محمد بدير
اهتزت منظومة الحكم في إسرائيل مرة أخرى مع نشر تقرير «لجنة زايلر» التي حققت في أداء قيادة الشرطة في عدد من قضايا الفساد، كاشفة تغلغل المافيا إلى صفوفها. وطاولت نار الفضيحة رأس الهرم الشرطي، المفوض العام موشيه كرادي، الذي أعلن عن استقالته، مستبقاً قراراً بالإقالة كان سيصدر عن وزير الأمن الداخلي آفي ديختر، الذي بادر إلى تعيين رئيس مصلحة السجون، يعقوب غانوت، خلفاً له في منصب الشرطي الرقم واحد

بدأ ماراتون اليوم الإسرائيلي أمس بإصدار «لجنة زايلر» توصيات في تقريرها بإنهاء خدمة مفوض عام الشرطة، موشيه كرادي، «على الفور»، متهمة إياه بالتورط غير المباشر في قضية فساد، من خلال الإسهام في ترقية ضابط تحوم حوله شبهات بعلاقات مع إحدى عائلات المافيا، إلى منصب حساس عندما كان قائداً للمنطقة الجنوبية في الشرطة قبل نحو ثلاثة أعوام.
بدأت القضية في أيلول 1999، عندما شارك الشرطي تساحي بن أور في قتل عنصر من المافيا وهو على سرير المستشفى بالقرب من تل ابيب، لحساب عائلة فارينيان التي تدير منظمة للجريمة المنظمة في إسرائيل. واعترف الشرطي، الذي أوقف لاحقاً لمشاركته في عملية سرقة، بجريمة القتل واتهم ضابطين في الشرطة بالارتباط بالعائلة التي أمرت بالقتل. والضابطان المشار إليهما هما يورام ليفي، الذي عينه كرادي قائداً للوحدة المركزية في المنطقة الجنوبية عندما كان يترأس قيادة هذه المنطقة، ونائبه روبي غلبواع.
ورأى تقرير اللجنة، التي أنشأها وزير الأمن الداخلي السابق جدعون عزرا عام 2005 للتحقيق في القضية، أن كرادي كان على علم بعلاقة الضابطين المذكورين مع عائلة فيرينيان «لكنه لم يأبه بهذه العلاقة، ولم يهتم بمراقبة وكشف هذه العلاقة التي تتجاوز الأصول».
كما رأى التقرير أن كرادي تجاهل، لدى مصادقته على ترقية يورام ليفي، هذه العلاقة المشبوهة، وقرر أنه «تجاهل المخاطرة الكامنة في إدخال جهة مشتبه فيها بعلاقات غير مقبولة مع مجرمين كبار إلى مكان أساسي في العمل الشرطي».
واتهم تقرير اللجنة مفوض الشرطة بالكذب على قيادتها عندما روى لهم أن ليفي اجتاز امتحان جهاز كشف الكذب بنجاح، رغم أن نتائج هذا الامتحان عززت الشبهات حوله.
واستناداً إلى ذلك، أوصى رئيس اللجنة، القاضي المتقاعد فيردي زايلر، بإقالة كرادي فوراً من منصبه، فيما أوصى عضوا اللجنة الآخران، ضابط الشرطة السابق عوزي برغر والمسؤولة السابقة في النيابة العامة نوريت شينيت، بعدم تمديد فترة تولي كرادي للمنصب التي ستنتهي في شهر تموز المقبل، وذلك أخذاً بالاعتبار ماضيه في سلك الشرطة، وتقادم القضية نسبياً.
كذلك، وجهت اللجنة تُهماً إلى قائد الشرطة في منطقة القدس ايلان فرانكو مشابهة للتهم الموجّهة إلى كرادي، وأوصت بعدم ترقيته إلى المفتش العام للشرطة. كما أوصت أيضاً بإقالة الضابطين يورام ليفي وروبي غلبواع على أثر علاقتهما مع عائلة فيرنيان وأيضاً على أثر إدلائهما بإفادات أمام لجنة التحقيق تبيّن لاحقاً أنها كانت «إفادات كاذبة»، وطالبت دراسة إمكان خفض رتبتيهما.
وبعد ساعات من صدور التقرير، عقد كرادي مؤتمراً صحافياً مقتضباً، أعلن فيه استقالته، محيلاً قرار سريانها إلى الحكومة. وقال كرادي، أمام الصحافيين، «بالنظر الى رغبتي في إعطاء المثل ... فقد قررت وضع حد لمهماتي على رأس الشرطة الاسرائيلية». وأضاف «سأقدم استقالتي في الموعد الذي تقرره حكومة إسرائيل».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مقربين من كرادي قولهم إنه كان يقدّر أن تقرير اللجنة سيتضمن انتقادات ضد الشرطة، لكنه لم يتوقع استنتاجات خطيرة إلى هذا الحد ضده شخصياً.
وفور استقالة كرادي بدأت بورصة أسماء خلفه بالتأرجح، إلا أن ديختر لم يُبق المشهد ضبابياً لأكثر من ساعتين، حيث أطل معلناً أن المفوض الجديد سيكون يعقوب غانوت، الرئيس الحالي لمصلحة السجون الإسرائيلية، فيما نائبه سيكون ملحق الشرطة الحالي في واشنطن، الضابط ميكي ليفي.

يعقوب غانوت

شغل يعقوب غانوت مناصب عديدة خلال خدمته في الشرطة، منها قائد مديرية السير، وقائد المنطقة الشمالية، وقائد حرس الحدود. رأى معلقون في تعيينه مفوضاً عاماً جديداً للشرطة أمراً مفاجئاً، ولا سيما أنه على مشارف التسرح من الخدمة لمناهزة عمره الستين. اتُّهم في الماضي بتلقي رشوة من أحد المقاولين، إلا أن التهمة لم تثبت عليه، رغم أنها بقيت علامة سوداء في ملفه الشخصي.