يديعوت أحرونوت ـــ ب. ميخائيل
لا تزال القصة المعروفة باسم «العملية في سوريا» تثير خيال الصحافيين في أنحاء العالم، ولا يمر أسبوع من دون أن تنشر رواية جديدة في صفحات هذه الأسطورة.
في الأسبوع الماضي، انضمت أيضاً «الأفييشن ويك»، وهي صحيفة محترمة، إلى ناسجي الأساطير. كتبت لقرائها أن القمر الصناعي الإسرائيلي «أوفيك 7»، الذي أُطلق الى الفضاء في حزيران 2007، هو أول من وجّه إصبعاً إلكترونية اتهامية الى الموقع المشتبه بأنه مفاعل ذري.
الأسئلة المحيّرة ترفض الاختفاء، وإليكم بعضاً منها:
• في البدء نُشرت صور أقمار صناعية من سنة 2007، وكأن المبنى المكعب قد اكتُشف في هذه السنة فقط (أنظر «الأفييشن ويك» المذكورة آنفاً). كُشفت سريعاً أيضاً صور من أيلول 2003 تبين أن الاستخبارات الأميركية تعرف هذا المبنى منذ أربع سنين. فلماذا إذاً سُرِّب الخبر تسريباً مغرضاً وكأن اسرائيل هي التي نقلت المعلومات الى الأميركيين؟ أليس من الأكثر منطقية أن تكون هذه المعلومات قد تسربت بالطريق المعاكس؟
• يستطيع أي ولد يمتلك حاسوباً شخصياً (الآن أيضاً) أن يرى «المفاعل» في برنامج غوغل ـــــ إيرث. إليكم الإحداثيات: 35.4224.68 ــــ شمال، 39.4956.44 ـــــ شرق. يتضح لمن يتجول هناك سريعاً أن القصة أكثر قدماً. يبدو المبنى الرئيس في «غوغل» حاداً وواضحاً، لكن يغيب من الصورة تماماً المبنيان الآخران ـــــ «محطة سحب الماء» على ضفاف النهر، والمبنى المستطيل شمالي «المفاعل» قليلاً. يظهر في صور عام 2003 جزء من المبنى المستطيل، لكن «محطة سحب الماء» لا تزال غير موجودة. لا يجب إذاً أن تكون عبقرياً كبيراً لتدرك أن صور الأقمار الصناعية في «غوغل» قد التقطت قبل أيلول 2003، أي أن هذا «المفاعل» قد مر عليه خمس سنين على الأقل، وربما أكثر، ولم يتغير فيه شيء تقريباً في أثنائها. فما الذي حدث بالضبط وجعل العملية مستعجلة وحيوية جداً؟
• يوصلنا البحث في «غوغل ــــ إيرث» إلى معلومة تكاد تكون مضحكة، وهي أن «المفاعل» غير محاط بجدار. لا يوجد هناك سور، ولا برج حراسة، ولا مبانٍ سكنية، ولا طرق للدوريات، ولا مواقع مضادة للطائرات، ولا ثكنة ولا أي شيء. إنه موجود على شاطىء النهر بين شارعين مدنيين، لا يوجد حتى محطة شرطة عند مداخله. أهذا جدّي؟
يبدو أن شخصاً ما في المدة الأخيرة صرف انتباه اسرائيل الى هذه الحجة الواهية. ولهذا استُلّ تعليل عجيب سريعاً: كانت المنشأة سرية جداً الى حد أن الجيش السوري لم يعرف بها، ولهذا لم توجد حراسة لها.
• يجب أن تكون فاقداً لحاسة الشم تماماً كي لا تشم الرائحة الثقيلة التي تنبعث من القصة كلها، رائحة خدعة سياسية ـــــ استخبارية، تشبه الى حد التقزز الخدعة التي سبقت حرب العراق. نحن أمام سلسلة من صفقات الاستخبارات الدورية الاحتكارية، ومراكمة جبال من السخافات على فتات معلومات، وقرن هذه العصيدة كلها باحتياجات سياسية للقادة ومعسكراتهم، هنا وفي الولايات المتحدة أيضاً.