع إحراج إسرائيل أمام الإدارة الأميركية. وطالب العقيد مايك هرتسوغ باسم وزارة الدفاع المحكمة بمنع نشر المعلومات في تقرير شبيغل استناداً إلى مادة في القانون الإسرائيلي تنص على منع النشر «تحسّباً من المسّ بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية».
ولم تكتفِ إسرائيل بالامتناع عن نشر تقاريرها السرية عن زيادة المستوطنات، فكشفت «هآرتس» أنّ وزارة الإسكان تدفع مخطّطاً لبناء ألف وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «هار حوما» في جبل أبو غنيم في القدس الشرقية المحتلّة، وذلك على أراضٍ صودرت من مواطنين فلسطينيين يسكنون حالياً في بيت لحم بموجب قانون «أملاك الغائبين». وفي حال استكمال أعمال البناء في مستوطنة «هار حوما»، فإن الأمر سيؤدّي إلى قطع التواصل بالكامل بين بيت لحم ومنطقتها والأحياء العربية في جنوب القدس الشرقية.
ومن الجدير ذكره في هذا السياق، هو أنّ أحد بنود «قانون أملاك الغائبين»، ينصّ على أن كل من يعيش في «أرض إسرائيل»، وهو تعبير يقصد به فلسطين التاريخية، لا دولة إسرائيل فقط، فإن أملاكه ستُعَدُّ أملاك غائبين، وتكون تحت تصرف «حارس الأملاك»، الذي ينقلها بدوره لأملاك «الدولة». ولا يحقّ للمتضرّر، حسب القانون، التوجه للقضاء أو حتى المطالبة بتعويضه عن أرضه التي صودرت منه عنوة.
وذكرت «هآرتس» أنّ أولمرت يعتزم التعهّد أمام الرئيس الأميركي جورج بوش أثناء زيارة الأخير لإسرائيل التي ستبدأ يوم غد، بأن تل أبيب ستفكّك بؤراً استيطانية أقيمت في الضفة منذ شهر آذار من عام 2001، وهو الموعد الذي تولّى فيه أرييل شارون رئاسة الوزراء.
في هذا الوقت، قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أمس، إنّ لقاءً جديداً سيُعقَد اليوم بين عباس وأولمرت في القدس المحتلّة، مشيراً إلى أنّ اللقاءات مع الإسرائيليّين ستطرح التصعيد الإسرائيلي والنشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، ومشدّداً على أنّ عباس سيؤكّد لأولمرت ضرورة التزام الوعود بعدم إقامة مستوطنات جديدة أو مصادرة أراضٍ أو إقامة وحدات استيطانيّة إضافية.
وأضاف عريقات، في مقابلة نشرتها صحيفة «الأيّام» الفلسطينيّة أمس، أنّه سيكون احتجاج على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على مدينة نابلس في الضفة الغربية، مشدّداً على أنها «مدانة وغير مبرّرة على الإطلاق». كما لفت إلى أنّ الاجتماع سيبحث أيضاً تأليف الطواقم الفلسطينيّة والإسرائيليّة لبحث قضايا الحلّ النهائي، نافياً ما تردّد في إسرائيل عن الاتفاق على أن مواضيع القدس والمستوطنات واللاجئين سيبحَثها فقط رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، أحمد قريع، ووزيرة الخارجيّة الإسرائيليّة تسيبي ليفني، وأنّ باقي المواضيع ستبحثها باقي اللجان. وقال: «لا يزال موضوع اللجان قيد البحث».
ولم تُجدِ الصفة التي يتمتّع بها قريع لتجنيبه الإهانات على أيدي الجنود الصهاينة؛ فقد تعرّض لإجراءات إسرائيلية «خشنة» أدت إلى عرقلة توجّهه للمشاركة في اجتماع مقرّر مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بحضور الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي.
وذكر مكتب قريع أن السلطات الإسرائيلية أخضعت قريع وعائلته لإجراءات جديدة على معبر الكرامة لفترة تزيد على ساعة، معرقلة بذلك توجهه للاجتماع المقرر.
(يو بي آي، رويترز، أ ف ب)