strong>علي حيدر
مخاوف من صفقة أسلحة روسية مع دمشق تنتهي إلى أيدي «حزب الله»
في لبنان

قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في تقرير لها أمس، إن قوة الجيش السوري تتنامى في كلّ المجالات، باستثناء سلاح الجو الذي يتسم بالضعف منذ فترة طويلة، مشيرة الى أن السوريين أولوا اهتمامهم الأساسي للصواريخ البعيدة المدى، وتزوّد سلاح البحرية بالصاروخ الايراني – الصيني، الذي استخدمه حزب الله في قصف البارجة الحربية الإسرائيلية «حانيت»، خلال العدوان الأخير على لبنان.
وتضمن التقرير، الذي صاغه المعلق العسكري في الصحيفة زئيف شيف، الاشارة الى أن الجيش السوري «أجرى تغييرات في انتشار قواته على خطوط الجبهة» مع اسرائيل، حيث قام «السوريون بتحريك قواتهم بمحاذاة الحدود في هضبة الجولان». وأضاف إن «الكوماندوس السوري بدأ حرب عام 1973 بهجوم مروحي على موقع جبل الشيخ واحتله، وتمكن الجيش الإسرائيلي، في نهاية الحرب فقط، من إخراجهم من هناك. ومني (الجيش السوري) بخسائر فادحة».
وتناول التقرير بعض التفاصيل عن مجالات تعاظم القوة السورية، التي قال إنها شملت منظومات صواريخ متعددة، «فمؤخراً، أجرى السوريون تجربة إطلاق صاروخ سكاد دي، بمدى 400 كيلومتر، يغطي معظم مساحة إسرائيل»، بعد تجربة مشابهة فاشلة قبل حوالى سنة، عندما انحرف الصاروخ عن مساره وسقط في الاراضي التركية، من دون وقوع اصابات.
وتضمنت التجربة السورية الجديدة، بحسب الصحيفة، اطلاق صاروخين من طراز «سكاد - دي»، و«اعتبرت ناجحة» رغم أن زئيف شيف أشار إلى عدم معرفته بنوع الرأس الحربي الذي تم استخدامه. وتناول الإشارة الى أن السوريين يمتلكون انواعاً من القذائف الموجودة بحوزة حزب الله من «عيار 220 مليمتراً تحمل رأساً حربياً عنقودياً، وعيار 305 مليمترات، ويبلغ مداهما بضع عشرات الكيلومترات».
وتحدث التقرير عن خلفية الاعتماد على القوة الصاروخية باعتبارها «تعويضاً عن ضعف سلاح الجو السوري. فبدل قصف إسرائيل من الجو، يبني السوريون قوة نارية هائلة بواسطة الصواريخ، ليستطيعوا بذلك قصف المدن الإسرائيلية عن بعد، على نحو خطير، وتكون إصابة المواقع العسكرية الإسرائيلية داخل إسرائيل في منتهى الدقّة».
إلا أن ما اعتبره شيف «مفاجأة» بالنسبة إلى اسرائيل هو أن تنامي القوة السورية شمل ايضاً المجال البحري بعدما «كان السوريون قد توقفوا عن استخدام غواصاتهم القديمة، وأصبحت بوارجهم قديمة»، واقتصر دور سلاح البحرية السوري على حماية السواحل عبر الصواريخ البحرية.
وأرجع شيف السبب في ذلك الى نتائج حرب لبنان الثانية، التي شجعت دمشق على الاهتمام بسلاح البحرية، بمساعدة الإيرانيين. وأوضح أن «حزب الله حقق نجاحاً في استخدام الصاروخ الصيني سي 802، الذي عدَّله الإيرانيون، عندما أصاب البارجة وقتل أربعة من افراد طاقمها وتسبب لها بأضرار بالغة». ويؤكد التقرير أن «الإيرانيين زودوا السوريين بالصاروخ نفسه» وهو ما يعني «أن التهديد السوري البحري ازداد مقارنة بالماضي، وأنه لدى سلاح البحرية السوري قدرات جديدة للشروع في شن هجوم».
وتعليقاً على تقرير «هآرتس»، قال وزير الدفاع، عامير بيرتس، إن على إسرائيل الامتناع عن تصريحات إضافية في الموضوع السوري. ودعا بيرتس، خلال الاجتماع الأسبوعي لتقدير الوضع مع قادة المؤسسة الأمنية، إلى الامتناع عن التصعيد الكلامي إزاء دمشق، مؤكداً أن الوضع سيُفحص وفقاً للحقائق وأن الجيش الإسرائيلي سيستعد بما يتناسب مع ذلك. كما أعلن مستشار وزير الدفاع الاسرائيلي، الجنرال احتياط عاموس جلعاد، للإذاعة الاسرائيلية، أنه «ليست هناك معلومات تشير الى أن السوريين يستعدون لمهاجمتنا في الاشهر المقبلة». وأضاف إن قيام سوريا «بتعزيز قدراتها العسكرية لا يعني اننا سنتعرض لهجوم غداً، لكن بالتأكيد علينا ان نكون مستعدين لذلك»، مشيرا الى أن زئيف شيف «يتمتع بصدقية كبيرة بشكل عام».
وقال مصدر عسكري في قيادة المنطقة الشمالية، لوكالة «فرانس برس»، إن «هناك توتراً واضحاً عند الحدود الاسرائيلية ــــ السورية، حيث عززت سوريا انتشارها العسكري منذ الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان». وأضاف إن انتشار القوات السورية والاسرائيلية في هذه المنطقة من الحدود «اليوم أكبر بكثير».
ويُشار الى أن الجيش الاسرائيلي أجرى مناورات ضخمة اول من أمس في هضبة الجولان شاركت فيها وحدات برية والدبابات والمدفعية والطيران.
وفي هذا السياق، قالت «هآرتس» إن روسيا وسوريا قريبتان من إبرام صفقة ضخمة تبيع موسكو بموجبها صواريخ مضادة للدروع إلى الجيش السوري. وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل بذلت جهوداً كبيرة لعرقلة الصفقة، إلا أن المعلومات التي وصلت إلى تل أبيب أخيراً تؤشر إلى رجحان فشل هذه الجهود.
وكانت روسيا، بحسب الصحيفة، قد تعهدت لإسرائيل في أعقاب حرب تموز الأخيرة إعادة النظر في صفقات أسلحة عديدة مع دمشق، بعدما تبين خلال الحرب حيازة حزب الله صواريخ مضادة للدروع روسية الصنع زودته بها سوريا.
وقالت «هآرتس» إن وفداً إسرائيلياً ضم أعضاء من مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية «قدم أدلة دامغة إلى مسؤولين روس شملت صواريخ من طراز كورنيت وماتيس غنمها الجنود الإسرائيليون» من أحد مخازن المقاومة إبان العدوان وإلى جانبها «وثائق تثبت أن هذه الصواريخ اشتراها الجيش السوري من روسيا قبل أن يسلمها إلى حزب الله».
إلا أن تل أبيب تخشى الآن من عدم التزام روسيا تعهدها، الذي تضمن تشديداً على ضمان عدم وصول السلاح الذي تبيعه لسوريا إلى «منظمات إرهابية»، وذلك في ظل تقدير يفيد بقرب إبرام الصفقة الجديدة. ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، فإن الصفقة تتعلق بشراء آلاف الصواريخ المتطورة، وتبلغ قيمتها مئات ملايين الدولارات.
وتثير هذه الصواريخ تخوفاً إسرائيلياً في ضوء النجاح الذي حققته في الحرب الأخيرة، حيث تمكنت من تدمير عشرات الدبابات الإسرائيلية من طراز «ميركافا»، التي تعدّ الأكثر تدريعاً في العالم، الأمر الذي «أثار إعجاب الجيوش العربية»، بحسب «هآرتس».
ونتيجة لذلك، أصبحت هذه الصواريخ تمثّل قضية مقلقة للجيش الإسرائيلي «الذي يجد صعوبة في تأمين رد عليها»، ولا سيما أنها تتمتع بدقة إصابة، ويمكن إطلاقها من مسافات بعيدة تصل إلى خمسة كيلومترات.


هناك توتر واضح عند الحدود الاسرائيلية ــ السورية، حيث عززت سوريا انتشارها العسكري منذ الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان