strong>محمد بدير
انقسام بشأن استقالة أولمرت ومخاوف من عودة الليكود وباراك يقترح «حكومة طوارئ»

دخلت إسرائيل، قبل ثلاثة أيام من نشر التقرير النهائي لفينوغراد، في حالة «تأهب قصوى» بانتظار ما ستقوله اللجنة التي تحقق في إخفاقات عدوان تموز. وبانتظار ساعة الصفر، تشهد الحلبة السياسية الإسرائيلية حراكاً محموماً بين معسكرين، يطالب الأول برحيل رئيس الوزراء إيهود أولمرت، ويدعو الثاني إلى بقائه بذريعة استخلاصه العبر ومستقبل العملية السياسية مع الفلسطينيين.
وبين هذين المعسكرين، تتوجه الأنظار إلى رئيس حزب «العمل»، إيهود باراك، الذي يتوقف مصير الحكومة على قرار منه بالبقاء فيها أو الانسحاب منها.
وبدا أن الاتجاهات داخل كل من حزب «العمل» وحزب «كديما» لا تنتظر صدور تقرير فينوغراد لتبلور موقفها من مستقبل الحكومة. ففي حزب «العمل»، بادر نشطاء إلى عقد اجتماع أمس للتشديد على معارضة الانسحاب من الحكومة بحجة الحؤول دون صعود اليمين إلى الحكم. وفي معرض تعليله لهدف الاجتماع، رأى ياريف أوفنهايمر، رئيس حركة «السلام الآن» وأحد المبادرين للدعوة إلى الاجتماع، أن «الحكومة الحالية ذات توجه سياسي واضح وجدي نسبياً»، مضيفاً «لا شك بأن حرب لبنان الثانية كانت فشلاً وأداء رئيس الحكومة فيها كان فاشلاً، إلا أن مصلحة الدولة تعلو في الظرف الراهن على الحاجة إلى تحمل المسؤولية الشخصية»، في إشارة إلى العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية.
ومن المتوقع أن يطلق اليمين الإسرائيلي، بزعامة حزب «الليكود»، حملة احتجاجية في أعقاب صدور التقرير بهدف الضغط على أولمرت للاستقالة. وقال المدير العام للّيكود، غادي أرييلي، إن الحزب سيقوم بتنظيم تظاهرات على مفترقات الطرق سيدعو فيها باراك إلى الوفاء بوعده الذي كان قد قطعه عشية انتخابه لقيادة «العمال» بالانسحاب من الحكومة إذا حمّل تقرير فينوغراد أولمرت مسؤولية شخصية عن الفشل في الحرب.
والواضح أن الموقف الذي سيتخذه باراك في هذه الصدد تحول إلى محور التقديرات السياسية في إسرائيل في الأيام الأخيرة. وفي حين أفادت تقارير إعلامية بأن باراك لم يقرر بعد كيف سيتصرف، رأت مصادر قيادية في الحزب أن أقصى ما يمكن أن يحصل هو خطوة لتحديد موعد متفق عليه لإجراء انتخابات مطلع العام المقبل.
وذكرت صحيفة «معاريف» أن باراك كان قد طرح، خلال مداولات مع مقرّبين منه أخيراً، فكرة المبادرة إلى تأليف «حكومة طوارئ وطنية» لا يكون أولمرت رئيسها تمهيداً لإجراء انتخابات عامة في موعد لاحق. ولم تستبعد الصحيفة أن يُدعى رئيس حزب الليكود للمشاركة في حكومة كهذه. ونقلت الصحيفة عن مقرّبين من باراك قولهم إن الأخير غير معني بالانسحاب من السلطة لأسباب تتصل بإشغاله وزارة الدفاع في الظرف الحساس الذي تمر به إسرائيل، إضافة إلى أنه يحتاج إلى فترة زمنية أخرى في المنصب، على المستوى الشخصي، كي يعيد بناء شعبيته ويصبح مرشحاً ذا فرص حقيقية للفوز برئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة.
وفي السياق، رأى القيادي في حزب «العمل»، الوزير عامي أيالون، أن مستقبل أولمرت مشروط برد الفعل الشعبي على تقرير فينوغراد. وقال أيالون، في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية، إن «الحرب كانت نتيجة تفكير خاطئ»، مضيفاً «إذا تمكن أولمرت من تجاوز قطوع فينوغراد بصعوبة، فإني لن أواصل دعمه، لكن إذا أظهر قوة كافية لدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين قدماً، فسيكون ممنوعاً علينا رميه إلى انتخابات مبكرة». وتابع: «إن مستقبل العملية السياسية أهم بالنسبة إليّ من الحرب السابقة».
وكما في حزب «العمل»، تبدو الأمور داخل حزب «كديما» أيضا ضبابية. ففي حين بادر المقرّبون من أولمرت إلى الإعراب عن دعمهم له، أقدمت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني على الاجتماع بعائلات الجنود الذين قتلوا خلال عدوان تموز، في خطوة أثارت علامات استفهام بشأن دلالاتها لجهة تأشيرها المحتمل على موقف ليفني المتوقع بعد صدور التقرير.
بيد أن خطوة ليفني بقيت يتيمة في ظل تصريحات الدعم التي لقيها أولمرت خلال اجتماع كتلة حزب كديما أمس. فقد تجنّد كل من نائب رئيس الحكومة حاييم رامون، ووزير الإسكان زئيف بويم، والوزيرة روحاما أبراهام، الأعضاء في حزب كديما، لإطلاق تصريحات تأييد ودعم غير مشروطين لبقاء أولمرت في منصبه في أعقاب فينوغراد.
من جانبه، استبعد أولمرت حصول تمرّد داخل حزبه في أعقاب صدور التقرير. وقال، خلال اجتماع الكتلة، إنه لا يتوقع حدوث «مشاكل» داخل كديما، مضيفا أن «كديما قوي أكثر مما يعتقد الكثيرون، وقد أثبتنا أن بإمكاننا العمل في أوضاع تتطلب ترجيح رأي وعقلانية».
وفي غضون ذلك، تلقّى أولمرت أمس صفعة جديدة على لسان السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، داني أيالون، الذي رأى أن العملية العسكرية البرية التي شنّتها إسرائيل في نهاية حرب لبنان الثانية لم تكن ضرورية لتعديل صيغة قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أقر وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
وفي خضم السجال السياسي القائم في إسرائيل بشأن جدوى العملية البرية التي قتل فيها 33 جندياً وتأثيرها على مضمون القرار الدولي، قال أيالون لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «الادّعاء بأن إسرائيل كانت بحاجة إلى العملية العسكرية البرية لتحسين قرار الأمم المتحدة 1701 غريب بنظري».
وذكر أيالون أنه في كل المحادثات التي أجراها مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، لم يحث الأميركيون إسرائيل على إنهاء الحرب، وقد «أعطوا أكثر من حبل طويل. وعندما طلب الأميركيون من إسرائيل أن تُسرّع عملياتها العسكرية، طلبت إسرائيل تمديد الوقت والأميركيون وافقوا».



إذا تمكن أولمرت من تجاوز قطوع فينوغراد بصعوبة، فإني لن أواصل دعمه، لكن إذا أظهر قوة كافية لدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين قدماً، فسيكون ممنوعاً علينا رميه إلى انتخابات مبكرة