علي حيدر
تتعارض المقاربتان الإسرائيلية والفلسطينية للقمة الثلاثية المرتقب عقدها الاثنين المقبل في القدس المحتلة بين كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس.
فمن جهة، تنظر إسرائيل الى القمة باعتبارها حدثاً تفرضه ضرورات أولمرت الداخلية بهدف تحقيق اختراق على الساحة الفلسطينية وإثبات جدارته القيادية بعد تدهور مكانته السياسية والشعبية، وضرورات سياسية دولية وإقليمية مرتبطة بالحاجة الأميركية لتحريك المسار الفلسطيني ــ الإسرائيلي بهدف كسب الموقف العربي من الخطة الأميركية في العراق ومواجهة إيران.
ومن جهة مقابلة، تبرز حاجة أبو مازن الى تحقيق إنجازات سياسية فعلية، لمواجهة حركة «حماس»، بعدما تكرست ريادتها للحكومة في اتفاق مكة.
ويبدو أن الاتفاق الفلسطيني ــ الفلسطيني نقل الأزمة من الساحة الداخلية الفلسطينية الى المسار الإسرائيلي ــ الفلسطيني؛ فقد أعلن أولمرت رفضه الصريح لإجراء مفاوضات حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين ومكانة القدس والانسحاب حتى حدود عام 1967، وهو ما يؤشر إلى بداية حدوث أزمة سياسية بين الطرفين.
وبرّرت مصادر في مكتب أولمرت «اللاءات» الثلاث التي أطلقها، قبل أيام من عقد القمة المرتقبة، بأنه يدرك أن طرح هذه القضايا سيؤدي الى فشل المفاوضات، وبالتالي فشل أبو مازن، وخصوصاً أن الأخير «سيضطر»، من منظور إسرائيلي، «إلى تقديم تنازلات في هذه القضايا» تحت عناوين حلول وسط جراء المواقف المتصلّبة التي تتخذها الدولة العبرية بشأنها.
وعليه، فقد رأت المصادر أنه في حال قبول عباس بحلول الوسط هذه «فليس من الواضح ما إذا كان بإمكانه تمرير هذه التنازلات في الشارع الفلسطيني».
وتلتقي وزيرة الخارجية تسيبي ليفني مع أولمرت في الموقف من عدم طرح قضايا الحل الدائم خلال القمة الثلاثية، وترى أن طرحها في الوقت الراهن ليس مناسباً، خشية حدوث أزمة تؤدي إلى تفجّر المفاوضات، وهو ما يذكّر بمفاوضات كامب ديفيد عام 2000، التي تعثّرت وانطلقت في أعقابها انتفاضة الأقصى. وترى ليفني أنه ينبغي بحث إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، والتي أعلن عباس رفضها أكثر من مرة.
ويعتزم أولمرت الإيضاح بأن عقد القمة برعاية الولايات المتحدة ليس بديلاً عن المفاوضات المباشرة، التي ينبغي أن تكون هي المسار الأساس. ولذا، فهو يسعى إلى استمرار القناة التي يديرها مساعداه: يورام تربوبيتش وشالوم ترجمان مع نظيريهما الفلسطينيين: رفيق الحسيني وصائب عريقات.
وفيما بدأ أولمرت مشاوراته مع ليفني ووزير الدفاع عامير بيرتس ونائبه شمعون بيريز تمهيداً لعقد القمة، وصل الى إسرائيل وفد أميركي للغاية نفسها.
وفي السياق، شدد بيريز، خلال جولة له مع عشرات السفراء الأجانب في منطقة الجليل في شمال اسرائيل، على «أننا لا ننتظر اعترافاً رسمياً، وإنما اعترافاً عملياً عبر استعداد حماس للتفاوض مع إسرائيل». ورأى أن «ثمة تحليلات متنوعة لاتفاق مكة، ولذلك علينا فحص الأمور وكيفية التعبير عنها على أرض الواقع».
وأضاف ان «هناك علامات استفهام كثيرة تتعلق بالاتفاق، وبعض الأمور هي قيد الاختبار مثل إطلاق سراح الجندي (الإسرائيلي) جلعاد شليط، وهذا أهم الاختبارات ويمكن مواصلة المحادثات بعده».
وكان رئيس المعارضة ورئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو قد ردّ على اتهام أولمرت له بأنه من أقام «حماس» وتسبّب بنموّها، قائلاً «بسبب تردده وضعفه وارتباكه، فإن رئيس الوزراء يقوِّض دولة إسرائيل، والأسوأ أنه يقوّض أسوار العزلة التي كانت مبنية بإحكام حول حماس».
ونقلت القناة الأولى في التلفزيون الاسرائيلي عن مصادر سياسية قولها إن نتنياهو يعتبر أن أولمرت لم يبق أمامه غير أشهر قليلة قبل أن تتهاوى شعبيته ويضطر إلى جراء انتخابات مبكرة.