في وقتٍ يزداد فيه مشهد الأزمة اليمنية قتامةً في ظلّ تمسك قوىً سياسية بموقفها الرافض لاتفاق ينتج من الحوار الداخلي، تتسع المخاوف على المستقبل الأمني للبلاد، تعززها الأنباء الآتية من الجنوب عن محاولات الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، لتشكيل جيشٍ جديد، ضمن اتفاقٍ مع الخليج وُضع عقب فراره من صنعاء إلى عدن في الجنوب.

وقد غادر رئيس الحكومة المستقيلة، خالد بحاح صنعاء، يوم أمس، في إنهاء لما وصفته جماعة «أنصار الله» بـ«التحفظ الأمني» الذي فرضته عليه، منذ 22 كانون الثاني الماضي، تاريخ استقالته، «تخوفاً من قيامه بتحرك سلبي يفاقم الأزمة»، بحسب تأكيد عضو المجلس السياسي في الجماعة، علي القحوم.

وقال القحوم، في حديثٍ إلى «الأخبار»، إن «الإفراج عن بحاح ووزراء حكومة الكفاءات، جاءت بناءً على وساطة قادها أمين العاصمة، عبد القادر هلال، والمبعوث الدولي جمال بن عمر»، موضحاً أن الوساطة تعهدت بعدم قيام هؤلاء بأي أعمال سلبية تؤثر على الحوار وتزيد من حدة الأزمة. ودعا بحاح، عقب مغادرته العاصمة، القوى السياسية في اليمن إلى الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها ووحدتها، و«تجنيبها أي مآل مأسوي، لن ينجو منه أحد». وأكد عبر موقع «فايسبوك»، ضرورة الحفاظ على الدولة وكل أجهزتها ومؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية، والحفاظ على حيادية مؤسسات الدولة، بعيداً عن التدخلات والتجاذبات السياسية من أي طرف وتحت أي حجج.

هادي يجنّد 100 ألف في الجيش ضمن «حزمة» خليجية
وشدد بحاح على عدم نية وزرائه تيسير الأعمال الحكومية، لافتاً إلى أن مغادرته صنعاء إلى حينٍ لزيارة أسرته، «تأتي بعد ضمان الحرية المطلقة له وللوزراء كافة بالتنقل داخل الوطن وخارجه، للدفع بالعملية السياسية الجارية حالياً تحت رعاية الأمم المتحدة». وشكر بحاح في ختام بيانه، قيادات «أنصار الله»، وبن عمر الذين دفعت جهودهم باتجاه تحقيق هذه الخطوة.
في هذا الوقت، ينشغل اليمنيون بأنباء عن سعي هادي إلى تجنيد أكثر من 100 ألف شخص في الجيش، في محاولةٍ لتشكيل جيش رديف في الجنوب، إمعاناً في بلورة أجندة التقسيم. وأفادت مصادر بأن هذه الخطوة هي من ضمن «حزمة» متكاملة، نتجت من لقاء هادي بدبلوماسيين خليجيين فور وصوله إلى عدن. حينها حصل ترتيب لإنشاء «مركز السلطة» في عدن وتقديم الدعم المالي الذي يضمن نقل ما أمكن من مسؤولين وقيادات إلى عدن، إضافة الى تمويل الجهازين الأمني والاستخباري.
وكان زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، قد أكد أول من أمس، دعم السعودية «سلطة هادي» بـ 3 مليارات ريال لخلق صراعات في الجنوب، ما يمكن وضعه في السياق ذاته. وأشارت المصادر إلى أن قطر أبدت استعدادها لدعم هادي بمليار دولار خلال الشهرين المقبلين لتغطية نفقات تجنيد الآلاف من الشباب مع دفع رواتب «اللجان الشعبية» التابعة له وتقديم مبلغ كبير يكون تحت تصرفه لتعزيز نفوذه المحلي. القحوم علّق على مسألة «تشكيل جيش جديد» بالتقليل من أهميته، قائلاً إن هذا العمل العشوائي لن ينجح لكونه لا يلاقي قبولاً في الشارع اليمني.
في سياقٍ متصل، استأنف وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة، اللواء محمود الصبيحي، يوم أمس، مهماته من عدن. وفي أول نشاط له منذ وصوله إلى المدينة الجنوبية قبل 8 أيام، زار الصبيحي مطار عدن الدولي ومعسكر ومطار «بدر» التابع للجيش، متفقداً في المطار جميع القوات العسكرية المكونة من القوات المسلحة والأمن، و«اللجان الشعبية» التابعة لهادي، واطّلع من المسؤولين عن المطار على جميع الإجراءات المتخذة في سبيل تأمين مطار عدن الدولي ورفع الجاهزية الأمنية فيه، بحسب الموقع الرسمي لمحافظة عدن. وقال الموقع إن الصبيحي عقد اجتماعاً مغلقاً مع القيادات العسكرية، ووجه بـ«إعادة انتشار كتيبة القوات الخاصة في حماية المؤسسات وممارسة مهماتها بحسب ما كانت عليه سابقاً».
(الأخبار، الأناضول)