strong>يحيى دبوق
إسرائيل تتمسّك بتوسيع مستوطنة جبل أبو غنيم «رغماً عن رايس»
شددت تل أبيب أمس على «حقّها» في مواصلة البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، حيث انتقدت واشنطن خطة إسرائيلية لبناء 307 وحدات سكنية في مستوطنة جبل أبو غنيم، وسط أنباء إسرائيلية عن نية مستوطنين إسرائيليين إقامة مواقع استيطانية جديدة في الضفة الغربية

قال مسؤولون في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، إن أعمال البناء في مستوطنة هار حوما (جبل أبو غنيم)، الواقعة في شرقي القدس، هي أعمال «قانونية ولا تتعارض مع التزامات إسرائيل في مؤتمر أنابوليس». وأوضح أحد هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين، لصحيفة «هآرتس»، أن المنطقة التي يجري الحديث عنها «ليست مستوطنة وغير معرّفة بأنها مستوطنة، وبالتالي فإن كل شيء ينفّذ هناك وفقاً للقانون».
وفي الوقت الذي أكد فيه هؤلاء المسؤولون أنه «لا يوجد خلاف أو توتر بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن موضوع البناء في (مستوطنة) هار حوما»، أضافوا أنه «لا يمكن إيقاف أعمال البناء في المنطقة حتى وإن أردنا ذلك، باعتبار أنها منطقة تابعة لسلطة بلدية القدس»، مشيرين إلى أن أولمرت سيعقد اجتماعاً في الفترة المقبلة بهدف وضع تعريف واضح لسياسة البناء في المستوطنات الواقعة في الضفة. «وإذا كان أولمرت قد تعهد في جلسة الحكومة، التي سبقت مؤتمر أنابوليس، بأنه لن تجري مصادرة لأراض أو أعمال بناء لمستوطنات جديدة، إلا أن (مستوطنة) هار حوما ليست مشمولة بهذه التعريفات. أما بالنسبة إلى مناطق أخرى فيجب بلورة تعريفات واضحة».
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قد انتقدت يوم الجمعة الماضي مشروع التوسع الاستيطاني في منطقة جبل أبو غنيم في القدس الشرقية، والذي أعقب مباشرة مؤتمر أنابوليس، مشيرة إلى أن «المرحلة هي لبناء الثقة، أما بناء الوحدات السكنية فهي لا تساعد في بناء الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين».
وقال نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية الوزير حاييم رامون، في رده على الانتقادات الأميركية، إن «إسرائيل لن تتنازل عن البناء في هار حوما، وهي لن تتنازل عن المستوطنة التي سبّبت خطط البناء فيها غضب الفلسطينيين وأثارت تحذيراً من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس»، مشيراً إلى أنه «مقتنع بأن كل المناطق السكنية اليهودية، بما فيها مستوطنة هار حوما، يجب أن تكون تحت السيادة الإسرائيلية، على عكس المناطق السكنية العربية، لكونها تمثل تهديداً للقدس كعاصمة لإسرائيل».
بدوره، أكد وزير الإسكان الإسرائيلي زئيف بويم (كاديما) في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة أمس أن «عملية البناء في منطقة هار حوما ستتواصل، رغم انتقادات وزيرة الخارجية الأميركية رايس»، مشيراً إلى أنه «ينبغي توجيه الثناء لرايس على دورها في تحريك عملية السلام، ولكن لا يمكن ربط ذلك بوقف البناء في القدس. فحار حوما تقع في نطاق بلدية القدس، حيث يطبّق القانون الإسرائيلي، وبالتالي لا شيء يمنع بناء مساكن تلبية لحاجات السكان».
كذلك، قال وزير التهديدات الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان في حديث مع التلفزيون الإسرائيلي، إن «أعمال البناء في الحي الاستيطاني في القدس الشرقية ستتواصل بالسرعة القصوى، رغم انتقادات وزيرة الخارجية الأميركية رايس، ويجب العمل على إبلاغ أصدقائنا بذلك»، مضيفاً أنه «من الواضح للعالم بأن هار حوما جزء لا يتجزأ من إسرائيل وستظل جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل».
أما الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية مارك ريغيف، فأشار في حديث لوكالة «فرانس برس»، إلى أن إسرائيل «أوضحت (للولايات المتحدة) أنه مرّ أكثر من عشرة أعوام على اتخاذ قرار بناء هار حوما، وأن عمليات بناء مساكن تندرج في إطار خطة تنظيم مدني تعود لعام 2000»، مضيفاً أن «الحكومة الإسرائيلية لا تتدخل في استدراجات العروض للبناء في حي هار حوما، الواقع تحت السيادة الإسرائيلية».
يُذكر أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية كانتا قد اتفقتا خلال مؤتمر أنابوليس على تنفيذ تعهداتهما في خطة خريطة الطريق، التي تنص مرحلتها الأولى على أن يعمل الجانب الفلسطيني على وقف العمليات المسلّحة على أهداف إسرائيلية، وفي المقابل توقف إسرائيل أعمال البناء في المستوطنات، وتقوم بإخلاء بؤر استيطانية عشوائية.

بؤر استيطانية جديدة

في السياق نفسه، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس بأن «حركة أمناء أرض إسرائيل ومئات من النشطاء الإسرائيليين ينوون التوجه إلى تسعة مواقع استيطانية (عشوائية) في أرجاء الضفة الغربية، ويعتزمون بناء موقع اسيتطاني جديد بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم»، القريبة من القدس المحتلة، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي سيعلن أي موقع تُقام فيه بؤر استيطانية «منطقة عسكرية مغلقة».
وأضافت الصحيفة أن جهود حركة «أمناء أرض إسرائيل» ستتركز على «منطقة واقعة بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس، حيث سيقام موقع جديد باسم مفسيرت أدوميم، وهو الموقع الذي أعربت الإدارة الأميركية عن معارضتها في الماضي قيام إسرائيل بأي بناء فيه، خشية أن يسبّب ضرب التواصل الإقليمي للدولة الفلسطينية المستقبلية».
ونقلت الصحيفة عن أحد قادة حركة «أمناء أرض إسرائيل»، آريه إسحاقي، قوله إن إقامة مستوطنة مفسيرت أدوميم «ستحبط مؤامرة إقامة الدولة الفلسطينية»، مشيراً إلى أنه كان «يفترض بناء حي يضم نحو أربعة آلاف شقة، لكن ذلك أوقف بأمر من المندوب السامي في شارع هيركون»، في إشارة إلى السفارة الأميركية في تل أبيب.
وقالت الصحيفة إن قائد المنطقة الوسطى، غادي شماني، سيعلن كل موقع من المواقع «منطقة عسكرية مغلقة»، وأن الجيش والشرطة الإسرائيليين سينشران قوات كبيرة لمنع نشطاء اليمين الإسرائيلي من الوصول إليها، في الوقت الذي شددت فيه محافل أمنية إسرائيلية على أن «كل من يشارك في إقامة مواقع استيطانية يرتكب مخالفة جنائية»، محذرة من أنها «ستضرب بيد من حديد خارقي القانون».